تتصاعد الانتقادات الإسرائيلية الداخلية لموازنة حكومة الاحتلال اليمينية التي أقرت نهائيا في
الكنيست (البرلمان)، والتي تثبت فشلها في التعامل مع العديد من القضايا الحساسة.
وبعد نقاشات طويلة، صادق الكنيست فجر الأربعاء، على
الموازنة العامة للاحتلال للعامين 2023- 2024، بموافقة 64 نائبا ومعارضة 56، وبذلك يتضح أن جميع أعضاء الكنيست وعددهم 120 نائبا، قد شاركوا في جلسة التصويت.
دعم الاستيطان
وأوضحت "هآرتس" في افتتاحيتها الأربعاء، أن مراجعة عن كثب للقرارات التي اتخذتها الحكومة برئاسة بنيامين نتنياهو وخاصة تلك التي اتخذت في اجتماعها الأحد الذي عقد في نفق أسفل المسجد الأقصى المبارك، تؤكد "فشل الحكومة الحالية في التصدي لمشاكل الجمهور الحقيقية في إسرائيل".
وقالت: "وبدلا من ذلك، تعنى الموازنة الجديدة بالأمور التافهة، وتتصرف بانعدام للمهنية، وتضخ الأموال للمقربين وتستثمر في قصة خارجية بدلا من الجوهر".
ونوهت الصحيفة، إلى أن وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزراء آخرين عارضوا الميزانية الخاصة بخطة تنمية مدينة القدس، وبالتزامن مع ذلك قررت الحكومة ضخ الأموال لمشاريع ستثري فقط أجساما مقربة منها، وتغير سلبا منظومة العلاقات بين سكان القدس.
وأفادت "هآرتس"، بأن "مبلغ 60 مليون شيكل (حوالي 16.18 مليون دولار) ستحول إلى صندوق لتراث "المبكى" (المصطلح التهويدي الذي يطلقه الاحتلال على حائط البراق الإسلامي)، وعشرات الملايين الأخرى لمشاريع خاصة بجمعية "العاد" الاستيطانية، والتي تأتي على حساب السكان الفلسطينيين الذين أبعدوا عن أراضيهم".
وتابعت: "من جلسة إلى جلسة، ومن قرار إلى قرار، تتراكم الأدلة على أن هدف الحكومة، يتمثل في هدم ما هو قائم بالنجاعة والسرعة الممكنتين".
تشجع البطالة
صحيفة "معاريف"، وفي مقال كتبه الخبير في الشؤون الأمنية والعسكرية أفرايم غانور، أكدت أن "هذه الموازنة تثبت أن ما يعني هذه الحكومة، فقط خدمة مصالح شركائها في ظل التجاهل لاحتياجات حيوية لحياة إسرائيل"، مؤكدة أنها "تشجع البطالة وتخلد الفقر".
وقالت: "في الوقت الذي كان يفترض فيه أن تهدم الجرافة محكمة العدل العليا لشق الطريق إلى انقلاب قضائي، فإنه انشق بمعونة ميزانية الدولة طريق إسرائيل نحو العالم الثالث".
وأوضحت الصحيفة، أن الموازنة الجديدة، "تركز على بقاء الحكومة (مكون من ائتلاف الأحزاب اليمينية) وتمنح المليارات للحريديم وملايين أخرى لوزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير ووزير الإسكان إسحاق غولدكنوف، بخلاف القانون".
ونوهت إلى أن "من يتعمق بهذه الميزانية ويبحث فيها عن بند يفترض أن يعطي حلا لإحدى المشاكل المضنية في المجتمع الإسرائيلي - السكن العام - سيخيب ظنه.. هناك 30 ألف عائلة إسرائيلية تنتظر السكن العام.. آلاف شقق السكن العام مهملة منذ سنين وتحتاج إلى صيانة.. 180 ألف عائلة فقيرة تتلقى المساعدة لإيجار الشقة، بعضها سيلقى بها قريبا إلى الشارع، بينما لا يوجد أي موقف في الميزانية من هذا الوضع الخطير".
وأضافت: "من حرص في إعداد هذه الميزانية على طلاب الدين؛ وهم آلاف الشبان ممن يمكنهم أن يعملوا وينالوا الرزق بقواهم، فيبدو أنه وجد صعوبة في أن يرى الظلم الرهيب لمليون وربع المليون من المتقاعدين الذين يعيشون اليوم في إسرائيل وينتظرون منذ أكثر من 20 سنة تعديلا ذا مغزى لمخصصات الشيخوخة".
وكشفت أن "جهاز الصحة النفسية، هو أحد الأجهزة الأكثر إهمالا، يعيش أزمة رهيبة، وهو يصرخ طلبا للمساعدة إلى جانب صراخ آلاف المرضى النفسيين (بينهم جنود) مع موازنة جرى تعديلها في آخر مرة في 2019 بينما اتسعت جدا حاجاته ومطالبه مؤخرا، إلا أنه هو الآخر بقي في هذه الموازنة بلا جواب".
وتابعت "معاريف": "هذه نماذج فقط عن ما تأتي به هذه الميزانية الفئوية التي تشجع البطالة بمعونة زيادة الميزانية للقطاع الحريدي كي لا يخرجوا إلى العمل، وتخلد بذلك الفقر والجهل لأولئك الذين لا يتعلمون المواضيع الأساس، علما بأنه من تلك المدارس أقصى ما يمكن أن نحصل عليه هو مشرفو الحلال"، منوهة إلى أن "الميزانية تجاهلت حتى الوعود قبل الانتخابات مثل: مكافحة غلاء المعيشة، ومعالجة مشاكل السكن، والتعليم والصحة".
ورأت أن "الغريب والمقلق هنا، ليس فقط الوقاحة في الميزانية الفئوية والتوزيع الخنزيري للأموال، الذي لم يكن له مثيل هنا منذ قيام إسرائيل، بل إن كل هذا يحصل إلى جانب تجاهل الحكومة لكل الأضواء الحمر، تحذيرات الاقتصاديين، والخبراء، والمحافل الدولية".
وخلصت إلى أنه "لولا ورطات نتنياهو القضائية، لما كانت هذه حكومته ولما كانت هذه بالتأكيد ميزانية إسرائيل للعامين المقبلين".