قالت باحثة مختصة
بالشأن السعودي؛ إن الولايات المتحدة وغيرها من الحلفاء الغربيين، صادقوا على
القمع الذي تقوم به السلطات
السعودية، في الداخل والخارج، وفشل واشنطن في معاقبة
الرياض، على سلسلة
الانتهاكات الحقوقية، شجعها على الإفلات من العقاب، تصاعد فظاعة
الانتهاكات.
وقالت جوي شيا في مقال لها بمجلة
فورين
بوليسي، ترجمته "عربي21"؛ إن منظمة هيومن رايتس ووتش، نشرت تقريرا تفصيليا مروعا عن كيفية قيام القوات
السعودية بقتل مئات المهاجرين، بما في ذلك النساء والأطفال، على الحدود الجبلية
النائية مع اليمن. وثّق الباحثون استخدام حرس الحدود السعوديين للأسلحة المتفجرة
ضد المهاجرين وطالبي اللجوء الإثيوبيين، الذين يحاولون العبور إلى السعودية.
الهجمات واسعة النطاق ومنهجية.
وأشارت إلى أن تفاصيل
الأدلة التي جمعتها هيومن رايتس ووتش وخيمة للغاية: "فمن بين 150 شخصا، نجا
سبعة أشخاص فقط في ذلك اليوم"، كما قال أحد الناجين: "كانت هناك
جثامين.. متناثرة في كل مكان"، وقال صبي يبلغ من العمر 17 عاما؛ إن حرس الحدود
أجبروه وناجين آخرين على اغتصاب فتاتين، بعد أن أعدم الحراس مهاجرا آخر رفض اغتصاب
فتاة أخرى.
وتمثل الانتهاكات
المفصلة في هذا التقرير تصعيدا كبيرا في عدد وطريقة عمليات القتل المستهدف، وكان
الاحتجاز التعسفي والتعذيب وسوء المعاملة على يد القوات السعودية، أمرا شائعا على
طول هذا الطريق، ولكن لم نشهد من قبل قتلا ممنهجا للمهاجرين العزل، بما في ذلك
النساء والأطفال، على هذا النطاق.
ولفتت إلى أن الحكومة
السعودية، لم تواجه قط عواقب ذات معنى على الانتهاكات السابقة المرتكبة على مرأى
من الجميع وموثقة بدقة. وفي الواقع، تم إطلاع السلطات الأمريكية على عمليات قتل
المهاجرين على الحدود اليمنية السعودية لأكثر من عام.
ويبلغ ولي العهد
الأمير محمد بن سلمان من العمر 38 عاما فقط، ولم يمر سوى بضع سنوات على ما قد يكون
عقودا من الحكم، ومع ذلك فقد أشرف بالفعل على واحدة من أسوأ الفترات فيما يتعلق
بحقوق الإنسان في تاريخ البلاد الحديث، وفي كل عام، تنتشر انتهاكات السعودية في ظل
حكمه بشكل أكبر، حيث تفشل الحكومة الأمريكية، دائما، في تنفيذ التهديدات بمحاسبته،
بينما تتودد طوال الوقت إلى المملكة لتعزيز مصالح واشنطن الاقتصادية والأمنية.
ولم توثق هيومن رايتس
ووتش التورط المباشر لولي العهد أو أي مسؤول سعودي آخر في قتل المهاجرين على
الحدود، ولكن إذا ثبت أن ذلك جزء من سياسة قتل صريحة للدولة، فإن ذلك يشكل جريمة
ضد الإنسانية.
وقالت المجلة؛ إن غياب
المساءلة عن الانتهاكات السابقة مثل القتل الوحشي وتقطيع أوصال الصحفي جمال خاشقجي
على يد مسؤولين سعوديين في قنصليتهم في إسطنبول عام 2018، أو
جرائم حرب واضحة ارتكبت
خلال الحرب الكارثية في اليمن، مثل هجوم 2016 على مراسم عزاء، الذي أسفر عن مقتل
ما لا يقل عن 100 شخص وإصابة أكثر من 500 آخرين، بينهم أطفال، وكذلك تصاعد القمع
الداخلي، شجع ولي العهد.
وقالت شيا، على الرغم
من تعهده بجعل السعودية "منبوذة"، فشل الرئيس الأمريكي جو بايدن في
السعي للمساءلة عن دور ولي العهد في مقتل خاشقجي.
وفي اليمن أيضا، نجح
القادة السعوديون في التملص من المساءلة، كجزء من دوره كوزير للدفاع السعودي بين
2015-2022، أشرف ولي العهد على هجمات غير قانونية، بما في ذلك جرائم حرب واضحة أدت
إلى مقتل عشرات المدنيين، قام التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات بقصف
المدنيين اليمنيين مرارا وتكرارا، ثم تجنبتا جهود المجتمع الدولي لمحاسبتهما.
ولفتت إلى أن السعودية
نجحت، بدعم من الإمارات، في قيادة حملة ضغط قوية لإنهاء ولاية فريق الخبراء البارزين
التابع للأمم المتحدة المعني باليمن، وهي هيئة دولية محايدة ومستقلة أنشأها مجلس
حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في عام 2017، التي قدمت تقارير عن الانتهاكات
والتجاوزات لحقوق الإنسان في اليمن.
ولقد فشلت الولايات
المتحدة في التصرف، بينما أصبحت الانتهاكات المحلية السعودية أكثر إثارة للحيرة من
أي وقت مضى، وفي العام الماضي، أصدرت المحاكم السعودية حكما صادما بالسجن لمدة 34
عاما على سلمى الشهاب، طالبة الدكتوراة في إحدى الجامعات البريطانية، لا لشيء، سوى
انتقاد بسيط للحكومة السعودية على حسابها على تويتر.
لكن في الأيام الأخيرة
فقط، صعّد السعوديون الموقف مرة أخرى، من خلال إصدار حكم الإعدام على محمد الغامدي،
شقيق داعية بارز معارض ومنتقد الحكومة الذي يعيش في المنفى في المملكة المتحدة،
بسبب تغريداته.
وشددت الكاتبة على أن
الأمر يتطلب تحركا شعبيا قويا وحاسما وفوريا لمواجهة هذه الانتهاكات المتصاعدة،
وهو ما يتجاوز كثيرا تصريحات "القلق" غير الكافية على الإطلاق التي
اعتدنا عليها.
وقالت: على الولايات
المتحدة، أن تدرس دورها في دعم قطاعات من القوات المسلحة السعودية، التي ربما
ارتكبت هذه الجرائم وغيرها، وعلى مدى السنوات الثماني الماضية، قامت قيادة
المساعدة الأمنية بالجيش الأمريكي بتدريب حرس الحدود السعوديين في برنامج انتهى في
تموز/ يوليو.
وقالت المجلة؛ إنه في
أحد مواقع الحراسة السعودية بالقرب من الحدود مع اليمن، تعرفت هيومن رايتس ووتش
على مركبة متوقفة مقاومة للألغام ومحمية من الكمائن، ويبدو أنها تحتوي على مدفع
رشاش ثقيل مثبت في برج على سطحها، وكان من الممكن استخدام مثل هذه المعدات في
الجرائم التي وثقناها ضد الإثيوبيين. وعلى الولايات المتحدة وغيرها من موردي
الأسلحة للسعودية، تحديد ما إذا كانت أسلحتهم ومعداتهم قد استخدمت من قبل قوات
الحدود السعودية في ارتكاب جرائم القتل الجماعي وغيرها من الجرائم.
وشددت الكاتبة على أنه: "لا ينبغي للولايات المتحدة تحت أي ظرف من الظروف، أن
تدعم مبادرة تسمح للسعودية بالتحقيق بنفسها. إن دعم التحقيق الذي يجريه السعوديون
سيكون أسوأ من عدم إجراء أي تحقيق على الإطلاق، فمن شأنه أن يسمح للسعوديين بغسل
أيديهم من المسؤولية مرة أخرى، كما فعلوا مع قضية خاشقجي وغيرها من الانتهاكات".