نشر موقع "ذا أتلاتيك" الأمريكي تقريرًا، تحدث فيه عن قضية عودة نجمات
الرياضة إلى المستوى العالي، بعد فترة
الولادة.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "
عربي21"، إن لاعبة التنس الأوكرانية، إيلينا سفيتولينا فاجأت الجميع بوصولها لنصف نهائي بطولة ويمبلدون، رغم تأثرها النفسي والعاطفي لتعرض بلادها للغزو الروسي، لكن ليس ذلك فقط هو الأمر المفاجئ في مستواها، بل أيضًا لأنها أصبحت والدة في تشرين الأول/أكتوبر 2022.
وأضاف الموقع أنه حتى وقت قريب؛ كان من النادر رؤية رياضية تعود إلى قمة مستواها بعد الولادة وذلك لعدة أسباب جسدية وعملية، خاصة مع صعوبة الموافقة بين رياضة النخبة والالتزامات الأسرية.
وأشار الموقع إلى أنه في التنس؛ خالفت اللاعبتان مارغريت كورت وإيفون غولاجونغ كاولي القاعدة السابقة حيث تمكنتا من الفوز بألقاب كبرى بعد فترة الأمومة، فأصبحت كورت أول أم تفوز ببطولة كبرى في العصر المفتوح وذلك في بطولة أستراليا المفتوحة سنة 1973، بينما تعتبر غولاجونغ كاولي الأم الوحيدة حتى الآن التي فازت ببطولة ويمبلدون في العصر المفتوح، وكان ذلك في 1980. في حين أضافت البلجيكية كيم كليسترز اسمها أيضًا إلى قائمة حصرية عندما عادت بعد الولادة في سنة 2008 لتفوز بثلاثة ألقاب غراند سلام (بطولة أمريكا المفتوحة 2009 و2010، وبطولة أستراليا المفتوحة 2011).
وفي الآونة الأخيرة؛ وصلت سيرينا ويليامز إلى 4 نهائيات في البطولات الأربع الكبرى بعد أن أنجبت ابنتها في أيلول/سبتمبر 2017 (ويمبلدون 2018 و2019، وأمريكا 2018 و2019) بينما وصلت فيكتوريا أزارينكا إلى بطولة واحدة ( بطولة أمريكا 2020).
أمّا خارج التنس؛ بحسب ما ورد في الموقع؛ فقد فازت كريستي بيرس بعد الأمومة، بميداليتين ذهبيتين في أولمبياد 2008 و2012، وكأس العالم 2015، مع منتخب الولايات المتحدة لكرة القدم للسيدات، بينما تتطلع أليكس مورغان إلى أن تحذو حذوها في مونديال السيدات 2023، بعد ولادة ابنتها في أيار/مايو 2020. كما تمكنت السبّاحة الأمريكية دارا توريس بعد إنجاب طفلها الأول من الفوز بـ3 ميداليات فضية في أولمبياد 2008، في حين استطاعت باولا رادكليف الفوز في ماراثون مدينة نيويورك بعد 10 أشهر من إنجاب طفلها الأول، أما بطلة ألعاب القوى البريطانية جيسيكا إنيس-هيل، فقد فازت بالميدالية الذهبية في بطولة العالم 2015، بعد تسعة أشهر فقط من عودتها إلى التدريب بعد ولادة ابنها.
كيف استطعن العودة؟
ونقل الموقع عن نجمة التنس الأمريكية سيرينا ويليامز قولها: "كنت أتدرب أثناء فترة الإرضاع، لقد عدت إلى الرياضة حتى خلال اكتئاب ما بعد الولادة".
عانت ويليامز من مشاكل في التنفس بعد ولادة ابنتها بعملية قيصرية طارئة؛ حيث اكتشف الأطباء جلطات دموية متعددة، بما في ذلك جلطات على رئتيها مما استدعى عملية جراحية، وتم وضعها على مميعات دم طريحة الفراش لمدة 6 أسابيع حتى تتعافى.
لحسن الحظ، لا تمر كل امرأة بتجربة ولادة مؤلمة مثل ويليامز. ومع ذلك، هناك مجموعة كبيرة من العوامل التي يجب على اللاعبات أخذها في الاعتبار عند العودة إلى رياضة النخبة بعد الولادة.
في هذا الشأن يقول باز موفات، مدرب لياقة بدنية للسيدات ولاعب بريطاني سابق في التجديف: "قد يظن البعض أن الولادة أمر بسيط جدًّا، ولكنها في كثير من الحالات - ليس فقط جسديًا ولكن أيضًا عقليًا - تصيب الجسم بصدمة، ويستغرق الجسم وقتًا طويلاً للشفاء والتعافي من تلك التجربة".
ولفت الموقع إلى أنه يتم إجراء 6 بالمئة فقط من أبحاث علوم الرياضة على النساء، مع القليل جدًا من الأبحاث التي أجريت ما قبل الولادة وبعدها. كما لا يوجد عدد كبير من المؤهلين والمختصين في اللياقة البدنية بعد الولادة.
حيال ذلك؛ يقول موفات: "8 بالمئة فقط من المدربين الشخصيين في المملكة المتحدة لديهم مؤهلات ما قبل وبعد الولادة"، ويضيف: "في الواقع؛ في عالم الرياضة، لا يوجد هذا التخصص، مؤهل ما قبل الولادة وبعدها هو مفهوم جديد".
في كانون الثاني/يناير من هذا العام، بدأت لاعبة خط وسط تشيلسي، ميلاني ليوبولز عودتها للنادي منذ أن رزقت بطفلها الأول في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وأشادت بالدعم الذي تلقته من النادي خلال فترة الحمل وما بعدها؛ حيث كان لها لقاء كل أسبوعين مع مديرة تشيلسي إيما هايز لمناقشة برنامجها التدريبي.
ويقول موفات إن الفيفا (الهيئة المنظمة لكرة القدم العالمية) قد أعدت دراسة بحثية حول كيفية رجوع اللاعبات للعب بأمان بعد الولادة، وذلك بهدف وضع بروتوكولات واضحة بشأن ما تحتاج اللاعبات إلى تحقيقه ومتى، تمامًا كما هو الحال مع الإصابات الأخرى مثل الرباط المتعامد والتواء الكاحل أو الارتجاج...
لكن يكمن التحدي في أن الحمل والولادة يؤثران على كل امرأة بشكل مختلف، مما يجعل من الصعب تقديم توصيات شاملة وموحدة.
وتشرح هيلين كيبل أخصائية علاج طبيعي لمشاكل الحوض، عملتْ مع رياضيات من جميع المستويات، بما في ذلك المحترفات في رفع الأثقال والجري والتنس وكرة القدم والرغبي والجمباز وألعاب القوى… قائلة: "طريق الشفاء يعتمد جزئيًا على ولادة الطفل، ما بين الولادة الطبيعية والعمليات القيصرية والولادات الأكثر تعقيدًا. هذا سيحدد الأسابيع القليلة الأولى على وجه الخصوص، وعمومًا يستغرق التئام الجروح حوالي 6 أسابيع".
وأوضح الموقع أنه بالنسبة لأي أنثى تتطلع إلى العودة إلى الرياضة أو ممارسة الرياضة على أي مستوى، فإن أهم جزء من العملية هو منطقة البطن والحوض، لأنها الأكثر تضررًا من الولادة التي تسبب ضعفًا وارتخاء في تلك المنطقة؛ حيث تتمدد عضلات البطن نوعًا ما في المنتصف بحيث تبدو وكأنها فجوة، وهذا يمكن أن يكون مشكلة كبيرة خاصة بالنسبة لرياضة مثل التنس، لأنها تتطلب الدوران والالتفاف بقوة كبيرة، لذلك يجب أن تكون عملية إعادة تأهيل جدار البطن جيدة حقًا.
بالإضافة إلى ذلك، بعد الولادة تستغرق الهرمونات في المتوسط 3 إلى 6 أشهر لتعود إلى طبيعتها، إما من وقت الولادة إذا كانت اللاعبة لا ترضع رضاعة طبيعية أو من وقت التوقف عن الرضاعة الطبيعية، وهذه الأرقام تقريبية لأن كل امرأة مختلفة، ولكن المقياس الأكثر تحديدًا هو عودة الدورة الشهرية.
وهنا يتبادر سؤال مهم: بالنظر إلى مقدار ما يحدث داخل الجسم في تلك الأشهر الأولى، كيف يمكن للرياضية أن تعود إلى المنافسة في أقل من شهرين إلى ثلاثة أشهر؟
تجيب الأخصائية كيبل قائلة: "الأمر متوقف على الولادة. على سبيل المثال، إذا كانت ولادة طبيعية بالإمكان العودة بسرعة. وحتى وقت قريب، كان يُنصح بعدم العودة إلى الرياضة قبل 3 أشهر، لكن هذه النصيحة قد تغيرت، وهناك إجماع جديد تمامًا للخبراء حول العودة إلى التمرين بعد الولادة، لكن بالتأكيد ليس قبل 3 أسابيع".
وتضيف: "نحن نرى الآن أن نخبة الرياضيات يعدن بشكل أسرع وأسرع. أعتقد أنه مع الفريق المناسب والظروف المناسبة، من الممكن بالتأكيد القيام بذلك بأمان، للعودة بسرعة ".
وختم الموقع تقريره بالقول إن هناك الكثير من العوامل التي تدخل في عودة نجمات الرياضة إلى مستواهن بعد الولادة، بما في ذلك العوامل الوراثية الخاصة بهن، ولكن أيضًا حقيقة أن لديهن المال والمساعِدات ومربيات الأطفال..، ومن المرجح أن يكون لديهن فريق متقدم وداعم من حولهن، يمكّنهن من العودة إلى رياضة النخبة بسرعة. ومع ذلك؛ فإن طريق العودة بعد الولادة ليس سهلًا، ولكنه طريق أصبحت تختاره النساء أكثر من أي وقت مضى.