اتهم تقرير صادر عن المفوضية السامية لحقوق الإنسان، التابعة للأمم المتحدة، عناصر من الجيش
المالي ومقاتلين أجانب بارتكاب جرائم خلال عمليات ضد مسلحين ينتمون لجماعة نصرة الإسلام والمسلمين، المرتبطة بدورها بتنظيم القاعدة.
وقال التقرير، الذي استند إلى شهادات، إن العمليات المشتركة التي قادها الجيش المالي ومقاتلون أجانب، في منطقة مورا بمالي، أسفرت عن مقتل نحو 500 شخص، من خلال إعدامهم رميا بالرصاص، ثم تم إلقاؤهم في مقابر جماعية حفرها السكان بأوامر من الجيش. كما تحدث التقرير عن 58 امرأة وفتاة تعرضن للاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي.
ونقل التقرير شهادة أحد الأشخاص، الذي أكد أن "الذين قاوموا أو حاولوا الفرار قتلهم بشكل منهجي العسكريون البيض والقوات المسلحة المالية، وتم جرهم إلى الحفرة". وأكد أن "عمليات الإعدام نفذت طوال اليوم، وكان ذلك لا يطاق".
ولم تسمح السلطات المالية للمحققين بالسفر إلى مورا، باستثناء تحليق فوقها في البداية. وأجرى المحققون 157 مقابلة فردية مع ضحايا وسكان وعاملين في المجال الإنساني و11 مقابلة جماعية، وعملوا لمدة سبعة أشهر.
وقال التقرير إن "عددا كبيرا من الشهود أعربوا عن مخاوف جدية بشأن سلامتهم"، مضيفا أن الأجهزة المالية اعتقلت بعض المصادر خلال مقابلاتها مع مسؤولين مكلفين بحقوق الإنسان، وصدرت أوامر إلى آخرين بعدم التعاون في التحقيق.
في 27 آذار/ مارس 2022 وخلال سوق لبيع الماشية في بلدة مورا الريفية الواقعة على ضفاف أحد روافد نهر النيجر، حضر آلاف المدنيين للتسوق لشهر رمضان.
وهذه المنطقة معروفة منذ فترة طويلة بأنها معقل لكتيبة ماسينا التابعة لجماعة نصرة الإسلام والمسلمين المرتبطة بدورها بتنظيم القاعدة. ويبدو أن نحو ثلاثين من هؤلاء الجهاديين كانوا في الحشد.
وقرابة الساعة 11,00، ظهرت خمس مروحيات، وأطلقت واحدة منها النار "عشوائيا" باتجاه السوق، فقام جهاديون بالرد.
وأنزلت أربع مروحيات نحو مئة رجل، هم جنود ماليون ورجال بيض يرتدون بدلات عسكرية، ويتحدثون لغة "غير معروفة"، ليست الفرنسية ولا الإنكليزية.
استمر الهجوم ثلاث ساعات، وقتل فيه ثلاثون شخصا، بينهم نحو عشرة جهاديين. وعندما سيطروا على الأرض، اعتقل الجنود الماليون وحلفاؤهم البيض نحو ثلاثة آلاف شخص "من جميع الأعمار".
وأورد التقرير أن "معظم الذين قتلوا اعتبروا إرهابيين بناء على فرز يعتمد على علامات ظاهرة، مثل لحية طويلة أو سروال لا يصل إلى الكاحل، وآثار على الكتف تدل على حمل أسلحة باستمرار أو حتى إظهار خوف".
وذكرت مصادر عدة أن العسكريين ادعوا أنهم يملكون جهازا لكشف من وصفوهم بـ "الإرهابيين"، فيما أجبر كل رجال القرية، بمن فيهم زعيمها، على المرور عبره. وعندما يصدر الجهاز صفيرا، يحكم على الشخص بالإعدام.
وبين 27 و31 آذار/ مارس ضاعف الجيش عمليات التفتيش والاعتقالات. واعتقل 58 شخصا تعرض بعضهم للتعذيب وسوء المعاملة، وفقا للأمم المتحدة التي قالت إن 47 شخصا أفرج عنهم.
وقال أحد هؤلاء إن "الجنود صفعونا ولكمونا وداسونا وركلونا على رؤوسنا، وضربونا بالحبال وبأعقاب أسلحتهم"، مضيفا: "وصفونا بأننا جهاديون، وقالوا إننا دمرنا بلدنا، وكنت أرد عليهم بالقول إنني لا أعرف شيئا عن كل ذلك ولست جهاديا".