في الوقت الذي تتصاعد فيه التهديدات الخارجية والتحديات العسكرية، طفت على السطح عدّة نقاشات حول إمكانية إنشاء تحالف دفاعي مع
الولايات المتحدة، في محاولة لمنع اتفاق مع إيران، كبح طريقها للحصول على قنبلة نووية.
وأكد مستشار
الأمن القومي السابق لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، والباحث بمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات (FDD)، يعكوب ناغال أن "الطموح الإسرائيلي يصل حدّ التوقيع على تحالف دفاعي محدود مع الولايات المتحدة، لكن حينها تصبح الأعمال معقدة".
واعتبر ناغال، الذي يشغل كذلك أستاذ زائر في التخنيون، أن "مثل هذا التحالف يحتوي على كثير من أوجه القصور، أهمها طلب التحالف ذاته، لأنه يبعث برسالة مفادها أن إسرائيل تفتقر للثقة في قوتها، وقدرتها على الدفاع عن نفسها بنفسها، بغض النظر عن النص الذي سيُكتب في وثائق التحالف، لكن العنوان وحده يخلق الضرر الأساسي، ويمكن لرئيس أمريكي معادٍ أن يستغل التحالف ضد إسرائيل، وهناك طرق عديدة للقيام بذلك".
وأضاف في
مقال نشرته صحيفة "إسرائيل اليوم"، وترجمته "عربي21" أنه "بغض النظر عن الصياغة النهائية في وثائق التحالف، فإنها ستعكس بالتأكيد الفهم التاريخي غير المكتوب بأن إسرائيل لا تطلب من الجنود الأمريكيين أن يأتوا لمساعدتها، ويموتوا فيها من أجلها، لكن مثل هذه المعاهدة ستشمل حالات تتم فيها مطالبة القوات الأمريكية بالعمل نيابة عن إسرائيل في الشرق الأوسط، حتى لو كانت مجرد حالة متطرفة تخضع للتفسير، لأنه لا يوجد "نصف تحالف" أو "تحالف محدود".
وأشار إلى أنه "من أجل تحقيق فوائد التحالف، لابد أن تشمل جملة من قبيل: "أي هجوم على أحد أعضاء التحالف سيعتبر هجومًا على جميع حلفائه" مردفا بالقول: "لكن المشكلة أعمق بكثير، إذ أنه في المادة الخامسة من حلف الناتو أعلى مستوى من الضمان الأمني المتبادل الذي يمكن للولايات المتحدة أن تمنحه لحلفائها، لذلك إذا كانت لن تدافع عن حلفائها في الناتو إذا شنوا ضربة استباقية، فمن المؤكد أنها لن تدافع عن أي دولة أخرى يكون محتوى تحالفها أصغر من المادة الخامسة، مثل إسرائيل أو السعودية، إذا هاجموا إيران في هجوم استباقي".
وأوضح أن "نص التحالف يؤكد على أن الولايات المتحدة لن تحمي إسرائيل إذا هاجمت منشآت إيران النووية، وبصورة أدق لن تكون ملزمة بحمايتها حتى لو قبلت بالمادة الخامسة، لكن إسرائيل لن تقبل بأقل من ذلك، مما يجعل من فرضية اعتبار التحالف تحسين حرية عمل لها ضد إيران أمر خاطئ".
ويردف
المقال نفسه "إن إيران ستتصرف بعدوانية، مع أو بدون تحالف، ولأن إسرائيل لا تطلب من الولايات المتحدة مساعدتها في حال وقوع هجوم إيراني، بإرسال قواتها، فسيصبح التحالف سيفاً ذو حدين، ولديه القدرة على إلحاق ضرر شديد بالردع الإسرائيلي، بناءً على رسالة غير مباشرة مفادها أن إسرائيل لا تثق بقدراتها المستقلة، وتحتاج لدعم الولايات المتحدة".
وأشار أن "الحصول على انطباع بأن إسرائيل قررت الانضمام للولايات المتحدة، واحتواء إيران النووية، طالما لا تتجاوز الخط الأحمر، مسألة وهمية، وليست مهمة، لأنها ستكون محصّنة، وستدخل العتبة النووية، كما أن الادعاء بأن إسرائيل مع التحالف لن تفقد حريتها في العمل، وأن الولايات المتحدة ستساعدها، ادعاء خاطئ، وأي تحليل منطقي يظهر عكس ذلك تمامًا".
ويشير المتحدث نفسه، إلى أنه "لسوء الحظ، فإن التحالف فقط سيعطي الجيش الإسرائيلي والمستوى السياسي سبباً آخر لعدم مهاجمة إيران، وعدم مهاجمة البنية التحتية الخطرة والمنشآت التي بناها حزب الله على الأراضي اللبنانية، بما فيه المستخدمة لإنتاج أسلحة دقيقة، بدعم وتمويل من إيران".
وأكد أنه "من الناحية العملية، من وجهة نظر الولايات المتحدة قد تدافع عن إسرائيل، ربما ليس بعد ضربة استباقية، لكنه يعتمد على من سيكون الرئيس، وماذا ستكون أولويات الولايات المتحدة في ذلك الوقت، وعندما تريد الولايات المتحدة ستجد طريقة للخروج من الحلف كما حدث في تايوان، رغم أنها لم تكن تحالفاً رسمياً، وسيكون من الخطأ الفادح ربط الاتفاقية المهمة للغاية مع السعودية بتوقيع تحالف دفاعي أمريكي إسرائيلي، وستبدو إسرائيل غريبة للغاية عندما تطلب من الولايات المتحدة اتفاقية حماية، من أجل الحصول على الأشياء التي تريدها بغض النظر عن الاتفاقية".
في المقابل، أكد المسؤول الإسرائيلي بحسب
المقال الذي ترجمته "عربي21"، أنه "بجانب عيوب التحالف، هناك بعض المزايا، أهمها أنه سينقل رسالة واضحة مفادها أن الولايات المتحدة تقف وراء إسرائيل، وأن إيذاءها أو مهاجمتها بمثابة عنف ضد الولايات المتحدة، لذلك قد تزيد من ردع إسرائيل، وحرية العمل ضد إيران وروسيا والصين، ويمكن لتوقيع التحالف أن يرفع مستوى العلاقات الإسرائيلية الأمريكية لسنوات عديدة قادمة، ويشمل الكونغرس مقدمًا، كجزء من الصفقة، من خلال الموافقة بأغلبية 67 من أعضاء مجلس الشيوخ، كما أن التحالف المتوقع سيحفز الولايات المتحدة على منع التصعيد، ويحتمل أن يمنح إسرائيل كل ما تحتاجه لتجنب الصراع، مما يلزمها بالتدخل".
تتزامن هذه النقاشات الاسرائيلية مع زيارة وزير الشؤون الاستراتيجية رون دريمر، إلى
واشنطن، لعقد اجتماعات مع كبار المسؤولين في
البيت الأبيض تمهيدًا لاتخاذ قرارات حاسمة، والتركيز على تعزيز "تحالف الدفاع المشترك المحدود"، مع أن إجراء هذه المحادثات حول تحالف محتمل حصلت عدة مرات في الماضي، آخرها في 2019، والآن تعود إلى مقدمة المشهد السياسي مرة أخرى بقيادة دريمر.
ويمكن الاستخلاص أن التحليل الإجمالي يظهر بوضوح أن مساوئ التحالف أكبر بكثير من مزاياه، مما يدفع الأوساط العسكرية الاسرائيلية للتوصية بعدم الضغط على الاحتلال لدفع الحلف للأمام في هذه المرحلة، لاسيما كجزء من دفع الدعم للموافقة على الصفقة السعودية في الكونغرس.