تناولت صحيفة عبرية، التقديرات الأمنية الإسرائيلية المتعلقة بالتحديات خلال الفترة القريبة المقبلة، وهي فترة الأعياد اليهودية التي غالبا ما يرافقها تصعيد أمني، خاصة في المناطق
الفلسطينية، يضاف إليها هذا العام التوتر مع حزب الله، وتصاعد أزمة قوات الاحتياط، وتراجع الدافعية للقتال في جيش
الاحتلال الإسرائيلي.
وأوضحت صحيفة "معاريف" العبرية في
تقرير أعده تل ليف-رام، أن "الأعياد اليهودية على الأبواب، وفي الجيش الإسرائيلي يستعدون لفترة محملة بتحديات أمنية وداخلية على حد سواء؛ مع الساحة اللبنانية، تصاعدت التهديدات المتبادلة بين تل أبيب وحزب الله، وظاهرا تصاعد التوتر على طول الحدود الشمالية، لكن بالحذر الواجب".
مستوى التهديدات يرتفع
وأشارت إلى أن "تصريحات وزير الأمن يواف غالانت والسفير جلعاد أردان في الأمم المتحدة هذا الأسبوع، والإحساس وكأنهما يلمحان لمواجهة تقترب مع حزب الله، يجب أن تؤخذ بالحسبان، أيضا كرسالة سعيا لنقلها إلى المسؤولين في الأمم المتحدة، قبيل تجديد تفويض قوات "اليونيفيل" في جنوب لبنان، وذلك كجزء من ممارسة الضغط على أجهزة الأمم المتحدة، للعمل بتصميم أكثر حيال حزب الله".
وقدرت أن إقدام تل أبيب على تصفية أي قيادي فلسطيني على أرض لبنان (نائب رئيس المكتب السياسي لـ"حماس" صالح العاروري)، من شأنه أن "يؤدي إلى تصعيد أمني بل وربما لحرب في الشمال"، منوهة إلى أنه "رغم ارتفاع الدرجة في تصريحات التهديد، في جهاز الأمن يعتقدون أن إسرائيل وحزب الله لا يوجدان في وضع عشية حرب".
وفي سياق متصل، أكدت "معاريف"، أن "الساحة الفلسطينية هي الأكثر تفجرا؛ في جهاز الأمن يشخصون دوما فترة الأعياد كفترة ذات حساسية أمنية عالية، وهذه السنة أوضح على نحو خاص، وذلك حين يشهد مسلسل العمليات والأحداث الأمنية في الأسبوع الأخير على أبخرة الوقود التي في الهواء".
وبحسب الصحيفة، تشير تقديرات جهاز أمن الاحتلال إلى أن "حماس ستصعد في الفترة القادمة جهودها (عمليات ضد جيش الاحتلال)؛ لضعضعة الوضع الأمني في الضفة الغربية وداخل إسرائيل أيضا، حيث إن ربط الساحات هو هدف مركزي في فكر حماس منذ معركة "سيف القدس"، (يطلق عليها الاحتلال عملية "حارس الأسوار").
ولفتت إلى أن "حماس بعد فترة طويلة من الهدوء النسبي، تسمح الحركة الفلسطينية بمظاهرات ومواجهات قرب الجدار الفاصل، كما أن مستوى التهديدات يتصاعد من جانب قيادة حماس، ومن غير المستبعد أنه في مرحلة معينة، ستستأنف نار الصواريخ من القطاع (المحاصر)".
ونبهت إلى أن "تداخل التصعيد المتواصل في الضفة الغربية، إلى جانب استئناف المظاهرات (مسيرات العودة) على الجدار مع القطاع، هما تذكير بالمستقبل من خلال تجربة الماضي، بأن الوضع الأمني يتدهور في الضفة، وسيؤدي في نهاية الأمر إلى حملة (عدوان) كبيرة في قطاع غزة".
وتابعت: "لا يدور الحديث عن مسيرة تجري ليوم واحد، وهذا كفيل بأن يحصل بالتدريج، لكن استئناف المواجهات على الجدار، بالتوازي مع المعضلة الإسرائيلية فيما إذا كان ينبغي جباية ثمن من حماس في غزة، بسبب التوجيه والتمويل للعمليات في الضفة وبالداخل الإسرائيلي، ستشدد التوتر في هذه الساحة في الفترة القريبة القادمة".
إعادة بناء الجيش
ونبهت "معاريف" إلى أن "ما يقلق الجيش الإسرائيلي أكثر من التوتر في الساحات الأمنية، هو بالأساس آثار الأزمة العميقة في المجتمع الإسرائيلي على أهلية ووحدة الجيش، ويعد أيلول/سبتمبر وتشرين الأول/أكتوبر، فترة دراماتيكية من هذه الناحية، علما أن الوضع في الشهر الأخير لم يحدث تطورات جديدة مع رجال الاحتياط، والذين أعلنوا امتناعهم عن أداء الخدمة العسكرية؛ احتجاجا على خطة التغييرات القانونية التي تقودها حكومة بنيامين
نتنياهو، ولم يرجعوا إلى الخدمة".
وتابعت: "المعنى الفوري هو أساسا في سلاح الجو، حيث أكثر من 20 في المئة من عموم طياري الاحتياط ونحو 25 في المئة من الطيارين القتاليين، لا يتدربون منذ شهرين"، منوهة إلى أنه "من الصعب في هذه اللحظة ملاحظة حالة من التفاؤل لدى هيئة الأركان في هذه المسألة".
وأكدت أن "تصعيد الاحتجاج (ضد الحكومة) سيؤدي مباشرة لتفاقم الأزمة داخل الجيش، ويلحق الضرر بأهليته للحرب في الأشهر القادمة، وأساسا بسبب الأزمة العميقة في سلاح الجو، وأيضا الاعتزالات الأخرى لضباط الاحتياط في منظومات إضافية"، منوها إلى أن هيئة أركان الجيش قلقة لتأثير هذه الأزمة وقوانين التجنيد على الجيش أيضا في المدى البعيد".
وبينت الصحيفة، أنه "من الصعب تجاهل الإحساس بأن مزيدا من العائلات الإسرائيلية ممن خدموا هم أنفسهم في الخدمة العسكرية، يطرحون علامات استفهام على الخدمة القتالية لأبنائهم، وفي مسألة أخرى تتعلق برفض التجنيد للجيش من جهة مرشحين للخدمة، وفي الجيش يقلقهم أساسا ميل المس بالدافع للخدمة القتالية".
وقالت: "في تقدير أكثر تشاؤما وواقعية، يتمثل باحتدام الأزمة في المجتمع الإسرائيلي، يحذر الجيش من أن الآثار والمضاعفات ستكون ملموسة مباشرة بالجيش، مثل استيقاظ الاحتجاج الذي سيقع في مراكز احتكاك كثيرة في شهر الحالي، كما أن الشهر القريب يلوح كمركب وقاس جدا للجيش في تحديات الأهلية ووحدة الصفوف، ووزير الأمن غالانت ورئيس الأركان هرتسي هليفي، سيواصلان عكس خطورة الوضع لرئيس الوزراء نتنياهو".
موجة الغلاء
في سياق متصل، أكدت صحيفة هآرتس، أن إسرائيل التي تعصف بها أزمات داخلية متعددة أثرت على اقتصادها، وهي تعيش موجة غلاء في المعيشة هي الأعلى بين دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية "OECD" التي تأسست عام 1961.
وأوضحت "هآرتس/ ذي ماركر" في
تقرير أعده سامي بيرتس، أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، في أثناء الاحتفال مؤخرا بتدشين القطار الخفيف في تل أبيب، "أعلن بشكل انفعالي، أن "إسرائيل تسبق معظم دول العالم"، وأبقى عددا غير قليل من الأفواه فاغرة؛ لأنه من الصعب عليها فهم كيف أن تأخير ما بين 3-24 عاما على تشغيل القطار الخفيف يحول إسرائيل إلى دولة رائدة".
وبشكل ساخر من مزاعم نتنياهو، أضافت: "بحسب منظمة الـ"OECD"، المجال الذي فيه إسرائيل رائدة، نتنياهو لا يسارع إلى نسبته لإسرائيل؛ وبحسب المنظمة، إسرائيل صعدت في 2022 إلى المكان الأول في غلاء المعيشة في أوساط دول تلك المنظمة، وهذه في الحقيقة السنة التي حكمت فيها حكومة بينيت-لابيد، لكن هذا الرقم يعكس منحى استمر لسنوات كثيرة".
وأفاد تقرير المنظمة، أن "مستوى الأسعار في إسرائيل أعلى بـ38 في المئة مقابل المتوسط في دول الـ"OECD"، وبالمقارنة مع الأماكن التي تحظى بالشعبية لدى السياح الإسرائيليين، مثل تركيا، اليونان والبرتغال، الفجوة أكبر وتصل إلى 60 في المئة فما فوق، وهذه الفجوة في الأسعار تشرح لماذا بين كانون الأول/ديسمبر 2022 وتموز/يوليو الماضي سافر 5.75 مليون إسرائيلي إلى الخارج، في المقابل جاء إلى إسرائيل 2.24 مليون سائح فقط".
ونوهت الصحيفة إلى أن "القفزة في غلاء المعيشة في إسرائيل، بدأت تقريبا في 2009؛ في حينه كان مستوى الأسعار في إسرائيل يشبه المتوسط في دول الـ"OECD"، وفي تلك السنة انتخب نتنياهو رئيسا للحكومة للولاية الثانية، بعد الولاية الأولى في التسعينيات".
وأشارت إلى أن "ارتفاع الأسعار يتعلق بعوامل كثيرة، منها المركزية المرتفعة في الاقتصاد، في فروع مثل الغذاء، الزراعة، الخدمات الحكومية. وفي سلسلة من الفروع المشتقة مثل الفنادق والمطاعم، أيضا البضائع المستوردة غالية. وهناك عامل آخر هو ضعف سعر الشيكل في السنوات الأخيرة".
وذكرت أن "القفزة في غلاء المعيشة تم الشعور بها في 2011، عندها اندلع الاحتجاج الاجتماعي الذي أدى لتشكيل لجنة "تراختنبرغ"، التي أوصت بخطوات لخفض غلاء المعيشة، وجزء من هذه التوصيات تم تطبيقه، مثلا في فرع البنوك وفي فرع الغذاء وفي مجال الضرائب والجمارك تم اتخاذ عدة خطوات، وبالمجمل؛ أي خطوة لم تؤد إلى إحداث تغيير مهم، وواصلت إسرائيل الصعود في تصنيف الدول الغالية".
وأضافت: "الإسرائيليون اضطروا لمواجهة غلاء المعيشة العالي في السنة والنصف الأخيرة، وأيضا ضربة أخرى على شكل قفزة حادة في تسديد أقساط قروض السكن، بعد رفع الفائدة من قبل "بنك إسرائيل"، والطبقة الضعيفة هي المتضررة الأساسية، وهي الطبقة التي تنفق معظم دخلها على الاستهلاك الشخصي".
وبحسب تقرير مركز الأبحاث والمعلومات التابع للكنيست، الصادر في كانون الأول/ديسمبر 2022، "إسرائيل غالية بشكل خاص في المنتجات الأكثر أساسية مثل؛ الألبان والأجبان والبيض؛ هي أغلى هنا بـ 70 في المئة مقابل المتوسط في دول الـ"OECD"، الخبز والحبوب أغلى بـ54 في المئة؛ المشروبات الخفيفة أغلى بـ49 في المئة؛ اللحوم أغلى بـ 43 في المئة، وخدمات الصحة أغلى بنسبة 31 في المئة"، منوهة إلى أن هناك "ارتفاعا حادا في أجرة الشقق السكانية".