في الوقت الذي يجري فيه المسؤولون الإسرائيليون
والأمريكيون مباحثات في تل أبيب وواشنطن، تمهيدا لإبرام صفقة مع السعودية، فوجئت
دولة
الاحتلال بصفقة جديدة أبرمتها الولايات المتحدة مع
إيران، بموجبها تم الإفراج
عن أموالها مقابل الحد من التخصيب.
رون بن يشاي، الخبير العسكري لصحيفة "
يديعوت
أحرونوت"، زعم أن "دولة الاحتلال هي الضحية الرئيسية للصفقة الأمريكية الإيرانية
الجارية، رغم أننا أمام تفاهمات دون اتفاقية موقعة بينهما، أما في إسرائيل، فقد انقسمت
الآراء حول ما إذا كان الاتفاق سيئًا فقط لمصالحها، لأنه يسمح لإيران بالحصول على أسلحة
نووية في 2035، ما دفع المؤسسة العسكرية الإسرائيلية للاعتقاد بأن الاتفاقية سيئة،
رغم أنه قد يمكنها التعايش معها، والاستفادة من الوقت الذي تشتريه لها، رغم أن بنيامين
نتنياهو رئيس الحكومة يعتقد خلاف ذلك".
وأضاف في مقال ترجمته "عربي21"
أن "الاتفاقية أثارت معارضة كبيرة في تل أبيب، ولم تأت من صفوف حكومة نتنياهو،
بل إن زعيم المعارضة يائير لابيد عارض بشدة هذا الاتفاق، بزعم أن الإفراج عن الأموال
الإيرانية المجمدة من قبل الولايات المتحدة سيسمح لها بتصدير كميات محدودة من النفط،
بجانب إلغاء المزيد من العقوبات الإضافية، ما يمنحها مزيدا من تمويل الأذرع المسلحة
المنتشرة في الشرق الأوسط، ولن يمنعها من التنافس على السلاح النووي".
وأشار إلى أن "المندوبين الإسرائيليين
ممن سافروا لواشنطن شرحوا للأمريكيين أن اتفاقًا مع الإيرانيين لن يمنع سباق تخصيب
اليورانيوم، وسيؤدي لمنح مزايا لإيران، فحكومتهم لن تواجه بعد الآن ضغوط الشارع نتيجة
الأزمة الاقتصادية، وسيحصل الحرس الثوري على ثروة مالية تتيح لهم تمويل شحنات الأسلحة
الدقيقة إلى سوريا وحزب الله، وبشكل عام لتمويل الجماعات في جميع أنحاء الشرق الأوسط،
صحيح أن إدارة بايدن استمعت للمزاعم الإسرائيلية، لكنهم لم يرفضوها صراحة، بل أوضحوا
أن لها مصلحة في كبح سباق التسلح النووي الإيراني".
وأوضح أن "سبب الاستياء والقلق الإسرائيلي
من الاتفاق الإيراني الأمريكي يعود إلى أن هذه التفاهمات ستترجم أفعالا على الأرض، لاسيما
في مقرّي قيادتي الجيش والموساد، لأن الولايات المتحدة سترسل الأموال لإيران بمبالغ
إضافية كبيرة، ما سيسمح للحرس الثوري بتمويل فروعه، خاصة المليشيات العراقية وحزب
الله في لبنان، لإعطاء زخم لطموحاتها في المنطقة، حتى أن وجود مذكرة تفاهم غير مكتوبة
مع إيران يحدّ من حرية إسرائيل داخل حدودها، ويتعلق هذا بالمناطق التي يتولى الموساد
إدارتها، وتهدف لتعطيل البرنامج النووي الإيراني، وما لا يقل خطورة، برنامج أسلحتها
المتطورة في النوعية والكمية التي تثير القلق الإسرائيلي".
وأكد أنه "عندما تقوم الولايات المتحدة
وإيران بإيماءات إيجابية تجاه بعضهما، فعلى إسرائيل أن تحرص على عدم إلقاء اللوم على
واشنطن، التي رغم تبادلها الاستخباري الحميم مع تل أبيب، لم تخبرها دائمًا بالحقيقة
الكاملة، ولم تؤكد ما توصلت إليه مخابراتها فيما يتعلق ببرنامج الأسلحة النووية والصاروخية
الإيراني، خشية أن تستخدمها لمهاجمة إيران، لأن إدارة بايدن لا تثق بحكومة اليمين في
تل أبيب، وهذا السبب في أنها فقدت تمامًا في الأشهر الأخيرة قدرتها على التأثير على
تحركات واشنطن".
إيتمار آيخنر، المراسل السياسي لصحيفة "
يديعوت
أحرونوت"، نقل عن "نتنياهو انتقاده للولايات المتحدة بشأن التفاهمات مع إيران،
بزعم أنهم يعطون الأموال لعناصر مسلحة معادية، وأن هذه الترتيبات لا تفكك البنية التحتية
النووية الإيرانية، ولا توقف برنامجها النووي، بل تزودها فقط بالأموال التي ستذهب للجماعات
المعادية التي ترعاها، فيما ألقى لابيد باللوم على حكومة نتنياهو، لأن هذا الاتفاق
جزء من الضرر الناجم عن تدهور العلاقات بين الولايات المتحدة والحكومة اليمينية الفاشلة،
ولا أحد يستمع للموقف الإسرائيلي".
وأضاف في تقرير ترجمته "عربي21"
أن "الاتفاقية تعني أن الولايات المتحدة تسعى لاستقرار الشرق الأوسط، ويمكن لها
الآن التوقف عن القلق بشأن اندلاع الحرب فيها بسبب بدء إيران بتخصيب اليورانيوم بنسبة
90٪، وإذا كانت هذه الخطوة ستحدث، أو من المتوقع حدوثها في المستقبل، فقد تؤدي لهجوم
إسرائيلي على المنشآت النووية في إيران، ما قد يجرّ الولايات المتحدة إلى الحرب الشاملة
التي قد تندلع في الشرق الأوسط".
وأوضح أن "المخاوف الإسرائيلية من
الاتفاق الأمريكي الإيراني تتزامن مع زيادة تدخل الأخيرة في دولة الاحتلال، فمن الناحية
المادية تزيد من تهريب الأسلحة وتدفق الأموال للمنظمات في الضفة الغربية، وفي البعد
السيبراني نشهد جهودًا إلكترونية وأنشطة تأثير عبر الإنترنت لتعميق الانقسامات الإسرائيلية،
ومحاولات الاتصال بالإسرائيليين عبر الإنترنت، وتجنيدهم لتنفيذ "التجسس الكلاسيكي"
لجمع معلومات".
تؤكد التطورات الجارية أن التفاهمات الحالية
بين إيران والولايات المتحدة تم التوصل إليها خلال الحكومة الإسرائيلية الحالية، وليس
خلال فترة الحكومة التي سبقتها، وبعد تصريح نتنياهو بأن أي اتفاق كهذا لن يقيد يدي
دولة الاحتلال، فإن ذلك يعني أن الجيش والموساد قد يهاجمون إيران إذا تجاوزت الخط الأحمر
من وجهة نظرها، وليس من وجهة نظر واشنطن.
في الوقت ذاته، فإن أوساط الجيش والموساد
تزعم أن هذه التفاهمات في المجال النووي تمنحها الكثير من الوقت الذي تحتاجه لإكمال
استعداداتها العملياتية واللوجستية والتكنولوجية لليوم الذي تتجاوز فيه إيران الخط
الأحمر، وتخدم مصالحها الأمنية.