أثار إعلان اللجنة المنبثقة عن مجلسي النواب والدولة الليبيين "6+6" حول اعتبار القوانين الانتخابية التي أقرتها "نافذة ونهائية"، سؤالا حول مدى اعتبار ذلك ملزما لكافة الأطراف الليبية المعنية، والعقبات التي تواجه تطبيق مخرجاتها، في ظل حالة الجدل والرفض التي أثارتها اللجنة خصوصا داخل أروقة المجلسين.
وأعلنت لجنة (6+6) الجمعة أن القوانين الانتخابية التي أقرتها مؤخرا، "نهائية ونافذة وستجري عبرها الانتخابات المقبلة".
وأكد بيان صادر عن اللجنة المشتركة "صحة وسلامة الاتفاق على مشروع صياغة القوانين الانتخابية بالتوقيع والتصويت عليها بالإجماع".
وقالت: "عملنا استنادا للإعلان الدستوري وتعديله الـ 13، وما توصلنا إليه يعد نهائيا وملزما لمجلس النواب لإصداره دون تعديل".
وأكدت اللجنة أن "القوانين الانتخابية المنجزة من قبلها تستوعب مختلف الرؤى وتبدد مخاوف كل الأطراف الفاعلة المتصارعة في المشهد".
كما أوضحت اللجنة أن "القوانين صيغت بتوافق تام وبصياغة مرنة ولن تكون نصوصها ملبية لطموحات كل طرف لوحده، وهذه سمة التشريعات التي تسن بعد النزاعات".
"لا تتعدى مشروع قوانين"
أستاذ القانون الدستوري، محمد بارة قال إن ما أعدته اللجنة المشتركة في مدينة بوزنيقة المغربية، واعتمدته بالإجماع لا يتعدى مشروعات قوانين للاستفتاء والانتخابات، ولذا فليس لها أية قوة إلزامية ولا يمكن تطبيقها قبل إصدارها من مجلس النواب.
ولفت بارة في حديث خاص لـ"عربي21" إلى أن عدم إلزامية ما أقرته اللجنة يفهم بوضوح من نص المادة 31 من
التعديل الدستوري الثالث عشر، أي أن وضعها موضع التنفيذ يحتاج لموافقة مجلس النواب، "دون دخول في جدل حول شرعية التعديل الدستوري" وفق قوله.
والثلاثاء، أعلنت اللجنة خلال مؤتمر صحفي في مدينة بوزنيقة المغربية، توقيع "أعضائها على تلك القوانين" التي أنجزتها عقب مباحثات في المدينة لنحو أسبوعين إلا أن بعض بنود تلك القوانين أثار جدلا في البلاد.
"عقبات من الداخل"
ورغم توقيع أعضاء اللجنة على القوانين المنجزة، إلا أن رئيسي مجلسي النواب والدولة الليبيين
عقيلة صالح وخالد المشري لم يوقعا عليها كما كان مقررا وذلك رغم وجودهما، وسط أنباء عن عدم رضاهما عن المخرجات.
وفي إشارة إلى إمكانية تفجير عمل اللجنة من داخل مجلسي النواب والدولة، قال الكاتب والمحلل السياسي، السنوسي بسيكري، إن الموقف الداخلي يسير ضد القوانين الجديدة، مشيرا إلى أن القوانين لن تكون نافذة ما لم تنشر في الجريدة الرسمية، وهذا إجراء بيد رئاسة مجلس النواب، وما لم يتبدل موقف الرئاسة، فإن القوانين لن ترى النور ولن تكون هناك انتخابات نهاية العام الجاري أو مطلع العام القادم إلا إذا تحركت الأطراف الدولية.
وعلى إثر قرارات اللجنة، أعلن 54 عضوا بمجلس الدولة و61 آخرون بمجلس النواب وحزب "العدالة والبناء"، في بيانات منفصلة، "رفضهم لتلك المخرجات".
في المقابل، فإن 14 حزبا سياسيا
ليبيا من شرق وغرب البلاد أعلنوا ترحيبهم بأعمال لجنة (6+6)، وذلك في بيانات منفصلة.
لماذا يعترض عقيلة صالح؟
ما رشح من مداولات اجتماع بوزنيقة أن رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، لم يحضر الإعلان عن اتفاق اللجنة معترضا على اشتراط تخلي مرشحي الانتخابات الرئاسية عن الجنسية الأجنبية قبل إجراء الجولة الثانية من الانتخابات، وليس بعد إعلان الفوز، ويبدو أن عقيلة يلبي رغبة اللواء المتقاعد خليفة حفتر، ويدعمها في هذا الاتجاه ربما في مقابل مراجعة موقف حفتر وأبنائه من إقالة رئيس حكومة
البرلمان، فتحي باشاغا، وفق ما كتبه بسيكري لـ"عربي21".
ووفق بسيكري، فإن التحفظ على مخرجات لجنة 6+6 يكشف عن ملمح من ملامح التعقيد الشديد للنزاع الليبي، ذلك أن توافقات اللجنة بناء على التعديل الدستوري الثالث، الذي أقره مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، نهائية وملزمة لجميع الأطراف، لكن الأطراف المعنية، خاصة جبهة الشرق، مستمرة في نهج المغالبة حتى لو قاد هذا النهج إلى الإخلال بالاتفاق ونقض العهود.
لماذا يتحفظ أعضاء بـ"النواب" و"الدولة"؟
وتحتج كتلة كبيرة في مجلس النواب على تعديل لجنة 6+6 في عدد مقاعد المجلس وتقرير عدد مقاعد مجلس الشيوخ، ويقولون إن ذلك اختصاص لواضعي الدستور وليس من مهام لجنة وضع قوانين الانتخابات حسب رأيهم. وفي هذا السياق يرى بسيكري أنه "لا يخفى تأثير النزوع الجهوي والمناطقي على موقف عدد من أعضاء مجلس النواب الذين اعترضوا على التعديل في عدد مقاعده".
أما كتلة الخمسين عضوا من أعضاء المجلس الأعلى للدولة فقد رفضت الاعتراف بمخرجات اللجنة كليا وينطلق هؤلاء في موقفهم من رفضهم للمسار الذي أنتج التعديل الدستوري الثالث عشر ولجنة 6+6، لهذا لم يتطرقوا إلى مضامين القوانين التي أعلنت عنها اللجنة لأنها في نظرهم غير شرعية.
ولجنة "6+6" مكونة من 6 أعضاء من مجلس النواب ومثلهم من مجلس الدولة (نيابي استشاري) نص على تشكيلها التعديل الـ13 للإعلان الدستوري (دستور مؤقت وضع بعد الإطاحة بنظام معمر القذافي عام 2011).
ووفق اتفاق المجلسين كلفت اللجنة بإعداد قوانين انتخابية "توافقية" تجري عبرها انتخابات تحل أزمة صراع على السلطة بين حكومة عينها مجلس النواب مطلع عام 2022 وحكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة الذي يرفض التسليم إلا لحكومة تأتي عبر برلمان جديد منتخب.