دعا المؤرخ سايمون شاما، اليهود في المملكة المتحدة إلى التنديد بتحول دولة الاحتلال
الإسرائيلي "المرعب" إلى
اليمين المتطرف، في الوقت الذي يتصاعد فيه
عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية.
وفي
تقرير على صحيفة "ذي أوبزيرفر" يقول المؤرخ سايمون شاما إنه يتوجب على يهود
بريطانيا أن يرفعوا أصواتهم احتجاجاً على "تفسخ الآصرة التي قامت عليها دولة إسرائيل".
وأوضح المؤرخ شاما، أن "إسرائيل" تخاطر بالتحول إلى "ثيوقراطية قومية" من خلال اشتمالها على أحزاب دينية ويمينية شديدة التطرف داخل الائتلاف الحكومي الذي يترأسه بنيامين
نتنياهو.
وأشار إلى أن ما يجري يقلق اليهود في كل أنحاء العالم، معربا عن تخوفه من أن وثيقة "إعلان استقلال إسرائيل عام 1948" قد تفسخ.
وتاليا تقرير الصحيفة البريطانية كما ترجمته "عربي21":
يقول المؤرخ سايمون شاما إنه يتوجب على يهود بريطانيا أن يرفعوا أصواتهم احتجاجاً على "تفسخ الآصرة التي قامت عليها دولة إسرائيل".
تأتي دعوته تلك في خضم حالة من الانزعاج شهدتها أوساط اليهود في بريطانيا والولايات المتحدة إزاء الأخطار التي باتت تحدق بالديمقراطية الإسرائيلية، وما يرتكب من اعتداءات عنيفة ضد الفلسطينيين، وما تمارسه الشرطة من قمع ضد المحتجين الإسرائيليين.
ويوم السبت المقبل، سوف يخرج الإسرائيليون الذين يعيشون في بريطانيا إلى الشوارع للتعبير عن معارضتهم للأعمال التي تمارسها أكثر الحكومات الإسرائيلية يمينية في تاريخ البلد الذي بدأ قبل خمسة وسبعين عاماً.
ويخطط المغتربون الإسرائيليون واليهود في بلدان أخرى وقفات احتجاجية تضامناً مع المظاهرات الضخمة التي تنظم في تل أبيب والقدس ضد الحكومة.
وفي مؤشر على تبدل في المزاج، أصدر مجلس مندوبي يهود بريطانيا، الذي يعتبر محافظاً وشديد المناصرة لإسرائيل، بياناً نادراً ندد فيه بدعوة وزير إسرائيلي كبير إلى محو بلدة فلسطينية في الضفة الغربية عن الوجود رداً على جريمة قتل إسرائيليين اثنين.
وقال المجلس في بيانه: "ندين بشكل مطلق تصريحات بتسالئيل سموتريتش التي طالب فيها الحكومة الإسرائيلية بمسح قرية كانت قبل أيام مضت قد تعرضت لاعتداء من قبل المستوطنين الإسرائيليين. نأمل أن تبادر أصوات مسؤولة داخل الائتلاف الحاكم إلى التبرؤ علانية من هذه التصريحات ومن أي تصريحات أخرى مشابهة.".
وطبقاً لما يقوله مصدر من داخل المجلس، إن البيان الصادر عنه يعكس حالة الانزعاج الشديد التي تسود أوساط يهود بريطانيا من كافة أنحاء الطيف السياسي إزاء "المتطرفين الخطرين" داخل الحكومة الإسرائيلية.
ثيوقراطية قومية
قال شاما في حديث مع صحيفة
ذي أوبزيرفر إن إسرائيل تخاطر بالتحول إلى "ثيوقراطية قومية" من خلال اشتمالها على أحزاب دينية ويمينية شديدة التطرف داخل الائتلاف الحكومي الذي يترأسه بنيامين نتنياهو.
وكانت حقائب حكومية أساسية قد أوكلت إلى المتطرفين إيتمار بن غفير وسموتريتش – وكلاهما مستوطنان عقائديان يعلنان التزامهما بضم الضفة الغربية إلى إسرائيل.
وبدأت الحكومة باتخاذ إجراءات لتقويض استقلال القضاء وتوسيع المستوطنات الإسرائيلية في المناطق المحتلة.
وبينما أخفق الجيش في الحد من تصاعد عنف المستوطنين، فقد لجأت الشرطة في الأسبوع الماضي إلى إطلاق قنابل الصوت واستخدام المياه لتفريق المتظاهرين السلميين في تل أبيب.
وقال شاما في تصريحه: "هذا الأمر يقلق اليهود في كل أنحاء العالم. فهو شيء مرعب بكل ما تعنيه الكلمة.". وقال إن إعلان استقلال إسرائيل في عام 1948 – "والذي يعتبر وثيقة نبيلة تعهدت بمنح حقوق متساوية للجميع من مختلف الأديان والأعراق" – قد تفسخ، مضيفاً أن على اليهود أن يرفعوا أصواتهم احتجاجاً، مبيناً أن القيام بذلك لا يعني بحال "خيانة إسرائيل، وإنما هو تعبير مفعم بالعاطفة عن الدعم للأعداد الضخمة من الناس [في إسرائيل] الذين يشعرون بنفس ما نشعر به من حزن وأسى. ينبغي ألا نجبن عن قول الحق.".
لحظة خطرة لإسرائيل
وأما مارغريت هودج، عضوة مجلس النواب المخضرمة عن حزب العمال ورئيسة حركة العمال اليهودية داخل البرلمان، فقالت إن "الاعتداء على
الديمقراطية" مجتمعاً مع "الاعتداءات البشعة على حقوق الفلسطينيين" يخلق "لحظة خطرة" بالنسبة لإسرائيل.
لطالما كانت "صديقاً ناقداً" لإسرائيل، ولكنها قالت إنها وغيرها من اليهود البريطانيين يتوجب عليهم الآن أن يكونوا "أعلى صوتاً. وينبغي أن يكون صوت الشتات اليهودي أقوى نبرة، ويجب علينا أن نمارس ما بوسعنا من ضغط للحد من تجاوزات الحكومة الإسرائيلية".
وقال أنطوني جولياس، أحد أبرز المحامين اليهود في بريطانيا، إن الحكومة الإسرائيلية تتضمن داخلها "أسوأ سمات الأحزاب الشعبوية المناهضة للديمقراطية الليبرالية التي تنشط في أوروبا وأمريكا، ولكن بنكهة خاصة من الحدة اليهودية المتناقضة".
وقال في تصريحات نشرتها صحيفة
هآرتس الشهر الماضي إن التغييرات الكاسحة التي تمنح الحكومة صلاحيات تامة في تعيين القضاة وتسمح للبرلمان بتجاوز قرارات المحكمة العليا تعتبر "مدمرة".
وحسبما يقول الحاخام جوناثان رومين فإن "الأغلبية العظمى" من جماعته في ميدنهيد، بمقاطعة يبركشاير، "يساورهم قلق عميق" بشأن ما يجري في إسرائيل. وقال رومين: "إن الفصيل المتطرف داخل الحكومة معاد للمثليين، معاد للنساء، معاد للحريات المدنية، معاد للتعددية، ومعاد للفلسطينيين. ثمة تحول في مزاج يهود بريطانيا من مؤيدين بشكل مطلق [لإسرائيل] إلى موقف الأصدقاء الناقدين – وهم الآن يعبرون عن ذلك النقد علانية". وقال إن أتباعه "أكثر قلقاً من أي وقت مضى بشأن الاتجاه الذي تسير فيه إسرائيل".
مسيرة "دافعوا عن ديمقراطية إسرائيل"
وقال منظمو المسيرة الاحتجاجية التي ستنظم نهاية الأسبوع القادم تحت شعار "دافعوا عن ديمقراطية إسرائيل"، إن المسيرة مفتوحة أمام جميع المغتربين الإسرائيليين وأمام "جميع أنصار إسرائيل والديمقراطية". وقال روفين زيغلر، أستاذ القانون في جامعة ريدينغ والذي سيتحدث في المظاهرة: "إن المظاهرات عمل وطني لأنها محاولة لإنقاذ إسرائيل من ارتكاب أخطاء جسيمة من شأنها في نهاية المطاف أن تغير من صفتها. وهي أبعد ما تكون عن العداء للدولة الإسرائيلية. منذ أن تشكلت هذه الحكومة وهي توفر أسباباً كثيرة للناس في الشتات حتى يشعروا بالإقصاء عنها".
وتقول هانا ويسفيلد، مديرة ياشاد – وهي منظمة بريطانية تؤيد التوصل إلى حل سياسي للصراع الإسرائيلي الفلسطيني: "في الماضي، وفي مواجهة تعبيرات معينة من معاداة السامية، شعر كثير من اليهود بالحاجة إلى الدفاع عن إسرائيل، سواء كانت صائبة أم مخطئة. لربما بدأ هذا الإحساس بالوهن، ولكن في نهاية المطاف تتحمل المسؤولية عن ذلك وبشكل مباشر الحكومة الحالية. هناك حالة من القلق الحقيقي داخل المجتمع بشأن سموتريتش وبن غفير. وكان اعتداء المستوطنين على حوارة نقطة تحول مهمة".
وقالت إن الناس بدأوا يدركون وجود "ارتباط بين إجهاض الديمقراطية وانطلاق المستوطنين في الضفة الغربية يعيثون فيها فساداً. إنه لأمر مؤلم جداً بالنسبة ليهود بريطانيا، وبخاصة لأولئك الذين ينحدرون من خلفية المدرسة القديمة للصهيونية. كثيرون لديهم عائلات في إسرائيل تخبرهم بأن ثمة دكتاتورية تتشكل هناك. لسنا عند نقطة التحول بعد، ولكني أعتقد أننا نتجه نحوها".
نددت ستة بلدان أوروبية، بما في ذلك بريطانيا، يوم السبت بالهجوم الفلسطيني المسلح الأخير الذي أودى بحياة مواطنين إسرائيليين في الضفة الغربية المحتلة وطالبت إسرائيل بوقف توسيع الاستيطان هناك. وقالت البلدان الستة في بيانها المشترك: "نحث الحكومة الإسرائيلية على التراجع عن القرارات الأخيرة بالمضي قدماً في بناء أكثر من سبعة آلاف وحدة إنشائية استيطانية في أرجاء الضفة الغربية وفي إضفاء الشرعية على البؤر الاستيطانية المتقدمة".