في الوقت الذي يشعر فيه الإسرائيليون بالامتنان للقبة الحديدية التي تدافع عنهم أمام صواريخ
المقاومة، فإنهم في الوقت ذاته أصبحوا مدمنين على ما يسمونه "اللعبة الدفاعية"، رغم مزاعمهم بشأن نجاح العدوان الأخير في تحقيق أهدافه، باغتيال ستة من كبار قادة المقاومة، وضرب مئات الأهداف الأخرى، مع العلم أن نجاح هذه المنظومة لا يعني عدم السماح للمقاومة بإلحاق أضرار بالاحتلال، بعد إطلاق 1140 صاروخًا من
غزة.
كالمان ليبسكيند، الكاتب اليميني في موقع "
واللا" العبري، أكد أنه "رغم ما تحقق خلال الحرب الأخيرة، فإن هناك شيئا ما بين الإسرائيليين ظهر أنه معطوب بشكل أساسي، لأنهم يواجهون مشكلة عقلية صعبة رافقتهم لسنوات عديدة مع العديد من حكوماتهم، وكأن شيئا ما في غرائزهم يتم إفساده، لأنهم اعتادوا على إطلاق الصواريخ عليهم من حين لآخر، وبات محكوم عليهم بالركض إلى الملاجئ، وطالما تمكنت القبة من اعتراض كل شيء تقريبًا يطلقه الفلسطينيون من غزة، فيمكنهم الجلوس في الاستوديوهات، والزعم أن غزة تلقت ضربة قوية".
وأضاف في مقال ترجمته "
عربي21" أن "قدرة المقاومة على ضرب أجزاء متزايدة باستمرار من دولة الاحتلال، تبين على مرّ السنين أن مشكلة وعي استراتيجي من الدرجة الأولى تعيشها، رغم أن
القبة الحديدية تسمح لهم بأن يكونوا الدولة الوحيدة في العالم التي تعيش بهدوء مع المنظمات المسلحة، بحيث تطلق كل بضعة أشهر مئات أو آلاف الصواريخ على وسط مدنها".
وأوضح أنه "وفقًا لبيانات جيش الاحتلال، فقد تم إطلاق 1469 صاروخًا وذخيرة باتجاهها من قطاع غزة، عبر 1139 منها لدولة الاحتلال، وحلّقت فوق رؤوس المستوطنين، وفجأة نشر قادة الدولة إعلانات النصر، وعبر الجيش عن رضاه، ونشر إحصائيات اعتراض الصواريخ".
وأشار إلى أنه "لا توجد دولة تقبل هذا الإطلاق الكثيف من الصواريخ على مراكز مدنها، حتى لو امتلكت أداة تعرف التقاطها وهي في الجوّ، ما يعني أن المستوطنين أصبحوا مدمنين على هذه القبة، ومع مرور السنين اتضح أن إدمانهم يزداد سوءًا، وهذا يعني عدم الحاجة للتغلب على المقاومة، لأنه لو أغمضوا أعينهم لحظة واحدة، وحاولوا تخيل ما كان سيحدث إذا لم يكن لديهم هذا النظام الدفاعي، مع أنه كان يمكن أن يسقط صاروخ واحد على مهبط للطائرات في مطار بن غوريون، وصاروخان داخل المنازل، وآخران على المباني السكنية".
وأوضح أنه "تم تعليق الرحلات الجوية من وإلى إسرائيل لمدة يومين، ما اضطر رئيس الوزراء ووزير الحرب للطلب من رئيس الأركان إرسال سلاح الجو بكامل تشكيلته إلى الأجواء، وضرب غزة بطريقة لن ينساها سكانها خلال خمسين عامًا، بحيث يكون الرد على كل صاروخ مميتًا ومدمرًا، ليس نحو الكثبان الرملية، ولا أبراج المراقبة الفارغة، ربما لأنهم تعودوا على امتصاص النار، والاختباء تحت مظلة، وهكذا تتصرف الدولة ذات أحد أقوى الجيوش في العالم كمنظمة ضعيفة وغير كفؤة".
يكشف هذا الاعتراف الإسرائيلي حالة الإحباط وخيبة الأمل من قدرة المقاومة على شلّ حياة الإسرائيليين بضعة أيام، وهروب عائلاتهم للملاجئ، وعدم ذهابهم لأعمالهم، فيما يهرب مستوطنو الجنوب نحو الشمال، وهذا يعني أن المقاومة انتصرت، حتى لو لم تقتل أحداً من المستوطنين، بعد أن نجحت مجموعة مسلحة من غزة معها قاذفات متواضعة بدائية تهدّد واحدة من أشرس القوات الجوية في العالم، التي لا تنجح بإخافتهم، وإحباطهم، بعد أن أدمن الاحتلال الاحتماء خلف القبة الحديدية.