رصد جنرالان إسرائيليان، عشرة
تحديات تواجه دولة
الاحتلال الإسرائيلي في ذكرى تأسيسها الخامسة والسبعين على أنقاض فلسطين، سواء على صعيد
العلاقات مع
الولايات المتحدة أو مكانتها في العالم، والتهديدات التي تواجهها.
الجنرالان عاموس يادلين وأودي أبينثال أكدا أنه في الوقت الذي تحتفل فيه دولة الاحتلال بمرور 75 عاما على تأسيسها، فإنها تواجه أزمة داخلية تهدد قوتها وإنجازاتها، وتطرح علامات استفهام حول وجهتها المستقبلية، لا سيما في كيفية خروجها من الأزمة الحالية.
وتتصاعد الأزمة الداخلية في دولة الاحتلال، بسبب مساعي حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية المتطرفة لإجراء "إصلاحات قضائية" تصفها المعارضة الإسرائيلية بـ"الانقلاب على الديمقراطية".
ووفقا للجنرالين في مقال مشترك نشره موقع "
القناة 12"، وترجمته "عربي21" فإن "أهم تحدّ تواجهه إسرائيل في عامها الجديد يتمثل بتفوّق الصين على الولايات المتحدة، وتحولها لتصبح القوة العالمية الرائدة، أمام ضعف الأخيرة، مما يعني خسارة إسرائيل دعما أساسيا قويا، ويستدعي في الوقت ذاته فرصة أمامها لأن تصبح شريكًا استراتيجيًا تقنيًا للولايات المتحدة، ويقوي روابطها في المعسكر الغربي وآسيا".
وأشارا إلى أن "التحدي الثاني يكمن في البيئة والنمو السكاني، مما يقوض الطاقة والمياه والأمن الغذائي فيها، لعدم تحقيق إسرائيل لأهدافها الخاصة بانبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وتتخلف عن الركب بالانتقال لمصادر الطاقة المتجددة، مع أنها ليست مستعدة لتأثير الكوارث الطبيعية والحروب".
"ويتمثل التحدي الثالث بالوضع السياسي، وتفكك العلاقة الخاصة بين واشنطن وتل أبيب على خلفية إضعاف القيم المشتركة، وتضارب المصالح في القضايا الاستراتيجية، مما يحول إسرائيل من ذخيرة إلى عبء بالنسبة للولايات المتحدة".
وأكد الجنرالان أنه "عندما لا يكون الفيتو الأمريكي مضمونا في مجلس الأمن، تقع إسرائيل في عزلة سياسية، وتعاني من قرارات صعبة فيه، وقد تتعرض لعقوبات من قبل الشركات الدولية، وتعريض كبار ضباطها لمذكرات توقيف في محكمة العدل الدولية في لاهاي، مع تخوف من عدم تجدد المساعدة الأمريكية بعد 2028، مما يعني تأثر التعاون الدفاعي، ومبيعات المعدات العسكرية المتقدمة، وازدياد التهديد بفرض حظر عسكري عليها".
وأوضحا أن "التحدي الرابع يتمثل بالعلاقة مع يهود العالم، صحيح أن إسرائيل ستظل أكبر مركز لهم، لكنها لم تعد دولتهم القومية على خلفية اتساع الفجوة بينهما، واغترابها عن التيارات غير الأرثوذكسية في اليهودية، والتغييرات الجارية في الأجيال، وتلاشي ذكرى المحرقة، مما يعني ضعف الدعم اليهودي لها سياسياً واقتصادياً وثقافياً".
ويتعلق "التحدي الخامس بالتكنولوجيا، والتخوف من فقدان إسرائيل للميزة العسكرية والنوعية التي احتفظت بها، عقب الحدّ من وصولها للتقنيات الحساسة بما يضرّ قدرتها على ترجمة الابتكار التكنولوجي لأنظمة دفاعية وأرباح واستثمارات وأبحاث متقدمة، فيما يجهز أعداء إسرائيل أنفسهم بقدرات أكثر تقدمًا في مجالات الصواريخ الدقيقة والطائرات بدون طيار والذكاء الاصطناعي والإنترنت، وبمساعدة الصين وروسيا، ويستفيدون من نقاط ضعف إسرائيل".
ويرتبط "التحدي السادس بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي، عقب الفشل بالتوصل لتسوية سياسية، والتعجيل بالضم الفعلي للمستوطنات، وعزل الضفة الغربية بما لا يسمح بالاستمرار الإقليمي لدولة فلسطينية، وموت حل الدولتين".
وأشارا إلى أن "التحدي السابع يرتبط بإيران بحصولها على سلاح نووي، ونشوء خطر وجودي على إسرائيل، حتى لو لم يكن هجومًا نوويًا فوريًا عليها، والشرق الأوسط يتغير، ويصبح أكثر خطورة تحت المظلة النووية، ويزيد وكلاؤها جهودهم لمهاجمة إسرائيل، ويواجه جيشها تحديات مستمرة ومتفاقمة على الحدود، ومطالب بالتحضير للحرب في خمس ساحات بنفس الوقت، حتى تلك التي لا حدود لها معها، وأن تكون إسرائيل محاطة بدول مسلحة نووية كالسعودية وتركيا ومصر والعراق في شرق أوسط متفجر وغير مستقر".
وأكدا أن "التحدي الثامن ذو صفة اقتصادية، وزيادة الخطر أن إسرائيل ستتدهور إلى اقتصاد العالم الثالث، ومعاناة قطاعي التكنولوجيا الفائقة والأكاديمية من "هجرة الأدمغة"، ويتقلصان بسبب عدم الاستقرار الداخلي وتضرر العلاقات مع الولايات المتحدة، وتراجع الناتج المحلي الإجمالي وعائدات الدولة، وتآكل العلاقات بين يهود العالم وإسرائيل بما يؤديان لانخفاض في النمو والعلاقات المتبادلة والمساعدة الاقتصادية منهم".
وأشارا إلى أن "التحدي التاسع يتعلق بمؤسسة الجيش، مع زيادة التهرب من الخدمة العسكرية، وتآكل الدافع للتجنيد، وانهيار نموذج الجيش الشعبي، حتى أن المستوى البشري للجيش آخذ في التدهور، ومع تآكل ميزته البشرية، فإن أثمان كل صراع آخذة في الازدياد، مع توجهات مماثلة في جهاز الأمن العام، والإضرار بقدراته على مكافحة المقاومة".
وأوضحا أن "التحدي العاشر يتمثل بالمجتمع الإسرائيلي، وما يشهده من حالة استقطاب متعمقة، تتعلق باليمين واليسار، المحافظة والليبرالية، العلماني والمتدين، الأغنياء والفقراء، توسيع الانقسامات، وتفكيك البنية التحتية الاجتماعية، وتتعرض المرونة الوطنية للخطر".
الخلاصة الكامنة من هذه السيناريوهات تتمثل بمواجهة الاحتلال لتحديات هائلة، كالحفاظ على السيطرة بالكراهية، وسياسة "فرق تسد" الحزبية، وتعميق الانقسامات الداخلية، وغياب التحالفات المركزية المستقرة، وتضرر الدعم القوي القادم من الولايات المتحدة، مع خسارتها للقيادة الاقتصادية في العالم، مما يعني إلحاق الأذى باقتصاد دولة الاحتلال، وعسكرها، وأمنها، وقوتها التكنولوجية، وقدرتها على الردع، ومكانتها الدولية والإقليمية.
في الوقت ذاته، فإن
القضية الفلسطينية ما زالت تشكل التهديد الرئيسي الذي سيؤثر على دولة الاحتلال وصورتها وأمنها بأعمق طريقة لأجيال إسرائيلية قادمة، مع استمرار الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وتزايد عملية الاختلاط الجغرافي بين اليهود والعرب، بين البحر والنهر، مع تبدد الاستراتيجية المطلوبة لإسرائيل بالانفصال عن الفلسطينيين، مع الحفاظ على الأمن، وتعزيز وجود فلسطيني فاعل.