كشفت صحيفة عبرية، عن تصاعد المخاوف الإسرائيلية لدى كبار قادة الأجهزة الأمنية من اندلاع حرب متعددة الجبهات، بالتزامن مع احتدام الأزمات الإسرائيلية الداخلية ودخولها مرحلة جديدة تنذر بأزمة دستورية تفاقم الصراع الإسرائيلي الداخلي.
وذكرت صحيفة "
يديعوت أحرنوت" العبرية، في تقرير لمعلقها العسكري، يوسي يهوشع، أنه "في خلفية المداولات في محكمة العدل العليا على التشريع القضائي (النظر في إلغاء قانون أساس شطب "حجة المعقولية") والأزمة الداخلية التي تحتدم، فإن الجبهة ضد
إيران وفروعها في المنطقة تتطور إلى تهديد خطير للغاية، تهديد يستوجب كامل اهتمام القيادة السياسية ورص الصفوف في الجيش والجمهور، تمهيدا لإمكانية تصعيد في عدة ساحات في وقت واحد".
ونوهت إلى أنه "لا يوجد سبيل آخر لتفسير الرسائل التي يطلقها أعلى المسؤولين في الجهاز، على أمل أن يستمع الجمهور والقيادة المنتخبة".
رئيس جهاز "الموساد" دادي برنياع، الذي "يحوز إخطارات جديدة وكثيرة عن نوايا إيرانية لتنفيذ عمليات ضد أهداف إسرائيلية في العالم، كان خطابه الأحد الماضي شاذا لأنه تضمن تهديدا مباشرا للقيادة الإيرانية وبيانا بموجبه لم يعد هناك مجال حصانة وكل مس بإسرائيلي أو يهودي سيؤدي بالضرورة لجباية ثمن في قلب طهران".
وأشار برنياع، إلى ما كتب في "يديعوت" عشرات المرات في الأشهر الأخيرة، أن "الجسارة الإيرانية تتعاظم لجملة أسباب، من انسحاب الولايات المتحدة من الشرق الأوسط وحتى الشرخ في إسرائيل".
ومثال على هذه الجسارة، ما كشف النقاب عنه وزير أمن الاحتلال، يوآف غالانت الاثنين الماضي، أن "إيران أقامت في جنوب
لبنان، على مسافة 20 كيلومترا فقط عن إسرائيل (
فلسطين المحتلة)، مطارا معدا لأهداف هجومية، وفي الصور التي عرضها غالانت، يمكن رؤية علم إيران يرفرف على مسارات الطيران، التي يعتزم النظام العمل منها ضد إسرائيل بالتعاون مع حزب الله، وكما قال غالانت: الأرض لبنانية، السيطرة إيرانية، والهدف إسرائيل".
وزعمت الصحيفة، أن "المطار في هذه المرحلة، يستخدم لإطلاق طائرات مسيرة، لكن الخطة الأكبر هي خلق محور بديل لتهريب الوسائل القتالية من سوريا، التي ينجح الجيش الإسرائيلي في إحباطها في غارات دقيقة من الجو منذ أكثر من عقد، في إطار "المعركة ما بين الحروب".
ونوهت إلى أن "إيران تدرك أن إسرائيل لا تهاجم في لبنان كونها مردوعة أمام حزب الله، والفكرة هي خلق مجال حصانة يساعد في مساعي تعاظم القوة، إلى جانب قاعدة قريبة من الحدود، يمكن منها إطلاق طائرات مسيرة لمهام هجومية خلف الحدود مع إسرائيل".
وقدرت "يديعوت"، أن "هذه القاعدة ربما هي ليست الوحيدة التي أقامتها طهران مع حزب الله في المنطقة".
وفي هذا السياق، ينبغي الانتباه إلى الخطاب الثالث للمسؤول في الجهاز، رئيس الأركان، ففي الكلمة التي ألقاها أمام المهرجان العسكري المركزي لإحياء 50 سنة على حرب أكتوبر 1937، قال الفريق هرتسي هليفي: "علينا أن نتعاطى مع كل تصريح لأعدائنا، بالأقوال أو بالأفعال، ألا نستخف بهم وألا نعظم قوتنا".
وأضاف: "علينا أن نكون جاهزين أكثر من أي وقت مضى لمواجهة عسكرية واسعة ومتعددة الجبهات تتضمن مناورة في اشتباك قتالي وفي احتكاك عال مع العدو ستنطوي على خسائر وإصابات تشارك فيها أيضا الجبهة الداخلية، فحين تمتلئ وسائل الإعلام بالمناقشات حول دروس حرب 1973، مرغوب أن ننصت، خاصة إلى النص الواضح والصريح لقائد الجيش في 2023".
وزير الأمن غالانت، "هو الآخر أجرى الربط الواجب الذي يحذر الجيش الإسرائيلي منه؛ بين الأزمة الداخلية والثقة الذاتية للأعداء، وقال: ’في السنة الأخيرة، نواجه صدعا آخذا في التعمق في المجتمع الإسرائيلي حول التوازن بين السلطات، الثمن قد يكون باهظا، وباهظا جدا في سياقات الأمن القومي، وعليه فإن التغييرات المركزية تجرى بتوافق واسع، كمن يقف على رأس جهاز الأمن. أقضي هنا بأن استمرار الصراع الداخلي بين تيارات صقرية في إسرائيل، يتسلل إلى داخل الجيش وأجهزة الأمن الأخرى، ويجبي ثمنا لا يمكن للجيش وجهاز الأمن أن يحتمله".
ولفتت الصحيفة، إلى أن "العدو الذي يستمع جيدا لكبار مسؤولي الجهاز، كفيل بأن يقع أيضا في خطأ اللامبالاة، ولعلهم هناك يرون تفوقا في تهديد متعدد الساحات في فترة التفكك، لكن من الأفضل لهم أن يعرفوا أن التهديد بالذات هو محرك قوي لتجنيد كل المقدرات، لوضع الخلافات جانبا ولهجوم مشترك بهدف حماية إسرائيل.. هكذا كان في حرب أكتوبر، وهكذا سيكون اليوم أيضا إذا ما طولبنا بذلك".