لم تتأثر
البنوك الأمريكية الكبرى بالعاصفة التي هزت القطاع المصرفي بعنف في آذار/مارس الماضي،
فنتائجهم الفصلية في حالة جيدة، معززة بشكل خاص من خلال ارتفاع أسعار الفائدة، مما يحسن
هوامش الائتمان الخاصة بهم.
ونشرت
صحيفة "
لوفيغارو" الفرنسية تقريرا، ترجمته "عربي21"، قالت فيه؛ إن بنك غولدمان ساكس -الذي يتمتع بحضور قوي في الخدمات المصرفية الاستثمارية-، هو
وحده من تحمل وطأة الأزمة في سوق الاندماج والاستحواذ وتقلب الأسواق المالية، فبين
كانون الثاني/ يناير وآذار/ مارس؛ انخفض صافي أرباحه بنسبة 19 بالمئة (3.1 مليارات
دولار).
وأوضحت
الصحيفة أن الشركات والبنوك العملاقة الأخرى في "
وول ستريت" استفادت من الأزمة
المصرفية وإفلاس بنك وادي السيليكون وبنكي سيجنيتشر وسيلفرغيت، التي حدثت في غضون
أربعة أيام فقط، ففي آذار/ مارس الماضي، استحوذت شركات جي بي مورجان وسيتي جروب، وويلز
فاركو، وبنك أمريكا على عملاء جدد فروا من البنوك الإقليمية أو الصغيرة، التي أصبحت
خطرة في نظرهم.
وبينت
الصحيفة أنه في غضون أسابيع قليلة، سحب الأمريكيون 800 مليار دولار من المؤسسات المالية
لوضعها في حسابات تعتبر أكثر أمانا أو ربحية، وهي حركة لم تُشاهد بهذا الحجم منذ الأزمة
المالية لعام 2008؛ حيث يعتبر جي بي مورجان هو أحد الفائزين الكبار من هذه الأزمة؛
ففي آذار/ مارس؛ تضخمت ودائعه بمقدار 40 مليار دولار، وفي الربع الأول ككل؛ قفز صافي
أرباحه بنسبة 52 بالمئة إلى 12.6 مليار دولار.
ونقلت
الصحيفة عن مايك مايو، المحلل في ويلز فارجو، قوله: "يعمل جي بي مورجان كميناء في أثناء العاصفة"، فيما كما كان أداء ويلز فارجو، وسيتي جروب، وبنك أمريكا جيدا
خلال الأزمة؛ حيث يقول محللو بلومبرغ: "يمكن أن يستمر بنك أمريكا، وويلز فارجو،
في اكتساب حصة سوقية طويلة الأجل في الولايات المتحدة"؛ وذلك رغم أن ودائع هذه
الشركات العملاقة الثلاث انخفضت بنسبة 1 بالمئة إلى 3 بالمئة خلال الربع الأول، وهو
ما يعتبر غير متناسب مع عمليات السحب التي لوحظت في المؤسسات الصغيرة.
قطاع
غير قادر على المنافسة
وذكرت
الصحيفة أنه منذ العام الماضي، تقوم الأسر الأمريكية بتحويل المدخرات الكبيرة التي
تراكمت خلال الوباء في حساباتها الجارية إلى الصناديق النقدية، التي تعززت مكافأتها
من خلال ارتفاع أسعار الفائدة، وتسارعت الحركة في آذار/ مارس؛ حيث تحظى هذه الصناديق
بشعبية أكبر من أي وقت مضى عبر المحيط الأطلسي، وتدير 5.2 تريليونات دولار، فقد قدمت
البنوك المدرجة في وول ستريت لهم متنفسا بعد أن كانت لديهم ودائع ضخمة منذ الأزمة
الصحية، فاختاروا أن يدفعوا أقل على مدخراتهم لتحسين هوامشهم، ولا يبدو أن هذا الاتجاه
ينعكس.
ووفق
الصحيفة؛ فإن جيروم ليغراس، رئيس الأبحاث في شركة أكسيوم للذكاء الاصطناعي، يلاحظ أنه:
"لا يبدو أن البنوك الكبرى مثل جي بي مورجان تتعرض لضغوط لزيادة تعويضات الودائع"؛
حيث تتمتع هذه الشركات العملاقة بمكانة مهيمنة في السوق المصرفية الأمريكية، فتفرض
أسعارا مرتفعة ولا تترك مجالا تقريبا للمنافسين الأجانب وفي الخدمات المصرفية للأفراد.
وأفادت
الصحيفة أنه برغم ذلك، فإن السوق المصرفية لا تزال مجزأة للغاية في الولايات المتحدة،
فبصرف النظر عن عدد قليل من البنوك الكبيرة جدا، يتحول الأمريكيون إلى العديد من المؤسسات
الإقليمية أو الصغيرة: 400 منهم (مع أكثر من مليار دولار من الأصول) مدرجة في البورصة، حيث يقول جيروم ليغراس؛ إن السوق المصرفية الأمريكية أقل تنافسية مما هي عليه في أوروبا.
فعلى عكس الولايات المتحدة، يوجد في أوروبا العديد من البنوك ذات الميزانيات العمومية
المهمة، مثل بي إن بي باريبا، وسوسيتيه جينرال، وكريدي أجريكول، وسانتادر، وبنك دويتشه،
فهي بنوك نشيطة للغاية، وهذا يزيد المنافسة".
واختتمت
الصحيفة التقرير بالقول؛ إن عمالقة وول ستريت - رغم إمكانياتهم الجيدة - يظلون على
أهبة الاستعداد، ففي الربع الأول، واصل الجميع تكوين مخصصات للتعامل مع حالات التخلف
عن السداد الائتماني المحتملة، حيث يقول مايك سانتوماسيمو، المدير المالي في ويلز فارجو:
"لقد رأينا الصحة المالية لبعض المستهلكين تضعف تدريجيّا مقارنة بالعام الماضي".
ولقد حذرت بعض المؤسسات بالفعل من أنها قد تقدم قروضا أقل للأفراد والشركات، فيما
قال جيمي ديمون رئيس جي بي مورجان: "من المرجح أن يتم تشديد الأوضاع المالية، حيث
يصبح المقرِضُون أكثر حذرا، ولا نعرف ما إذا كان ذلك سيبطئ إنفاق المستهلكين".