نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" افتتاحية حول غزو
العراق، الذي مرت ذكراه العشرين هذا الأسبوع، وقالت فيها؛ إن الغزو الذي قادته
الولايات المتحدة أصبح مثلا يضرب به عن التدخل الأجنبي الكارثي.
وقالت فيها: "في الليلة التي أعلن فيها الرئيس جورج دبليو بوش للعالم من أن تحالفا تقوده الولايات المتحدة غزا العراق، قال؛ إن واحدا من الأهداف هي مساعدة العراقيين على بناء "بلد موحد، مستقر وحر". ومع ذلك وبعد 20 عاما من قعقعة صوت الدبابات التي اجتازت الحدود إلى العراق، فهناك شيء واحد يوحد العراقيين، حس الخيبة من الحالة التي وصل إليها بلدهم المحاصر".
صحيح أن العراقيين حصلوا على فرصة للتصويت منذ الإطاحة بصدام حسين في 2003، لكن بعد عقدين، عانوا فيها من دورات العنف الرهيبة وسنوات من حكومات عقيمة وفاسدة، فالعراق ليس ديمقراطية مستقرة أو فاعلة. وأدت انتخابات متعاقبة إلى تحالفات ضعيغة مكونة من فصائل متنافسة مهتمة بإثراء نفسها، والشبكات التي ترعاها أكثر من تنمية وتطوير البلد.
وتظل القوى السياسية المهيمنة متحالفة مع الجماعات الشيعية المسلحة ومعظهما يحظى بدعم من إيران، ونزوات هذه الجماعات هي ما يحدد استقرار البلد. وبدلا من إظهار تحرير العراق "قوة الحرية والتحول في المنطقة" كما وعد بوش، فقد أصبح الغزو الأمريكي مثلا عن التدخلات الأجنبية الكارثية، ومخاطر محاولة تغيير الأنظمة بدون خطة واضحة لما بعد. والأسوأ من هذا، هو أن الحرب شنت بناء على مبرر كاذب؛ وهو ان العراق يملك أسلحة دمار شامل، مما دمر الثقة العالمية بالولايات المتحدة وزعمها بقيادتها الأخلاقية للعالم. ولا يزال الضرر يتردد حتى اليوم.
وأدت الحرب إلى فتح الباب أمام الجارة إيران لكي توسع تأثيرها في المنطقة وحرف دينامية القوة في الشرق الأوسط وإثارة التوترات الطائفية. وفي دراسة للجيش الأمريكي حول حرب العراق نشرت عام 2019، توصلت إلى أن "إيران المتجرئة والتوسعية هي المنتصر الوحيد". كما وعزز إسقاط صدام حسين من قوة الجماعات الشيعية التي للكثير منها علاقات مع الجمهورية الإسلامية. ومنح العراق الضعيف والفوضى تربة خصبة لولادة الجماعات الجهادية السنية. وأنفقت الولايات المتحدة 20 مليار دولار على إعادة بناء قوى الأمن العراقية، بعد قرارها الأحمق حل الجيش العراقي وحزب البعث.
وعندما واجه قوة ضاربة مثل عام 2014 عندما هاجم تنظيم الدولة، فقد ذاب الجيش الجديد وانهار. واقتضى الأمر أربعة أعوام وتحالفا دولاي جديدا لطرد الجهاديين من معاقلهم القوية.
ورغم استقرار الوضع الأمني، إلا أن نظام الحكم لم يتحسن، وتنتشر البطالة بين الشباب وتواجه الدولة مشاكل في تقديم الخدمات الأساسية، وذلك بسبب تحول الوزارات إلى إقطاعيات للجماعات السياسية. ورغم مليارات الدولارات التي أنفقت على إعمار البلاد، إلا أن البلد الغني بالنفط يعاني من انقطاع التيار الكهربائي وبشكل مستمر، وبخاصة في وقت الصيف حيث ترتفع درجة الحرارة إلى 50 درجة مئوية.
وتواصل المليشيات المسلحة بتخويف وقتل من يحاولون تحدي قادتهم ومطالبتهم القيام بواجبهم.
وعندما خرج الشبان المحبطون إلى الشوارع عام 2019 قتل حوالي 600 محتج. وفي آخر انتخابات برلمانية في العام الماضي، صوتت نسبة 38% من الذين يحق لهم الإدلاء بأصواتهم وهو شجب واضح من العراقيين اليائسين. ولم يعد الأمر غريبا سماع السنة والشيعة على حد سواء الشكوى من الحياة في عهد صدام كانت أحسن. والنقطة المضيئة في العراق اليوم هي الجيل الشاب، ويمثلون نسبة 60% من السكان تحت سن الخامسة والعشرين، وسيقودون عملية التغيير في يوم ما. وحتى ذلك الحين، فسيظل إرث تلك الحرب التي خطط لها بشكل سيئ ونفذت بشكل أسوأ، يمزق الدولة العراقية ونسيج المجتمع العراقي.
للاطلاع على النص الأصلي (
هنا)