عبر كاتب
إسرائيلي، عن خيبة أمله من المصالحة التي تمت
بين
السعودية وإيران، منتقدا بشدة موقف إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن من العرض
السعودي المتمثل بـ"
التطبيع مقابل
النووي".
وأوضح جاكي خوجي في مقاله بصحيفة "
معاريف"
العبرية، أن الرئيس الصيني شي جين بينغ حقق "انتصارا مزدوجا" عقب نجاحه
في استئناف العلاقات بين السعودية وإيران بعد قطيعة استمرت 6 سنوات، "الأول؛
القيام بعملية وساطة في أيام صعبة، حيث لم يسبق للصينيين أن كانوا وسطاء في نزاع
في الشرق الأوسط، أما الآن، فقد تحولوا من لاعب اقتصادي إلى عامل سياسي".
ولم يتستر الكاتب الإسرائيلي على قلقه من المصالحة بين
الرياض وطهران، حيث رأى أنه ما زالت هناك "هوة بين الدولتين، وجسرها بحاجة
لترميم الثقة في مسيرة تتطلب سنوات، وهذه جراح مفتوحة والفجوات تتعلق بمسائل
أساسية، على رأسها النووي
الإيراني".
وزعم أن "السعودية؛ سيصعب عليها العيش إلى جانب جار
نووي وتقيم معه علاقات عادية وكأن شيئا لم يكن، وإيران سترفض على أي حال أن تنزع
عنها صفة الدمية المعتبرة مما سيترك دوما مستوى ما من التوتر بينهما".
ونوه خوجي، أن "السعودية تحاول المرة تلو الأخرى
تقليص دونيتها النووية بمعونة البيت الأبيض، منذ بضع سنوات وهم يطلبون من واشنطن
منحهم رزمة نووي تضم؛ المعرفة لإقامة مفاعل نووي لإنتاج الطاقة وكذا الضوء الأخضر
لمشروع، تمنح له شرعية دولية".
ولفت إلى أن اليد السعودية التي اختارت في البداية
الأمريكيين "ردت بكياسة، البيت الأبيض وخاصة في عهد جو بايدن الذي لا يثق
بالسعودية، فالرئيس بايدن ورجاله يخشون من أنها قد تستخدم المعرفة التي تتلقاها
لأغراض سلمية مع مرور الوقت مثلما استخدمتها إيران".
وذكر أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان "سمح
لإسرائيل أن تفهم أنه مستعد لأن يقتحم إلى الأمام بالسلام (التطبيع) حتى دون
المطالب العالية في الموضوع الفلسطيني، لكنه انتظر البشائر الطيبة من واشنطن،
وكانت هذه هي الصفقة المقترحة؛ التطبيع مع إسرائيل مقابل النووي، وكان لديه الأمل
أن تعمل تل أبيب كمن يوصي بهم في هذا الشأن، لكن البيت الأبيض تأخر، وسجلت السعودية
تقدما مع إيران، والتطبيع مع إسرائيل ابتعد، والتاريخ وحده سيعرف كيف يحكم إذا كنا
خسرنا".
وأضاف: "كثيرون ممن يعملون في السياسة، يعتقدون أن
بايدن لا يزال قادرا على إعادة السعودية لحضن أمريكا إذا ما منحها مطالبها،
فالرياض لم تغلق الباب"، منوها أن "طهران تسير من نجاح إلى نجاح، بعد أن
نفضت عنها الاتفاق النووي الذي يقيدها، وهي تندفع نحو القنبلة، وعلم مؤخرا أنها
خصبت يورانيوم بمستوى 84 في المئة، وفي الشرق نجحت في توثيق علاقاتها التجارية
والسياسية مع الصين، وفي الغرب رفعت مستوى علاقاتها مع موسكو، وفي السنة الأخيرة
تورد للجيش الروسي وسائل قتالية حيوية، وها هي قد نجحت في تحييد السعودية، وبعد
لحظة سيعلن عن "ربيع طهران".
وحذر الكاتب من أن تقع تل أبيب في "خطأ التذكير بأن
خطوة التقارب، من ناحية السعودية نبعت كلها من خيبة الأمل المتعلقة بالنووي،
فالسعودية توجد في زخم تنمية هائل، وابن سلمان من أجل تنفيذ رؤيته يحتاج لمئات
مليارات الدولارات في السنة".
وتابع: "هذه المليارات يجدها في مالية المملكة، هذا
الصندوق تسرب منه في العقد الأخير إلى الخارج مال عظيم بذر على تمويل الحرب ضد
إيران والحرب في اليمن، كما مولت السعودية جماعات في سوريا لإسقاط بشار الأسد
وإضعاف إيران، وفي العراق يدعمون القبائل السنية لصد النفوذ الشيعي، وفي لبنان
يمنحون كتفا ساخنة للسنة وللجيش".
ورأى أن "السلام زهيد الثمن مقارنة بالحرب، وعليه،
المصالحة أمر صائب بالنسبة للدولتين، وإذا ما نجح، سيتمكن القصر من توجيه
المليارات للتنمية الاقتصادية، وهكذا أيضا إيران، الصراع ضد السعوديين جبا منها
مالا طائلا على مدى السنين، وهي تحتاج هذا المال كالأكسجين، ومن المصالحة هي كفيلة
بأن تكسب أضعافا، الصداقة مع السعودية ستقربها من العالم العربي، وبوسعها أن تخلق
شقا واسعا في العقوبات الدولية، المصالحة ستضعف أعداءها سياسيا، إسرائيل، الولايات
المتحدة والاتحاد الأوروبي، ومن يدري إلى أين سنصل".
وأشار خوجي، إلى أن "المصالحة بين الرياض وطهران في
بدايتها، ومن السابق لأوانه التنبؤ إلى أين ستصل، لكن منذ الآن يمكن أن نتعلم منها
درسا يكرر نفسه لدى جيراننا، بخاصة أبناء القبائل، الكراهية ليست خالدة، ومهما تكن
الظروف، فإنها لن تغلق في أي مرة الباب أمام الآخر، دوما سيكون ممكنا فتحه، حتى لو
مرت سنوات طويلة وحتى لو سكبت أنهار من الدماء".