أثار التقرير الذي نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن لقاء سري جمع مسؤولين في
ليبيا شرقا وغربا مع محامي إسرائيلي بعض الأسئلة عن هدف تسريب هذه اللقاءات الآن وعلاقتها بأزمة حكومة
الدبيبة وتطبيعها مع الكيان المحتل.
وزعمت الصحيفة أن "المحامي الإسرائيلي مردخاي تسيفين، التقى سرا مع مسؤولين كبار في ليبيا في السنوات الأخيرة، بمن فيهم نائب رئيس الوزراء الليبي (لم يسمه)، ونجل الجنرال خليفة
حفتر"، وأن "اللقاءات تمت في عدة دول عربية منها: الأردن ومصر والإمارات، بعلم مسؤولين إسرائيليين كبار، لكنها ظلت سرية".
"مزاعم حب إسرائيل"
وزعم التقرير، الذي ترجمته "عربي21" أنه "في المحادثات العديدة التي أجراها المحامي مع ليبيين رفيعي المستوى، فقد عرف أنهم يحبون إسرائيل بالفعل، ويكرهون الإسلاميين "المتطرفين"، بل ويتذكرون و"يفتقدون" جيرانهم من الطائفة اليهودية، الذين تربطهم بهم علاقات جيدة"، وفق مزاعمه.
ولم يعلق أي مسؤول أو جهة في ليبيا على تقرير الصحيفة العبرية، خاصة مكتب اللواء المتقاعد خليفة حفتر الذي فضل الصمت تماما عن القضية، ولم يعلق أيضا على اللقاء
التطبيعي لوزيرة خارجية حكومة الدبيبة رغم العداء الذي يكنه للحكومة.
فهل بدأت "تل أبيب" بفتح ملف المطبعين في ليبيا لإسكاتهم عن الهجوم على الدبيبة وحكومته بعد التطبيع معها؟
"افتقاد معرفة ورؤية"
من جهته، قال الكاتب المقيم في أمريكا، محمد بويصير، إن "ما نشرته الصحافة العبرية عن لقاء محامي إسرائيلي بمسؤولين في ليبيا أمر وارد جدا وهو جزء من الجهد الحكومي لتل أبيب للتطبيع، ومعظم المسؤولين في ليبيا يفتقدون الرؤية الاستراتيجية والقدرة على إدارة أمور بهذه الخطورة".
وأكد في تصريحات لـ"عربي21" أن "الحال في إسرائيل مثل الحال في أمريكا ينسق المحامي وغيره مع وزارة الخارجية هناك ويقدم تقاريره عند العودة، وموافقة المسؤولين الليبيين على لقائه دليل على موافقتهم على التطبيع، ومعروف عن تل أبيب أنها تستعمل أشخاصا مستقلين لتحقيق أغراضها السياسية التى تصب فى الغرض الأهم وهو الغرض الأمني، وهذا المحامي يقوم بهذا الدور".
وأضاف بويصير، وهو صاحب دعاوى ضد "إسرائيل" لاتهامها باغتيال والده (صالح بويصير، وزير خارجية ليبيا قتل في استهداف إسرائيل طائرة الخطوط الجوية العربية الليبية فوق الإسماعيلية في فبراير 1973)، أن من ينوون التطبيع "يريدون تحقيق مكاسب وقد يعتقدون أن علاقتهم بإسرائيل تدفع بهم إلى الأمام"، وفق تعبيره.
"كشف يحمل عدة دلالات"
الأكاديمي الليبي المتخصص في إدارة الأزمات، إسماعيل المحيشي رأى من جانبه أنه "في ظل ثورة الاتصالات لم يعد هناك علاقات مخفية أو سرية، فالتواصل مثلا بين حكومة الدبيبة والكيان الإسرائيلي مستمر منذ مدة وهذا واضح بعد التسريبات وما كشفه الإعلام العبري نفسه".
وتساءل في تصريحه لـ"عربي21" عن "الذي يمكن أن يحققه هؤلاء من علاقتهم بإسرائيل كون الدول المغاربية بعيدة عن الصراع الإسرائيلي من حيث الجغرافيا السياسية، لكن الغريب هو تعمد كشف هذه الملفات الآن من قبل تل أبيب، فالهدف غير واضح خاصة أن هذه التسريبات ستضر بإسرائيل قبل المطبعين"، وفق قوله.
وتابع: "إسرائيل ما زالت تتجه نحو الخداع والمماطلة فى ملفها حول السلام مع الدول العربية، وتظل سياسة التطبيع تواجه معارضة من قبل الشارع العربي وخير مثال على ذلك ما حدث فى ليبيا المدة الماضية من معارضة لهذه اللقاءات"، كما صرح.
"حماية الدبيبة من خصومه"
في حين قال رئيس تجمع فزان "مستقل"، وسام عبدالكريم إن "الإعلام الإسرائيلي وقع في حرج كبير عندما كشف عن لقاء وزيرة الخارجية بحكومة الدبيبة، نجلاء المنقوش، بوزير خارجية إسرائيل، إيلي كوهين في روما، وهذا الأمر لم يعجب حلفاء تل أبيب القريبين من حكومة الوحدة الوطنية ألا وهي الولايات المتحدة الأمريكية".
وأشار إلى أن "هذا الغضب الأمريكي دفع الساسة في إسرائيل والقنوات الإعلامية هناك إلى فتح كافة الملفات المرتبطة بمحاولة التطبيع من الجانب الليبي حتى لا يستخدم خصوم الدبيبة الرئيسيين، وهم حفتر وأبناؤه هذه الورقة وكذلك عقيلة ومن معه، لتصفية الحسابات السياسية مع حكومة الدبيبة بمعنى حمايته من هؤلاء ومن كل طرف لديه ملف تطبيع"، بحسب كلامه لـ"عربي21".
وكانت وزارة خارجية
الاحتلال كشف مؤخرا عن لقاء جرى بين وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش، ونظيرها الإسرائيلي إيلي كوهين في روما، الأمر الذي فجر غضبا واسعا في ليبيا، ودفع رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة لإقالة المنقوش من منصبها وإحالتها إلى التحقيق.