سياسي سنغالي متمرس في العمل الحزبي له مؤلفات في السياسة والتاريخ. يملك خبرة تزيد على الـ40 عاما، شغل خلالها مناصب ضمن حكومة السنغال والمؤسسات الأكاديمية والمنظمات الإقليمية ومنظومة الأمم المتحدة.
يجد نفسه وسط برميل بارود بين خصوم متفقين على العملية السياسية لكنهم مختلفون في التفاصيل والجانب الإجرائي.
أنهى عبد الله
باتيلي (باثيلي) المولود عام 1947 في تيابو بالسنغال، تعليمه الثانوي في بلاده قبل أن يسافر إلى بريطانيا ليحصل على درجة الدكتوراه في فلسفة التاريخ من جامعة بيرمنغهام، ثم عاد إلى بلاده والتحق بجامعة "الشيخ أنتا ديوب" وحصل منها على دكتوراه الدولة.
درس باتيلي التاريخ لأكثر من 30 عاما في جامعة "الشيخ أنتا ديوب" كما أنه حاضر في العديد من الجامعات حول العالم.
دخل عالم السياسة عبر حزب "العصبة الديمقراطية - حركة حزب العمل" حيث تولى منصب السكرتير الثالث للحزب والمسؤول عن الصحافة والعلاقات الخارجية. ثم شغل في عام 1984 منصب الأمين العام للحزب صاحب الميول الاشتراكية.
كان مرشح الحزب في الانتخابات الرئاسية في عام 1993، وحصل على المركز الرابع، وفي الانتخابات النيابية التي أجريت في نفس العام انتخب نائبا في الجمعية الوطنية السنغالية وانتخب فيما بعد لدورات عديدة.
خدم في الحكومة وزيرا للبيئة ما بن عامي 1993 و1998 في عهد الرئيس عبدو ضيوف. وقام بتأييد مرشح المعارضة عبد الله واد في الانتخابات الرئاسية عام 2000، وبعد فوز عبد الله واد، عين باتيلي وزيرا للطاقة والثروة المائية في عام 2000، وبقي في هذا المنصب حتى عام 2001.
لاحقا، ازداد الخلاف بين "العصبة الديمقراطية / حركة حزب العمل" مع عبد الله واد، وقاد باتيلي تصويتا في الجمعية الوطنية ضد العفو عن الأفراد المتورطين في اغتيال نائب رئيس المجلس الدستوري باباكار سي عام 1993، ما دفع الرئيس واد إلى إقالة وزراء " العصبة الديمقراطية" من الحكومة في عام 2005 وغادر الحزب الحكومة ودخل في المعارضة.
خاض باتيلي ترشيحه مرة أخرى في الانتخابات الرئاسية في عام 2007 كمرشح عن ائتلاف "جوبانتي سنغال"، واحتل المركز السادس، وفقا للنتائج الرسمية.
ورفضت حملة باتيلي النتائج وزعمت أن هناك عيوبا في عملية التصويت، وقدم باتيلي استئنافا بشأن الانتخابات، لكن المجلس الدستوري رفض طعنه.
وعلى أثرها احتجزته الشرطة لفترة وجيزة مع قادة معارضة آخرين بعد مشاركته في مظاهرة بشأن تأجيل الانتخابات البرلمانية .
بعد تشكيل حكومة ضمت كريم واد، نجل عبد الله واد في عام 2009، انتقد باتيلي الرئيس لإدارته البلاد من خلال ما أسماه "إدارة الأسرة"، وقال إن السنغال تتفوق على كل الأرقام القياسية من حيث "سوء الحكم، أنا أخجل من بلدي". بالإضافة إلى ذلك، انتقد خطط تحديد منصب نائب الرئيس، قائلا إن هذا المنصب غير ضروري ولا معنى له وجادل بأنه سيتم استخدامه فقط من قبل واد لضمان "الخلافة الملكية".
دعم باتيلي مرشح المعارضة ماكي سال في الانتخابات الرئاسية عام 2012، وحين فاز سال في الانتخابات، وبعد بضعة أشهر من توليه منصبه، عين باتيلي وزيرا للدولة في الرئاسة.
عمل بعدها دبلوماسيا لدى الأمم المتحدة، ففي عام 2013 أعلن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون تعيين باتيلي نائبا لممثله الخاص في بعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي.
بعد أقل من عام عين ممثلا خاصا للأمين العام لوسط أفريقيا ورئيس مكتب الأمم المتحدة الإقليمي لوسط أفريقيا في الغابون.
عام 2018 عين مستشارا خاصا للأمين العام للأمم المتحدة بشأن مدغشقر، وفي 2019 عمل خبيرا مستقلا للمراجعة الاستراتيجية لمكتب الأمم المتحدة لغرب أفريقيا.
وبعد أشهر على شغور المنصب وابتداء من عام 2022، عينه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش مبعوثا للأمم المتحدة إلى
ليبيا، حيث تتنافس حكومتان على السلطة. واتفق أعضاء مجلس الأمن الدولي على اسم باتيلي بينما عبرت الحكومة في طرابلس عن "تحفظاتها"، وعارضت حكومة عبد الحميد دبيبة تعيينه بحجة أنه "قليل الخبرة" وبسبب عدم التشاور معها على تكليفه.
وكان مقررا أن تشهد ليبيا انتخابات رئاسية وتشريعية في عام 2021 تتويجا لعملية سلام رعتها الأمم المتحدة لكن هذه الانتخابات أرجئت حتى إشعار آخر بسبب تباينات بين الخصوم السياسيين وتوترات ميدانية .
وبرغم تأكيده على أهمية مبدأ الحل الليبي-الليبي بوصفه أساسا لأي أداة فعالة لتحقيق الاستقرار في ليبيا، إلا أن باتيلي شدد في إحاطة لمجلس الأمن في حزيران/ يونيو الماضي على ضرورة ألا يكون هذا المبدأ "شعارا يخفي وراءه أجندة لإطالة أمد الوضع الراهن على حساب حقوق الشعب الليبي السياسية وتطلعاته للمؤسسات الشرعية والازدهار".
وهي عبارة يكررها تقريبا كل مبعوث أممي أو دولي أو إقليمي إلى ليبيا وباتت "كلاشيها" أمميا بامتياز. كما أنه بدأ عمله على غرار أسلافه السبعة، متنقلا بين مدن ليبيا.
خطة باتيلي تعتمد على تحييد مجلسي النواب والدولة، مبررا ذلك بفشلهم في التوافق على قاعدة دستورية للانتخابات، "هناك حاجة لحكومة موحدة ومجلس موحد لبناء دولة جديدة"، مشددا على أن الوقت قد حان للشروع في مصالحة بين الأطراف الليبية.
كذلك أردف بأنه "لا يمكن إعادة بناء ليبيا في وجود حكومات انتقالية لانهائية"، معتبرا أن "كل من يريدون حكومات انتقالية يريدون فقط تقاسم الكعكة" في إشارة واضحة إلى مساعي مجلسي النواب والدولة لتشكيل حكومة جديدة، "مهمتها الوصول إلى الانتخابات".
المعارضون للمبعوث الأممي ولمن سبقوه يتهمونه بأنه يحاول "تهميش وتغييب" الشعب الليبي.
وأمام الأصوات الناقدة له، كشف باتيلي نيته في إنهاء الفترة الانتقالية التي طالت كثيرا من خلال لجنة تقوم بإعداد دستور مؤقت يتم بموجبه عقد انتخابات تشريعية ورئاسية قبل نهاية العام الحالي، إلا أن مجلسي البرلمان والدولة أعلنا أن ذلك يعتبر "تدخلا سافرا في الشأن الليبي".
لكن باتيلي رد عليهما بأن وجه حديثا شديد اللهجة إلى المجلسين قائلا إن مستقبل البلاد يجب ألا يتوقف على مجلسي النواب والأعلى للدولة.
وتشهد ليبيا أزمة سياسية تتمثل في صراع بين حكومتين الأولى برئاسة فتحي باشاغا المكلفة من البرلمان، والثانية يقودها الدبيبة الذي يرفض تسليم السلطة إلا لحكومة تكلف من قبل برلمان جديد منتخب.
باتيلي لا يستطيع تجاوز المجلسين (النواب والدولة) بدون موقف إقليمي ودولي قوي وهذا لا يتوفر الآن على ما يبدو، فما زالت بعض الأطراف الفاعلة متمسكة بالوصول إلى حل عبر المجلسين ورفض أي محاولات لسحب ملف الانتخابات منهما.
هل وصل
المبعوث الأممي إلى طريق مسدود في محاولاته مع مجلسي النواب والدولة، من أجل وضع رؤية ونصوص متفق عليها لإجراء الانتخابات، خصوصا أن تصريحه وخططه تبدو غير مدعومة من الأطراف الدولية.؟! هل يفرض المجتمع الدولي الرؤية التي توصل إليها باتيلي، أم يبقى باتيلي يدور في حلقة مفرغة بانتظار مبعوث أممي جديد.؟!