ببلوغرافيا

الشيخ سعيد صبري.. آخر من خطب على منبر صلاح الدين في المسجد الأقصى

الشيخ سعيد صبري آخر من وقف خطيبا على منبر صلاح الدين قبل حريق المسجد الأقصى عام 1969
نشأ الشيخ سعيد صبري في بيئة دينية وسط عائلة متوسطة المعيشة في بلدته قلقيلية حيث ولد عام ‏‏1910. وعلى وقع هذا الجانب الديني المحافظ الذي عرفت به العائلة أرسله والده إلى الأزهر الشريف لتلقي العلم في القاهرة. وبعد تخرجه من "الأزهر" عين مأذونا شرعيا في مدينة طولكرم عام 1931، ‏ثم عمل واعظا لمدينة طولكرم وقضائها عام 1934. ثم عين مدرسا في مدرسة تابعة ‏لجمعية "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" في نفس المدينة. ‏

واصل الشيخ صبري تقدمه في السلم الوظيفي فعين في عام 1940 مسؤولا عن صندوق الأيتام في المحكمة الشرعية في يافا، نقل بعدها رئيسا ‏لكتاب المحكمة الشرعية في الناصرة عام 1944 وبنفس الوظيفة في نابلس بعدها بعام. ‏وفي عام 1951 عين قاضيا شرعيا في جنين، ثم قاضيا شرعيا في نابلس وبعدها قاضيا شرعيا لبيت المقدس، ومن ثم قاضيا شرعيا في مدينة السلط بالأردن عام 1960.

بعد نحو عامين ‏عاد إلى القدس قاضيا شرعيا وعين في نفس الفترة خطيبا للمسجد الأقصى المبارك منذ عام 1962 وبقي خطيبا فيه حتى تاريخ وفاته في القدس.

ساهم الشيخ سعيد في تشكيل الهيئة الإسلامية بعد احتلال بيت المقدس عام 1967، وتشكلت الهيئة للإشراف على الأوقاف والمحاكم الشرعية. وكان الشيخ سعيد عضوا بارزا وفعالا في الهيئة. وعين الشيخ أيضا في محكمة الاستئناف الشرعية وعضوا في مجلس الأوقاف والشؤون الإسلامية، وبقي في هذه المناصب حتى وفاته.

وكان للشيخ سعيد الفضل الكبير في عودة أهالي قلقيلية إلى بلدهم، الذين هجروها قسرا خلال حرب عام 1967، ومنعوا من العودة إليها بعد انتهاء الحرب، حيث عقد اجتماعا في القدس بحضور السفير الأمريكي وبعض قناصل الدول الأوروبية، ومندوب عن وكالة الغوث الدولية، ورئيس بلدية نابلس حمدي كنعان، طالب فيه ببذل الجهود لوقف أعمال الهدم والتدمير التي تقوم بها قوات الاحتلال الإسرائيلي في قلقيلية، والسماح لأهلها المهجرين بالعودة إليها.

واتصل السفير الأمريكي بحكومته وبالمسؤولين الإسرائيليين، وتكللت تلك الجهود بالنجاح، حيث وافق وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك موشي ديان على عودة أهالي قلقيلية إلى مدينتهم .

وكانت قوات الاحتلال الإسرائيلي قد قامت بتدمير وحرق ونهب الكثير من المباني في قلقيلية، انتقاما من أهلها، لقيام مجموعة من المناضلين من أبناء قلقيلية بعمليات مقاومة ضد المنشآت الإسرائيلية في الفترة بين عامي 1948و1967.

وكان الشيخ سعيد آخر من وقف خطيبا على منبر صلاح الدين قبل حريق المسجد الأقصى عام 1969، في حين كان نجله الشيخ عكرمة صبري أول خطيب يقف على المنبر الجديد الذي كان شبيها بالمنبر الأصلي بعد أن أعاد الأردن تشييده من جديد.


                  كانت القدس حاضرة دائما في جميع تفاصيل حياة الشيخ سعيد صبري

وكان موشيه ديان طلب لقاء وفد من  الوقف الإسلامي بعد دخوله الأقصى، وتكون الوفد من  الشيخ صبري وسعد الدين العلمي وحسن طهبوب، وتحدثوا عن كيفية إدارة الأوقاف والمسجد الأقصى وطلبوا منه استمرار استقلالية الوقف الإسلامي وعدم تدخل الجيش  بشؤون الأوقاف، وأقرهم ديان على ذلك لأنه لم يكن يريد افتعال صراع ديني ولم يكن متأكدا وقتها من ظروف المنطقة.

عرف الشيخ سعيد بمحاربته الشديدة لتسريب الأراضي العربية على أيدي الإسرائيليين منذ الانتداب البريطاني على فلسطين وحتى وفاته.

وفي عام 1973 انتقل الشيخ سعيد صبري إلى رحمة الله تعالى عن عمر يناهز الـ63 عاما، ودفن بناء على وصيته في بلده قلقيلية مسقط رأسه.

وأما أبناء الشيخ سعيد صبري، فهم: الشيخ الدكتور عكرمة صبري مفتي القدس والديار الفلسطينية وخطيب المسجد الأقصى. والقاضي الشرعي الشيخ إبراهيم صبري. والدكتور الطبيب عبد الله صبري رئيس جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في القدس. والأستاذ الدكتور سليم صبري أستاذ الكيمياء العضوية في كلية العلوم في الجامعة الأردنية. والمهندس وائل صبري وزير الطاقة الأردني عام 2000.

المصادر

ـ عكرمة سعيد صبري، الشيخ سعيد عبد الله صبري قاضي القدس الشرعي-1905-1973، صحيفة الرأي الأردنية، 5/6/2017.
ـ عزيز العصا، قاضي القدس الشرعي الشيخ سعيد صبري حاضر بما ترك لنا وترك فينا، 26/3/ 2023.
ـ موقع الدكتور الشيخ عِكرمة صبري.
ـ طارق طه، 51عاما على إحراق الأقصى.. "لا يزال بدائرة الخطر"، عرب 48، وكالات، 22/8/2020.
ـ حسني جرار، سعيد عبد الله صبري (1910 ـ 1973)، رابطة أدباء الشام، 15/10/2005.
ـ شاهد على حريق المسجد الأقصى يروي تفاصيل دقيقة لما جرى، وكالة أنباء الأناضول، موقع عربي21، 21/8/2020.
ـ تقديم عزمي دريني، إعداد  جمان بسام أبو عرفة، اعتقدوا بالبداية أنه الجيش العراقي في القدس، موقع دنيا الوطن، 10/6/2014.