استنكرت
نقابة الصحفيين التونسيين، الجمعة، أن ما اعتبرته "تدخل" الرئيس
قيس سعيد في
الإعلام العام ومؤسسة التلفزيون الحكومية، والذي تضمن تدخلا حتى في ترتيب فقرات النشرات الإخبارية و المضامين الإعلامية والضيوف في البرامج، بحسب النقابة.
جاء ذلك في بيان نشرته النقابة عبر حسابها في فيسبوك، للتعليق على توصيات سعيد للمديرة العامة للتلفزيون التونسي عواطف الدالي، خلال لقاء جمعهما الخميس، بقصر قرطاج.
وأشار بيان النقابة إلى ما سماه "تدخل الرئيس في ترتيب فقرات النشرات الإخبارية"، واصفا هذه الممارسات بأنها نوع من "الرقابة الكاملة على الإعلام العام، وضرب لمبدأ التعدد والتنوع والموضوعية خاصة في التلفزيون والإذاعة التونسيتين، ووكالة تونس إفريقيا للأنباء".
كما دعت نقابة الصحفيين أبناء مؤسسة التلفزيون التونسية بصفة خاصة وبقية مؤسسات الإعلام العام إلى "التصدي للانحرافات الخطيرة، ولكل محاولات توظيف هذه المرافق العامة لخدمة السلطة أو أي جهة كانت".
وطالب البيان الإعلام العام بـ"لعب دوره الأساسي كمرفق عام من شأنه خدمة الدولة والمجتمع، والتعبير عن مطالب الناس ومشاغلهم"، مشددا على "ضرورة ألا يكون بوق دعاية للسلطة الحاكمة مهما كانت".
وفي السياق، استنكرت النقابة في بيانها بعض "الممارسات الإقصائية" التي تمثلت في منع أفراد من المجتمع المدني والقوى السياسية من الظهور في التلفزيون التونسي الممول من دافعي الضرائب"، وفقا للبيان.
واتهمت أيضا القائمين على التلفزيون التونسي بتعمد "تبييض السلطة وتغييب الرأي المخالف أو الناقد لها وتقديم خدمات جليلة للسلطة لاسترضائها منذ 25 تموز/ يوليو 2021 (حين أعلن سعيد تدابير استثنائية تم بمقتضاها حل الحكومة وتعليق البرلمان)".
من جهة أخرى، حث البيان الرئيس التونسي على "احترام استقلالية الإعلام والكف عن التدخل في المضامين، والابتعاد عن سياسة التعيينات".
"لوبيات وراء الستار"
وجاء بيان النقابة ردا على لقاء جمع سعيّد بمديرة التلفزيون التونسي عواطف الدالي، حيث وجه الرئيس التونسي انتقادات حادة للخط التحريري في القناة.
وقال سعيّد، خلال لقاء بقصر قرطاج مع الدالي، إن العديد من البرامج التي تبثها القناة الوطنية، فضلا عن نشرات الأخبار وترتيب الأنباء "ليست بريئة"، على حد قوله.
وأضاف سعيّد أنه شاهد جزءا من برنامج "الزمن الجميل"، وما هو بالزمن الجميل، ولو كان جميلا لما كان الوضع على هذا النحو، وفق تعبيره.
وانتقد استضافة البرنامج بعض الأشخاص الذين قال عنهم إنهم كانوا مختبئين عام 2011، وكان منهم من هو مطلوب للعدالة، "وأصبحوا الآن أبطالا ويتحدثون عن الزمن الجميل"، مشيرا إلى أن هذا ليس خطا تحريريا ولكنه خط القوى المضادة للحرية والتحرير الوطني.
واختتم توجيهاته للدالي بالقول إنه "لا يمكن أن يستمر ما يبث من المؤسسة الوطنية، ويجب أن تكون في خدمة التونسيين لا في خدمة هذه اللوبيات التي تتخفى وراء الستار". من دون أن يحدد ما هذه "اللوبيات".
"بوق دعائي"
وتشهد العلاقة بين الصحفيين والرئيس في تونس توترا متصاعدا، لا سيما مع استمرار محاكمة عدد من الصحفيين وأصحاب الأعمال الحرة والسياسيين.
وفي أيار/مايو الماضي، قالت نقابة الصحفيين إن حرية الصحافة في تونس أصبحت في "وضع سيء للغاية" بسبب الانتهاكات المتزايدة وتقييد السلطات الوصول إلى المعلومات، متهمة الرئيس قيس سعيد بتهديد حرية التعبير في البلاد.
وقال مهدي الجلاصي رئيس نقابة الصحفيين في مؤتمر صحفي إن التلفزيون الرسمي تحول إلى "بوق دعائي تافه يستبعد كل أصوات المعارضة"، بعد أن كان صوتا للجميع في العقد الماضي.
وأضاف أن عدة صحفيين حوكموا بموجب قانون النشر على الإنترنت المعروف بالمرسوم 54، معتبرا أن هذا المرسوم الذي وقعه سعيد كان "أكبر انتكاسة لحرية التعبير منذ 2011".