نشر موقع "
فوكس" الأمريكي تقريرًا
تناول فيه الاختفاء الغامض لعدد من كبار ضباط الجيش في
الصين؛ حيث اختفى عدد من الضباط
العسكريين البارزين من قوات التحرير الشعبية الصينية بما في ذلك وزير الدفاع اللواء
لي شانغ فو، وهو تطور مثير للقلق.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته
"عربي21" إن هذا النمط من عمليات التطهير ضد
الفساد ليس بالأمر الجديد بالنسبة
للرئيس الصيني شي جينبينغ، الذي جعل من استئصال الفساد المستشري، وخاصة في المؤسسة
العسكرية، السمة المميزة لفترة ولايته. لكنه يشير إلى أنه على الرغم من جهوده المضنية،
فإن سوء السلوك هذا لا يزال يحدث على أعلى المستويات وأكثرها وضوحًا في
جيش التحرير
الشعبي، ما قد يعيق طموحاته لتحديث القوة.
وأفاد الموقع بأن فترة ولاية لي شانغ فو
قصيرة بشكل ملحوظ؛ حيث تم تعيينه في منصبه في آذار/ مارس من هذا العام، واختفى عن الرأي
العام بعد وقت قصير من استبدال اثنين من المسؤولين من القوة الصاروخية التابعة لجيش
التحرير الشعبي في تموز/ يوليو من هذا العام، مضيفًا أن المكائد السياسية في الصين
تتسم بالغموض الشديد، وغالباً ما تتم مقارنتها بـ "الصندوق الأسود" الذي
أصبح أكثر خطورة في عهد الرئيس الصيني شي جينبينغ.
وأوضح أن عدم رغبة الحكومة الصينية في معالجة
قضية اختفاء وفصل العديد من كبار المسؤولين في الأشهر الأخيرة لم يسفر إلا عن تأجيج
التكهنات والشائعات، سواء داخل الصين أو على المستوى الدولي.
وأضاف الموقع أن لي شانغ فو - كوزير للدفاع
- لم يشرف على القتال أو أي حملات عسكرية، بل لعب دورًا دبلوماسيًا؛ حيث تواصل مع
نظرائه في الخارج أو - في حالة الولايات المتحدة - رفض الرد على المكالمات الهاتفية
لوزير الدفاع لويد أوستن، في أعقاب غبار شهر شباط/ فبراير بسبب انجراف البالونات الصينية
فوق الأراضي الأمريكية.
وأشار الموقع إلى أن السفير لدى اليابان
رام إيمانويل لاحظ غياب لي شانغ فو في 8 أيلول/ سبتمبر؛ حيث نشر على منصة "إكس"
(تويتر سابقا) أن لي "لم يظهر علنًا لمدة أسبوعين". وكان آخر ظهور علني لـ لي،
وفقاً لصحيفة "وول ستريت جورنال"، في بكين في 29 آب/ أغسطس، عندما ألقى خطاباً
أمام قمة أمنية صينية أفريقية.
"لي" قد يكون قيد التحقيق في عدد من قضايا الفساد
وقبل توليه منصب وزير الدفاع، كان لي البالغ
من العمر 65 عامًا رئيسًا لإدارة تطوير المعدات في اللجنة العسكرية المركزية، وهي الهيئة
التي تشرف على جيش التحرير الشعبي. وكان لي - الذي تدرب كمهندس طيران - يشرف على جميع
مشتريات المعدات والبنية التحتية عبر الفروع، وذلك بصفته رئيسًا لقسم التطوير البيئي.
ونقل الموقع عن "بلومبيرغ"، في
تموز/ يوليو، أن إدارة لي السابقة كانت قيد التحقيق في عدد من قضايا الفساد، بما في
ذلك "تسريب معلومات حول المشاريع ووحدات الجيش" التي تعود إلى عام 2017،
والتي تتداخل مع فترة ولاية لي كرئيس لإدارة تطوير المعدات، لافتًا إلى أنه ليس من
الواضح بعد ما إذا كان الحدثان مرتبطين بشكل مباشر أم لا.
وذكر الموقع أنهما مرتبطان إلى حد ما؛ حيث
جعل شي مكافحة الفساد سمة مميزة لمسيرته المهنية. وفي السنوات الأخيرة، استهدف بشكل
خاص جيش التحرير الشعبي، حيث إن الفساد هو مجرد اسم اللعبة، كما قال رودريك لي، مدير الأبحاث
في معهد دراسات الفضاء الصيني التابع لجامعة الطيران.
واعتبر الموقع أن الفساد كان - في الأساس-
حقيقة واقعة في جيش التحرير الشعبي الصيني قبل أن يبدأ شي حملة التطهير ضد الفساد في
عام 2014، مبينًا أن الفساد يحدث في مجالين رئيسيين: شراء العقود والترقيات.
وقال رودريك لي: "الطريقة الوحيدة
التي يمكنك من خلالها الارتقاء في الرتب في جيش التحرير الشعبي هي أن تدفع للنظام".
وكان على كبار الضباط، مثل أولئك الذين هم في مستوى لي، أن يدفعوا مقابل الترقيات في
وقت مبكر من حياتهم المهنية، وأضاف: "ليس أي منهم نظيفًا، أعتقد أنه ربما لا يوجد
أي جنرال أو ضابط علم في جيش التحرير الشعبي نظيف حتى اليوم".
لذا فإن التعيينات العسكرية رفيعة المستوى
يجب أن تأخذ ذلك في الاعتبار، مما يترك في الأساس للرئيس شي والجهاز العسكري
"المسؤولين الأكثر قبولا، ولكنهم لا يزالون فاسدين".
وقال الموقع إنه في تموز/ يوليو، تمت إقالة
قائد قوة الصواريخ "لي يو تشاو" مع نائبه "ليو جوانغبين" ونائبه
السابق "تشانغ تشن تشونغ"، حيث شاع أنهم تم وضعهم قيد التحقيق من قبل وحدة
مكافحة الفساد التابعة للجنة العسكرية المركزية، وفقًا لحلقة بودكاست في آب/ أغسطس
من صندوق مارشال الألماني.
ووفقا للصحيفة، فإنه تم نقل "لي" للاستجواب
الأسبوع الماضي. وسيكون "لي"، إذا تمت الإطاحة به أيضًا من دوره في اللجنة
العسكرية المركزية للحزب الشيوعي التي تشرف على جيش التحرير الشعبي والتي يرأسها شي،
أول من يعاني من هذا المصير منذ إقالة فانغ فنغ هوي من الحزب والحكم عليه بالسجن مدى
الحياة بتهمة الفساد.
قد لا نعرف أبدًا حقيقة ما حدث أو لماذا حدث؟
وأفاد الموقع أن شي يبدو في حالة تأهب كبير
لمكافحة الفساد في الوقت الحالي، بدءًا من لي، وقيادة قوة الصواريخ، وتشينغ جانغ، وحملة
على الفساد في صناعة الرعاية الصحية، لكن هذا كان دائمًا جزءًا رئيسيًا من أجندته.
وأوضح الموقع أن إقالة "تشين"
تبعت نفس النمط الذي اتبعه قادة "لي" والقوات الصاروخية؛ حيث اختفوا لمدة
أسبوعين، ثم أقيلوا من مناصبهم. وكانت هناك شائعات سيئة حول سبب طرده، ولكن لم يتم
تقديم تفسير رسمي للسبب.
ونقل الموقع تصريحات ديفيد ستروب، المحاضر
في السياسة الصينية بجامعة مانشستر، التي اعتبر فيها أنه من المحير أن يحدث اختفاء
"لي" بعد فترة وجيزة من ترقيته إلى منصب بارز، مضيفًا أنه "من المحتمل
أن يكون هناك شيء ما يحدث داخل قيادة الحزب وهو ببساطة مخفي عن الخارج"، أو أن
"شي" ببساطة لم يقم بعمل جيد في فحص اختياراته قبل الترويج لها.
وأضاف الموقع أنه من المحتمل ألا تكون إقالة
تشين مرتبطة بالفصل العسكري والتحقيقات، والتي قد لا تكون مرتبطة ببعضها البعض، مبينًا
أن المجتمع الدولي قد لا يعرف ما حدث على الإطلاق طالما لم يتم توجيه اتهامات رسمية
ضد "لي" وغيره من المسؤولين.
واختتم الموقع تقريره مشيرًا إلى أن الفساد
المتجذر في جيش التحرير الشعبي بدأ قبل فترة طويلة من ولاية شي. وعلى الرغم من أن الضباط
الأصغر سنًّا قد يرون أنها أسلوب حياة أقل من الأجيال السابقة، إلا أنه من الصعب -
وربما من المستحيل - استئصال هذا النوع من الثقافة بالكامل. ومع استمرار هذه التحقيقات،
فمن المرجح أن يكون هناك المزيد من الاعتقالات والفصل، ولكننا قد لا نعرف السبب بالضبط.