قال تقرير لمعهد "كارنيغي" إن تداعيات
تمرد
قوات
فاغنر الروسية كانت مختلفة تماما عن ما توقعه الكثيرون؛ فلم تتم إعادة هيكلة القوات
بشكل جذري، ولم يتم قتل بريغوجين أو سجنه، كما أنها لم تكن هناك عملية تطهير للجيش من المتعاطفين
مع "فاغنر".
ومع ذلك فإن التقرير يشير إلى تغير نظرة النخب الروسية للعالم، وأن ذلك التمرد
الوجيز سيلقي بظلاله على المسار السياسي للبلاد لسنوات قادمة، بحسب وكالة "أسوشييتد برس".
وردا على سؤال متعلق بسبب اتخاذه قرار السيطرة على
مقر الجيش في مدينة روستوف أون دون، وإرسال رتل من القوات صوب موسكو، قال بريغوجين بعد تردد: "لقد فقدت السيطرة على نفسي". ويبدو هذا معقولا.
وبحسب التقرير فإن التمرد نفسه حدث بسرعة مذهلة؛ نشر قوات
فاغنر ورد فعل بوتين الغاضب وإصابة بريغوجين بالذعر عندما وجد نفسه على وشك السيطرة
على موسكو، والاتفاق الذي تم التوصل إليه بوساطة الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو،
وقرار فاغنر التراجع. وكان المشهد الأخير هو اجتماع يوم 29 حزيران/ يونيو مع بوتين،
والذي يبدو أن قادة فاغنر اضطروا خلاله للاعتذار ووافقوا على الانتقال إلى بيلاروس.
ويرجح التقرير أن الأمر كله كان مجرد سوء تفاهم. فمن ناحية،
فشل بوتين في فهم مدى التطرف الذي وصل إليه بريغوجين، وسمح للنزاع بأن يتصاعد بتداعيات
دموية. ومن ناحية أخرى، بالغ بريغوجين في تقدير أهميته، وأخطـأ في اعتقاده أنه يمكن أن
يضغط على بوتين لإعادة تغيير القيادة العسكرية وينقذ فاغنر من أن يصبح بلا أهمية.
وفي النهاية يبدو أنه تم حل كل شيء، وأن بريغوجين فهم أن
محاولته لاستخدام القوة كانت خطأ، وقرر بوتين أن بريغوجين كان مجرد رجل وطني نسي نفسه
مؤقتا وسط أهوال الحرب، وليس خائنا خطيرا.
ومع ذلك، فقد خسر بريغوجين أصولا في أعقاب التمرد (إمبراطوريته
الإعلامية وجزءا من أعماله التجارية- والأكثر أهمية- سمعته كبطل حرب) وتم نفيه إلى بيلاروس.
ويبدو أن الكرملين يحاول تحطيم مجموعة فاغنر. ويتم الضغط على قادة المجموعة للخدمة
تحت قيادة قائد جديد هو أليكسي تروشيف، الذي يبدو أنه وقع عقدا مع وزارة الدفاع، ووفقا
لبوتين فإنه تم تعيينه خليفة لبريغوجين.
وبحسب التقرير فإن كيفية انشغال عدة آلاف من جنود فاغنر في
بيلاروس تشكل أزمة بالنسبة لبوتين وصداعا بالنسبة للوكاشينكو. ولكن يبدو أن الكرملين
قد قرر أن المتمردين السابقين لا يمكن أن يبقوا في
روسيا.
ويشير التقرير إلى أن التمرد أضر بسمعة قادة الجيش الروسي وكشف
عن عدم الرضا الذي تراكم بين صفوف عناصر الجيش. وبعد خلاف في وقت سابق من شهر تموز/
يوليو، مع رئيس هيئة الأركان العامة فاليري غيراسيموف، تمت إقالة الميجور جنرال إيفان
بوبوف، قائد جيش الأسلحة الموحد الـ58 الذي يحظى باحترام كبير، من منصبه وإرساله للخدمة
في سوريا. وتنتشر شائعات على القنوات الروسية على تطبيق "تليغرام" بشأن
إقالة الميجور جنرال فلاديمير سيليفرستوف، قائد الفرقة 106 المحمولة جوا، والكولونيل
جنرال ميخائيل تيبليتسكي، قائد القوات المحمولة جوا في روسيا.
وتبدو هذه التغييرات بمثابة نتيجة للضرر الذي لحق بسلطة كل
من غيراسيموف وشويغو أكثر منها تطهيرا للجيش من حلفاء بريغوجين. ومن الممكن أن يحتاج
بوتين مع مرور الوقت إلى أن يقوم بتغيير الرجلين.