أعلن مارك زوكربيرغ
الرئيس التنفيذي لشركة "ميتا" المالكة لموقع فيسبوك عن تغيير آلية
توثيق
الحسابات على المنصة الاجتماعية، حيث أصبح بإمكان المشتركين الاستفادة من هذه
الميزة بمقابل مادي يبلغ 11.99 دولار يدفعه المستخدم شهريا.
وقال زوكربيرغ، مؤسس
موقع فيسبوك، إن خدمة توثيق الحساب بشرطها الجديد ستضمن للمستخدمين حمايتهم من
انتحال هوياتهم، كذلك سيمنح حساباتهم حماية أمنية إلكترونية إضافية.
وبهذا القرار تلحق
فيسبوك بتويتر في مجال تقديم خاصية توثيق الحساب بمقابل مادي، حيث أعلنت
الأخيرة عن هذه الخدمة بعد أن استحوذ رجل الأعمال إيلون ماسك على الموقع، بحيث
أصبح بإمكان مستخدمي المنصة توثيق حساباتهم مقابل 8 دولارات شهريا.
تجربة فاشلة
وأثار قرار الشركتين
تحويل خدمة التوثيق من مجانية إلى مدفوعة مخاوف المستخدمين من أن تصبح معظم خدمات
هذه المنصات بمقابل مادي، وكذلك هناك خشية من أن تحذو بقية المنصات الاجتماعية حذو
الشركتين وتجعل بعض خدماتها أو معظمها مدفوعة الثمن.
الأمر الذي دفع
للتساؤل حول تأثير قيام الشركتين بتحويل خدمة مجانية إلى مدفوعة على مستقبلهما وعلى
مجانية الحسابات على مواقع وتطبيقات هذه
الشركات؟
البروفيسور أحمد
بانافع، الأستاذ في كلية الهندسة بجامعة سان هوزيه الحكومية في كاليفورنيا، يرى أن
"تجربة تويتر في ما يخص تحويل خدمة توثيق الحساب من مجانية إلى مدفوعة لم تحقق
النجاح المطلوب منها، حيث إن من قاموا بتوثيق حساباتهم بعد هذا القرار هم نسبة بسيطة وأما
البقية فامتنعوا عن دفع رسوم هذه الخدمة ولم يفعلوها".
وأوضح بانافع خلال
حديثه لـ"عربي21"، أن "امتناع الكثير من مستخدمي تويتر عن دفع
الاشتراك المالي لخدمة توثيق الحساب، دفع إيلون ماسك إلى أن يقوم بعمل خدمة أخرى
بمقابل مادي وهي تأمين الحساب عبر رسالة نصية كما أنه وعد بتقليص الإعلانات".
وأكد أن "المشكلة
هي أن يقتنع المستخدم بالخدمة، بمعنى أن تساوي قيمة الاشتراك المادية، لذلك فإنه برأيي
إذا لم يكن هناك فوائد أخرى فستفشل الشركة، خاصة أن عدد المشتركين الموثقة حساباتهم
حوالي 300 ألف مستخدم من أصل 300 مليون".
ونبه أيضا إلى أن
"مبلغ الاشتراك الذي أقرته شركة ميتا أيضا مرتفع، وحينما نقارن بين فيسبوك و
لينكد إن، نرى أن الأخير نعم لديه خدمة الاشتراك الشهري، ولكنه بالمقابل يقدم خدمات
مميزة".
من جانبه اعتبر
الاستشاري في الإعلام الجديد خالد صافي، "تفعيل خدمة توثيق الحساب بمقابل
مادي في الموقعين أمرا طبيعيا، فالشركات بشكل عام حينما تنطلق تسعى لتحقيق الربح
المادي".
وأوضح صافي خلال حديثه
لـ"عربي21"، أن "هذه الشركات لتحقيق الربح تتبع توجهات أساسية
ثلاثة؛ أولا جني أرباح من اشتراكات الأشخاص، وثانيا الاعلانات على منصاتها، وثالثا
تقييد الخدمات على فئة من المجتمع بشكل مجاني وتقييد الوصول إلى الخدمات الأخرى
إلا بمقابل مالي، وعادة لتحقيق ذلك يُطلق النسخة المتقدمة أو المتطورة".
وحول إمكانية توجه
مواقع تواصل اجتماعي أخرى إلى نفس الاتجاه، قال صافي: "سنرى مستقبلا شركات تعمل
في نفس المجال تلجأ لتطبيق هذه السياسة، خاصة أن قبول مستخدمي تويتر بشرط دفع 8
دولارات شهريا مقابل التوثيق تظهر أن الخدمة ناجحة، وبالتالي فإنه يمكن أن تستخدمها
الشركات الأخرى دون الخوف من هروب مشتركيها".
وأوضح أن "فيسبوك
بقراره هذا لم يخالف أهم بند في بنود منصته وهي مجانية الحساب، هو فقط حول خدمة
غير أساسية من مجانية إلى مدفوعة، وهي اصلا كانت تتم بمعايير محددة خاصة بالموقع".
مواقع نخبوية
ولكن مع بدء تحويل أهم
منصتين اجتماعية بعض الخدمات من مجانية إلى مدفوعة، هل سنرى هذه المواقع أو غيرها
التي يمكن أن تنطلق مستقبلا تكون حكرا على النخب أو من يدفع أكثر؟
قال الخبير خالد صافي:
"الأمر لا يمكن تفسيره بهذه الصورة، فهو حينما يحول خدمات مجانية لمدفوعة
يحول فقط الخدمات التي لم تكن أساسية".
وتابع: "الاشتراك
والدخول للموقع سيظل مجانيا، كذلك سيظل تصفح التغريدات مجانيا، لكن إذا كان هناك بعض
الخدمات التي سيتم تفعيلها ماليا فهي مثل خدمة التوثيق أو خدمة المحتوى الخاص لبعض
الأشخاص، بمعنى خدمات غير أساسية ويمكن للمستخدم الاستغناء عنها، لذلك فإنه عمليا ليست هناك خشية من تحول هذه المنصات إلى نخبوية فقط، خاصة أن الرأسمال الحقيقي لهذه
الشركات هم البشر - المستخدمون".
بالمقابل قال الأستاذ
في كلية الهندسة بجامعة سان هوزيه الحكومية في كاليفورنيا، أحمد بانافع: "نعم
من الممكن أن نرى مستقبلا مواقع نخبوية، وفي الواقع فإن هناك أمثلة لهذا موجودة حاليا،
أهمها موقع لينكد إن، حيث يتوفر لديه اشتراك شهري مقابل تقديمه ميزات إرسال رسائل
وتقديم نظرة أعمق على إحصائيات الحساب".
وتابع: "لكن
المشكلة في قرار فيسبوك الأخير أنه سيطلب بطاقة شخصية حكومية من المشترك، وهذا
الأمر يشكل مشكلة لأن الثقة بالموقع مفقودة فكيف يمكن أن يمنحه المستخدم بطاقة أو
هويته الشخصية".
وعن إمكانية إلغاء
مجانية فتح حساب على هذه المنصات أو تقليل الخدمات المجانية بشكل عام، قال: "في اعتقادي سيحاول موقع تويتر تقليل عدد تغريدات الحسابات غير الموثقة،
وشاهدنا بوادر هذا الأمر في العطل الذي أصاب الموقع قبل شهر تقريبا نتج عنه وصول
تنبيه للمستخدمين بأنهم وصلوا إلى الحد الأعلى من التغريدات".
وأكد أن "هناك
اتجاها لدى الشركات المالكة لمنصات التواصل الاجتماعي يهدف لتقليل الخدمات
المجانية، ولكن هناك تحديات كبيرة أمام هذا التوجه، وتبرز أيضا أسئلة متعلقة حول
كيف يمكن لهذه الشركات إقناع المستخدم بالخدمة حتى يدفع مقابلها".
التأثير على الشركات
ومع قبول البعض بدفع
مبلغ شهري مقابل خدمات كانت مجانية، وما يقابله من امتعاض مستخدمين أخرين من هذا
القرار، يبقى السؤال الأهم ما تأثير هذه القرارات على الشركات؟
يؤكد الاستشاري في
الإعلام الجديد خالد صافي، أن هذه القرارات لن تؤثر على عدد المشتركين، كذلك لن
تؤثر سلبا على الشركات، بل على العكس ستزيد مصادر الدخل، أيضا ستطلق سباقا محموما
ما بين الشركات والجهات المهمة والشخصيات الاعتبارية كالسياسيين والمدراء
التنفيذيين لضخ الأموال في سبيل الاشتراك بخدمة توثيق الحساب".
وأوضح أن "دفع مبلغ
شهري مقابل توثيق الحساب ستزيد أيضا من الدخل للشركة خاصة أن مسألة التوثيق مرتبطة
في أذهان الناس يضمن استقرار الحساب وعدم تعرضه للاختراق وضمان استرجاعه وضمان
التواصل السريع مع الدعم الفني".
وتابع: "رأينا
كيف أكد مارك زوكربيرغ أن التوثيق سيسرع الاستجابة من قبل الدعم الفنى للحسابات
الموثقة، وسيحصلون على رد وحل سريع لمشاكلهم، وهذا سيغري عددا كبيرا من الناس من
أجل الدخول إلى هذه المنصة واستخدامها".