نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، تقريرا كشفت فيه عن وجود خلافات حادة بين ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، ورئيس
الإمارات محمد بن زايد.
الصحيفة في تقريرها المطول الذي حمل عنوان "أفضل "الأعدقاء" وأكثرهم عداءً: تصادم ولي العهد السعودي مع رئيس الإمارات"، وترجمته "عربي21"، قالت إن الأزمة التي كانت بوادرها تلوح بالأفق منذ مدة، باتت حقيقية منذ كانون أول/ ديسمبر الماضي.
وأرجعت الصحيفة السبب الأبرز للأزمة إلى التنافس على من تكون له اليد العليا في المنطقة، لا سيما مع تراجع النفوذ الأمريكي، وشعور ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بأنه لم يعد بحاجة إلى "مرشده السابق"
ابن زايد.
وأوردت الصحيفة أن من علامات الخلاف الظاهرة، غياب ابن زايد عن حضور آخر قمتين في
السعودية، الأولى التي جمعت دولا عربية بالرئيس الصيني، والثانية القمة العربية التي شهدت عودة عضوية سوريا.
وفيما يلي النص الكامل للتقرير من ترجمة عربي21:
وول ستريت جورنال
الإخوة الأعداء: ولي العهد السعودي يتصادم مع رئيس الإمارات العربية المتحدة
ينأى الزعيم السعودي بنفسه عن موجهه السابق بينما يتنافس الرجلان على الهيمنة على الخليج حيث يتراجع النفوذ الأمريكي
تقرير من إعداد:
سمر سعيد، ديون ديزنباوم، ستيفن كالين، صالح البطاطي
تاريخ النشر: 18 يوليو (تموز) 2023
جمع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الصحفيين المحليين في الرياض في جلسة استماع نادرة ليست للنشر. كان ذلك في شهر ديسمبر (كانون الأول)، حيث نقل إليهم الرسالة المذهلة التالية: "لقط طعننا في الظهر حليف البلد على مدى عقود، الإمارات العربية المتحدة."
وطبقاً لمن كانوا حاضرين في اللقاء، قال لهم ولي العهد: "سوف يرون ما الذي بإمكاني أن أفعله."
وقع شقاق وتدابر بين محمد بن سلمان البالغ من العمر سبعة وثلاثين عاماً ورئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان الذي كان ذات يوم معلمه وموجهه. يعكس هذا الشقاق ما بين الرجلين من تنافس على النفوذ الجيوسياسي والاقتصادي في الشرق الأوسط وفي أسواق النفط العالمية. بعد أن أمضى الأميران ما يقرب من عقد من الزمن وهما يصعدان إلى قمة هرم النفوذ في العالم العربي، ها هما الآن يتصارعان حول من عساه تكون له الكلمة الأخيرة في الشرق الأوسط الذي تراجع فيه الدور الذي تمارسه الولايات المتحدة.
قال المسؤولون في الولايات المتحدة إنهم باتوا يخشون أن يزيد التنافس الخليجي من صعوبة تشكيل تحالف أمني موحد في مواجهة إيران، وكذلك من صعوبة إنهاء الحرب التي تدور رحاها منذ ثمانية أعوام في اليمن، ومن صعوبة توسيع إسرائيل لدائرة علاقاتها الدبلوماسية مع البلدان المسلمة.
يقول أحد كبار المسؤولين في إدارة بايدن: "هذان رجلان لديهما طموحات كبيرة، يريدان أن يكونا لاعبين أساسيين في المنطقة يتوجه إليهما اللاعبون الآخرون. مازالا يتعاونان في بعض المستويات. ولكن الآن لا يبدو أن أياً منهما يشعر بالارتياح لوجود الآخر في نفس المرتبة. بالمحصلة، لا يعود علينا بالفائدة هذا الصراع والتنافس فيما بينهما."
كان الرجلان ذات يوم مقربين جداً من بعضهما البعض، إلا أن محمد بن سلمان ورئيس الإمارات محمد بن زايد الذي يبلغ من العمر اثنين وستين عاماً لم يتحدثا مع بعضهما البعض منذ ما يزيد عن ستة شهور، كما يقول أناس مقربون منهما، وها قد خرج النزاع اذي بينهما إلى العلن الآن.
لم تزل مصالح الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية في اليمن تتباين وتتنافر، وذلك ما قوض الجهود المبذولة لإنهاء الصراع داخل البلد، هذا بالإضافة إلى استياء الإمارات من الضغوط التي تمارسها السعودية لرفع السعر العالمي للنفط، الأمر الذي أفضى إلى حدوث انقسامات داخل منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبيك).
يضاف إلى ذلك أن البلدين يتنافسان اقتصادياً وبشكل متزايد. وكجزء من خطة محمد بن سلمان لإنهاء اعتماد المملكة العربية السعودية اقتصادياً على النفط، راح يضغط على الشركات حتى تنقل مقراتها الإقليمية إلى الرياض، العاصمة السعودية، من دبي في الإمارات العربية المتحدة، التي يفضلها الغربيون بشكل عام لكونها مدينة أكثر انفتاحاً وتنوعاً. كما أطلق خططاً لإنشاء مراكز تقنية، وجذب المزيد من السياح، وتطوير مراكز لوجستية للمضاربة على موقع الإمارات العربية المتحدة كمركز تجاري في منطقة الشرق الأوسط. وكان قد أعلن في شهر مارس (آذار) عن تأسيس شركة طيران وطنية ثانية لمنافسة شركة طيران الإمارات في دبي، ذات التصنيف العالمي الرفيع.
وفي عالم القوة الناعمة، تصادف شراء السعودية في عام 2021 لنادي نيوكاسيل لكرة القدم في إنجلترا والاستثمار في كبار اللاعبين على مستوى العالم مع فوز نادي مانشستر – والذي يملكه عضو بارز في العائلة الحاكمة في أبو ظبي – بكأس إنجلترا وكأس أوروبا لكرة القدم.
يشعر رئيس الإمارات محمد بن زايد بالسخط لأنه يتم التفوق عليه من قبل أمير سعودي يعتقد المسؤولون في الإمارات العربية المتحدة أنه ارتكب بعضاً من العثرات الخطيرة، وذلك بحسب ما يقوله مسؤولون خليجيون.
الصفقة مع إيران
رداً على طلب من صحيفة ذي وول ستريت جورنال للتعليق على الأمر، وفي تصريحات منفصلة، قال مسؤول إماراتي يتحدث باسم الحكومة إن المزاعم حول توتر العلاقات "باطلة تماماً ولا أساس لها من الصحة" بينما قال مسؤول سعودي إن الفكرة "ببساطة غير صحيحة."
وأضاف المسؤول السعودي: "إن الإمارات العربية المتحدة شريك إقليمي مقرب من المملكة العربية السعودية، وسياساتنا تتوافق وتلتقي على مجموعة من القضايا ذات المصلحة المشتركة." وقال المسؤول السعودي إن البلدين يعملان معاً وبالتعاون مع الجيران الآخرين في الخليج للتنسيق سياسياً وأمنياً واقتصادياً.
وأما المسؤول الإماراتي فقال إن ما بينهم من "شراكة استراتيجية تنطلق من نفس الأهداف ونفس الرؤية التي تسعى إلى تحقيق الرخاء والأمن والاستقرار في المنطقة."
وفي ديسمبر (كانون الأول) بعد تعمق الخلافات حول السياسة المتبعة تجاه اليمن وإزاء حدود الأوبيك، دعا محمد بن سلمان إلى اللقاء مع الصحفيين، وأخبرهم بأنه بعث بقائمة من المطالب إلى الإمارات العربية المتحدة، كما صرح بذلك بعض من حضروا اللقاء. وحذر محمد بن سلمان إنه إذا لم تستجب الإمارات وتلتزم فإن المملكة العربية السعودية على استعداد لاتخاذ إجراءات عقابية، تماماً كتلك التي اتخذتها من قبل ضد قطر في عام 2017، حينما قطعت الرياض علاقاتها الدبلوماسية لأكثر من ثلاثة أعوام وفرضت حصاراً اقتصادياً بمساعدة أبو ظبي.
وبحسب ما ذكره الحاضرون في اللقاء، قال محمد بن سلمان للصحفيين: "وسيكون ذلك أشد وطأة مما فعلته مع قطر."
منذ لقاء شهر ديسمبر (كانون الأول)، اتخذ محمد بن سلمان سلسلة من التحركات الدبلوماسية وأنهى العزلة السياسية التي نجمت عن قيام فريق اغتيالات سعودي بقتل الصحفي جمال خاشقجي في عام 2018.
فقد توجه نحو الصين طالباً المساعدة في استعادة علاقات المملكة العربية السعودية مع إيران، ثم رتب لعودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، وإن كانت الإمارات العربية المتحدة هي أول من بادر بذلك قبل عدة أعوام. وكانت سوريا قد طردت من جامعة الدول العربية في عام 2011 بعد القمع الوحشي الذي مارسه الرئيس بشار الأسد ضد المدنيين السوريين الذين تظاهروا مطالبين بالتغيير.
يدور حديث بين محمد بن سلمان والولايات المتحدة حول الاعتراف رسمياً بإسرائيل، وهو الأمر الذي فعلته الإمارات العربية المتحدة في عام 2020. وبينما تدعم الإمارات العربية المتحدة أحد طرفي النزاع في السودان، يقود محمد بن سلمان جهوداً دبلوماسية لإنهاء العنف هناك.
طبقاً لمسؤولين من البلدين، تسعى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة إلى تهدئة التوترات التي شابت العلاقات بينهما، وقامتا ضمن هذا السياق بتبادل بيانات ورد فيها ذكر ما لديهما من شكاوى وما لكل منهما من مطالب من أجل التغيير.
في رد حاد على الشكاوى السعودية، حذر محمد بن زايد فيما وراء الكواليس الحاكم السعودي في وقت متأخر من العام الماضي بأن أفعاله تضر بالعلاقات بين البلدين. واتهم ولي العهد السعودي بالاقتراب كثيراً من روسيا من حيث سياساتها النفطية وبأنه يقوم بتحركات خطيرة، مثل العلاقات الدبلوماسية مع إيران، دون التشاور مع الإمارات العربية المتحدة، وذلك بحسب ما ذكره مسؤولون خليجيون.
استنكف محمد بن زايد عن حضور القمة العربية التي دعا إليها محمد بن سلمان أثناء زيارة الرئيس الصيني زي جينبينغ إلى الرياض، كما لم يحضر تصويت جامعة الدول العربية في مايو (أيار) على السماح لسوريا بالعودة إلى الجامعة. بالمقابل تغيب محمد بن سلمان عن لقاء لمحمد بن زايد بالزعماء العرب ضمن قمة إقليمية نظمت على عجل في الإمارات العربية المتحدة في يناير (كانون الثاني).
تقول دينا إسفندياري، كبيرة المستشارين لدى برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية: "تتصاعد التوترات بينهما، جزئياً لأن محمد بن سلمان يريد أن يخرج من تحت عباءة محمد بن زايد. والأمور مرشحة لمزيد من التدهور لأن البلدين كلاهما يزدادان ثقة وحزماً في سياساتهما الخارجية."
التحالف المبرم
لطالما وصف السعوديون والإماراتيون أنفسهم بأنهم أوثق الحلفاء، ولكن علاقاتهم لم تخل من توتر حتى قبل حصول الإمارات العربية المتحدة على الاستقلال من بريطانيا في عام 1971.
لطالما عبر مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ زايد آل نهيان عن انزعاجه من الهيمنة السعودية على شبه جزيرة العرب. بالمقابل رفض العاهل السعودي الملك فيصل لسنين الاعتراف بجارته المطلة على الخليج الفارسي، وكان يسعى لأن تكون له الكلمة الفصل في مختلف النزاعات الحدودية. وفي 2009، أعطبت الإمارات العربية المتحدة خططاً لإنشاء بنك مركزي خليجي لأن المقر المقترح له كان الرياض. ومازالت توجد حتى يومنا هذا نزاعات حدودية على الأراضي الثرية بالنفط والواقعة بين البلدين.
غدا البلدان أقرب والعلاقات بينهما أوثق مع صعود محمد بن زايد ومحمد بن سلمان، وذلك أن الأمير الإماراتي غدا هو الحاكم الفعلي للبلاد وهو في سن الرابعة والخمسين عام 2014 عندما أصيب أخوه غير الشقيق رئيس البلاد الشيخ خليفة بن زايد بنوبة أقعدته. وعندما بدأ محمد بن سلمان يُحكم قبضته على السلطة بعد وصول والده الملك سلمان إلى العرش في 2015، راح محمد بن زايد يهيء ويوجه الأمير السعودي الشاب، الذي كان حينها في التاسعة والعشرين من عمره فقط.
لم يكن أي من الرجلين على معرفة بالآخر تقريباً قبل أن تجمعهما رحلة ليلية في الصحراء السعودية الشاسعة، كما ورد حينذاك في تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال. مثلت تلك النزهة، التي رافقتهما فيها صقور مدربة وحاشية صغيرة، والتي هي في التقاليد الخليجية المكافئ لجولة من الغولف الرئاسي، نقطة تحول في صداقتهما، بحسب ما صرح به أشخاص على معرفة جيدة بما دار خلال تلك الرحلة.
لعب محمد بن زايد وغيره من كبار المسؤولين الإماراتيين دوراً حيوياً في كسب دعم إدارة ترامب لمحمد بن سلمان، الذي كان حينها ما يزال نائباً لولي العهد. كما ساعد محمد بن زايد في الترتيب لزيارة الرئيس دونالد ترامب إلى المملكة العربية السعودية في عام 2017، والتي كان من شأنها تعزيز مكانة محمد بن سلمان. ثم ما لبث الأمير السعودي أن نفذ انقلاباً داخل القصر في الشهر التالي ليصبح هو ولي العهد، ثم ليبدأ من بعد ذلك بالتخلص من ناقديه ومنافسيه المحتملين.
تطلع محمد بن سلمان إلى محمد بن زايد ليساعده ويرشده حتى يصيغ خطة لإعادة تشكيل المملكة المحافظة ويفتحها على العالم، كما لجأ إلى نفس البنوك والمستشارين الذين كان الإماراتيون قد استخدموهم في تنفيذ خطة مماثلة قبل ما يقرب من عقد من الزمن.
أبرم محمد بن سلمان ومحمد بن زايد تحالفاً في السياسة الخارجية فتدخلا معاً في اليمن، وساعدا عبد الفتاح السيسي في الاستيلاء على السلطة عبر انقلاب عسكري في مصر، وسلحا المقاتلين الليبيين في الجزء الشرقي الانفصالي عن البلد، وقاطعا قطر بسبب علاقاتها بإيران وبالإسلاميين.
حاول الرجلان من بعد ذلك تخليص بلديهما من تداعيات تلك التدخلات. واليوم يشعر محمد بن سلمان بأن الرئيس الإماراتي جره إلى صراعات كارثية خدمت مصالح الإمارات العربية المتحدة ولكن لم تخدم مصالح المملكة العربية السعودية، كما يقول المسؤولون الخليجيون.
يقول دوغلاس لندن، ضابط السي آي إيه المتقاعد والذي يعمل حالياً باحثاً غير مقيم في معهد الشرق الأوسط ومقره واشنطن: "محمد بن سلمان لا يحبه ويريد أن يفضحه." وقال إنه مع تراجع التهديدات المتوقعة من إيران ومن الجماعات الإرهابية فإن التوترات بينهما مرشحة للتصاعد. ومع ذلك يقول لندن إن الزعيم السعودي طور مقاربة عملية وأكثر واقعية في قيادة بلاده، ولهذا فمن غير المحتمل أن يتخذ إجراءات متسرعة ضد الإمارات العربية المتحدة.
الخلاف حول الأوبيك
طفا الشقاق على السطح في أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي عندما قررت منظمة أوبيك، وهي مجموعة تضم ثلاثة عشر بلداً مصدراً للنفط تتحالف مع روسيا، خفض الإنتاج في خطوة جاءت صادمة لإدارة بايدن. انساقت الإمارات العربية المتحدة مع قرار التخفيض ولكنها فيما وراء الكواليس أخبرت المسؤولين الأمريكيين ووسائل الإعلام الأمريكية بأن المملكة العربية السعودية أجبرتها على الموافقة على القرار.
عكس هذا الأمر نزاعاً قائماً منذ فترة طويلة بين السعوديين والإماراتيين حول السياسة التي تنتهجها منظمة أوبيك، الكيان الذي ما فتئت الرياض تهيمن عليه باعتبارها أكبر مصدر للنفط الخام في العالم. رفع الإماراتيون مستوى إنتاجهم للنفط إلى ما يزيد عن أربعة ملايين برميل في اليوم، ويخططون لتجاوز الخمسة ملايين، ولكن يسمح لهم بموجب سياسة الأوبيك ضخ ما لا يزيد عن حوالي ثلاثة ملايين، مما يكلفهم مئات المليارات من الدولارات على شكل إيرادات مفقودة.
كما أن رفع الإمارات لقدرتها الإنتاجية للنفط تمنحها القابلية لرفع الإنتاج وخفضه، ويتبع ذلك تحكم بأسعار النفط العالمية. حتى وقت قريب كانت المملكة العربية السعودية هي البلد الوحيد الذي يملك مثل هذا النفوذ في سوق النفط.
بلغ الاستياء والإحباط بالإمارات أن صرح مسؤولوها للمسؤولين الأمريكيين بأنهم على استعداد للانسحاب من أوبيك، بحسب ما صرح به مسؤولون خليجيون وأمريكيون. يقول المسؤولون الأمريكيون إن ذلك بالنسبة لهم كان تعبيراً عن سخط الإمارات ولم يفهموه على أنه تهديد حقيقي. في اللقاء الأخير لمنظمة أوبيك الذي عقد في يونيو (حزيران) سُمح للإماراتيين بزيادة متواضعة في الإنتاج، وخرج وزير الطاقة لديهم من الاجتماع ويده في يد نظيره السعودي.
تهدد الخلافات بين الزعيمين بتقويض الجهود الجارية لإنهاء الحرب في اليمن، والتي تدور رحاها بين السعوديين والإماراتيين ومجموعة من الفصائل اليمنية من جهة والمتمردين الحوثيين المدعومين من قبل إيران من جهة أخرى، والذين استولوا على أجزاء ضخمة من البلاد في عام 2014، بما في ذلك العاصمة اليمنية صنعاء.
تستمر الإمارات العربية المتحدة في دعم الحركة الانفصالية في اليمن، والتي تسعى لاستعادة الدولة اليمنية في الجنوب. إلا أن من شأن ذلك أن يقوض الجهود التي تبذل للحفاظ على وحدة القطر. وأحياناً كان المقاتلون المدعومون سعودياً وإماراتياً عبر السنين يوجهون أسلحتهم ضد بعضهم البعض.
في شهر ديسمبر (كانون الأول) وقعت الإمارات العربية المتحدة اتفاقاً أمنياً مع المجلس الرئاسي اليمني المدعوم سعودياً يمنح أبو ظبي حق التدخل في اليمن وفي مياهها الإقليمية، فرأى السعوديون في ذلك تحد لاستراتيجيتهم الخاصة باليمن.
لدى المملكة العربية السعودية خطط لإنشاء خط أنابيب يمتد من المملكة إلى بحر العرب عبر محافظة حضرموت اليمنية، بما في ذلك بناء ميناء بحري في عاصمة المحافظة، الموكلا. إلا أن القوات المدعومة إماراتياً في حضرموت تشكل تهديداً لهذه الخطط.
حذر المحللون في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في شاتام هاوس، وهو مركز أبحاث وتفكير مستقل مقره لندن، من أن القوات اليمنية المتنافسة تستعد لمواجهات جديدة تهدد بتقويض محادثات السلام الجارية حالياً. وقال المحللون في سلسلة من التغريدات عبر تويتر: "تستعرض المملكتان الخليجيتان المزيد من النفوذ وتتصرفان بشكل أكثر عدوانية تجاه بعضهما البعض في المنطقة ككل. وما اليمن إلا أول جبهة أمامية، وهي الجبهة الأكثر نشاطاً في الوقت الراهن."
لو انسحب السعوديون من اليمن الآن، فسوف يتحالف الشمال الذي يسيطر عليه الحوثيون مع إيران بينما يتحالف الجنوب مع الإمارات العربية المتحدة، تاركين الرياض بلا مكاسب من هذه الحرب، كما يقول المسؤولون اليمنيون في حديثهم عن المخاوف السعودية.
هدف بايدن
لقد أضجر التنافس السعودي الإماراتي إدارة بايدن التي تريد من العواصم الخليجية الصديقة مثل الرياض وأبو ظبي المساعدة في تشكيل جبهة موحدة ضد إيران. كما أن من الأهداف الأساسية للسياسة الخارجية للإدارة إنهاء الحرب في اليمن، والتي تسببت في وقوع كارثة إنسانية مهولة. ترغب الإدارة الأمريكية في رؤية الاستقرار يسود المنطقة ويسود أسواق النفط.
لا محمد بن سلمان ولا محمد بن زايد يصطفان مع واشنطن في القضايا المهمة مثل أوكرانيا والصين. وتزداد مخاوف المسؤولين الأمريكيين من انفتاح محمد بن زايد على بيجينغ وعلى موسكو، والذي لم يلبث، مثله في ذلك مثل محمد بن سلمان، يعمل على بناء علاقات أقوى معهما.
جاء بايدن إلى السلطة متعهداً بمعاملة المملكة كدولة منبوذة بسبب جريمة قتل خاشقجي، والتي قال محمد بن سلمان إنه لم يأمر بها. ولكن بدلاً من ذلك زار بايدن المملكة العربية السعودية في يوليو (تموز) 2022، وساعد في إنهاء عزلتها. والآن ها هي الشركات الأمريكية التي كانت مترددة في التعامل مع المملكة تعيد النظر في مواقفها. يتوقع لمثل هذا الاهتمام أن يتسارع مع اقتراب انتهاء المهلة الممنوحة للشركات الأمريكية نهاية هذا العام حتى تؤسس لنفسها مقرات في الرياض بدلاً من الطيران إليها من مقراتها في دبي.
توسطت إدارة بايدن لترتيب لقاء في السابع من مايو (أيار) بين محمد بن سلمان والشقيق الأصغر للرئيس الإماراتي، الشيخ طحنون بن زايد، الذي كان في وقت ما يعتبر من ندماء ولي العهد السعودي، بحسب ما يقوله أناس مطلعون على هذا الأمر. قبل ذلك كان طحنون يقابل بالتجاهل التام، فقد قام بما لا يقل عن ست رحلات إلى المملكة دون أن يتمكن من لقاء محمد بن سلمان، إلى أن حصل على المساعدة من الولايات المتحدة، كما يقول المطلعون.
أخبر محمد بن سلمان طحنون بأنه لا ينبغي أن تفسد الإمارات العربية المتحدة محادثات السلام في اليمن والتي تقودها السعودية، ووعد بتقديم تنازلات للإمارات، كما يقول المطلعون. ولكنه فيما بعد قال لمستشاريه إنهم لا يجب أن يغيروا أياً من السياسات تجاه الإمارات العربية المتحدة. وحسبما يقول المطلعون، قال محمد بن سلمان لمستشاريه: "لم أعد أثق بهم."
للاطلاع على النص الأصلي (هنا)