نشر معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى
دراسة لديفيد ماكوفسكي وهو مدير مشروع عملية السلام في الشرق الأوسط بالمعهد، عن تداعيات إقرار الإصلاحات القضائية في إسرائيل.
وقال ماكوفسكي إن الغضب بشأن الإصلاحات القضائية يسيطر على المشهد السياسي "الإسرائيلي" منذ أشهر، ما أدى إلى ظهور أكبر حركة معارضة شعبية في تاريخ البلاد.
وأضاف، أن الحراك يستمد تحفيزه من واقع أن إسرائيل لا تملك دستورا، بل مجموعة من القوانين التي لا يتطلب تعديلها أغلبية ساحقة، بخلاف دستور الولايات المتحدة، وبالتالي، يلجأ المواطنون إلى الشارع للتأكيد أن الحكومة لا تحظى بتأييد أغلبية الرأي العام لاتخاذ إجراءات تشريعية أحادية الجانب من هذا القبيل.
وذكر ماكوفسكي، أن اليمينيين المتشددين في ائتلاف رئيس الوزراء بنيامين
نتنياهو ضغطوا لإجراء الإصلاحات القضائية لحقيق عدة أهداف أبرزها، "الاستيطان غير المقيد في الضفة وإعفاء المتدينين المتشددين من التجنيد العسكري".
وتابع أن عدة شخصيات مثل رئيس
الاحتلال إسحاق هرتسوغ ورئيس "نقابة العمال الإسرائيلية" أرنون بار دافيد، فشلا بالتوصل إلى حل وسط، ما يوضح انعدام الثقة التام بين قادة الائتلاف والمعارضة، الذين ازداد تنافسهم حدة منذ تراجع نتنياهو عن التزامه عام 2020 بالتناوب على رئاسة الوزراء مع رئيس حزب "الوحدة الوطنية" بيني غانتس. بالإضافة إلى صعوبة إقناع القواعد السياسية الخاصة بكل منها بالتوصل إلى حل وسط.
وأشار إلى عدم خروج أي عضو من أعضاء ائتلاف نتنياهو عن موقف الائتلاف من خلال معارضة التصويت أو الامتناع عن التصويت، مما يدل على أن حكومته متماسكة سياسياً ومدركة للعقوبة الشخصية الشديدة المترتبة عن الانشقاق في البيئة الحالية.
وحول المعارضة قال ماكوفسكي، إن أعضاءها يأملون بتحقيق نجاح في الانتخابات في ظل النزاع الأهلي ضد الحكومة والتدهور الاقتصادي المستمر.
وكشفت الدراسة عن توقعات بإقالة نتنياهو للمدعية العامة الحالية مستقلة التوجه، غالي بهراف ميارا، أو يُقسّم واجباتها لكي يتمكن من تعيين مدع عام أكثر ميلاً إلى إنهاء قضية الفساد المرفوعة ضده.
وأشار ماكوفسكي إلى أن تلك الخطوة قد تؤدي إلى رد فعل شعبي عنيف واسع النطاق، حيث ينظر الكثير من "الإسرائيليين" إلى التصويت كنذير شؤم، باعتباره يفسخ العقد الاجتماعي الذي تبقى بموجبه بلادهم متجذرة في المبادئ الليبرالية الغربية ويستمر بموجبه رئيس وزرائهم بمراعاة وجهات النظر العامة الأوسع نطاقاً.
وبين الكاتب أن معارضة العسكريين للقانون تمثل تهديدا لقدرات الجيش "الإسرائيلي" حيث تؤثر تهديدات المقاطعة بشكل خاص على "سلاح الجو الإسرائيلي"، إذ ينفذ طيارو الاحتياط بين 60 و 70 في المئة تقريباً من الغارات الجوية الإسرائيلية، وإذا لم تقم أطقم الاحتياط بإجراء التدريب المنتظم والمكثف فقد لا تتمكن من الانتشار في مهام مستقبلية.
وأكد ماكوفسكي أن من الصعوبة معرفة السرعة التي ستؤثر بها المقاطعة في القدرات العسكرية لإسرائيل إذا عُلّق التدريب.
وسبق أن أشار جيش الاحتلال إلى أن التأثيرات على جهوزيته ستتضح في غضون أسابيع، بينما وجّه رئيس الأركان هرتسي هاليفي رسالة مفتوحة إلى الجنود يحذر فيها من أن "إسرائيل" لن تكون قادرة على التواجد كدولة إذا غاب التماسك العسكري.
ونوهت الدراسة إلى أن إيران و"حزب الله" سيستغلون الانقسامات "الإسرائيلية" الحالية كفرصة لزيادة هجماتهم، لهذا. طلب قائدا المعارضة غانتس ويائير من جنود الاحتياط مواصلة أداء الواجب على الأقل إلى أن تُتاح "للمحكمة العليا" الفرصة للتأثير على القانون الجديد.
وعن موقف الإدارة الأمريكية، قالت الدراسة، إن بايدن يرى القضاء "الإسرائيلي" بشكله الحالي يقوي الدولة، بينما لا يؤدي القانون المثير للجدل إلّا إلى إضعافها، وتكمن الصعوبات ذاتها وراء قراره بعدم دعوة نتنياهو مجددا إلى البيت الأبيض منذ عودة رئيس الوزراء إلى السلطة في كانون الأول/ديسمبر الماضي.
ورجحت الدراسة أن الخلاف قد يحفز نهجاً أمريكيا أكثر صرامة بشأن التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية.
وعلى صعيد آخر، يشير معد الدراسة إلى أن بايدن كان يضغط لتحقيق اختراق ثلاثي بين الولايات المتحدة والسعودية وإسرائيل، متسائلة عن إمكانية إكماله في ظل الظروف الراهنة.