مع دخول العدوان الإسرائيلي على
غزة يومه الثامن، يواصل سلاح الجو مهاجمة أنظمة التحكم والاتصالات التابعة لحماس، وسط استعدادات في كافة المناطق للعملية البرية في قطاع غزة، وفي ظل تشكيل حكومة الطوارئ، فإن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والجهاز الأمني قررا، قدر الإمكان، تجنب الحرب في عدة ساحات، والتركيز أولا على غزة حتى انتهاء المهمة، المتمثلة في الانهيار الكامل لحكم
حماس.
بن كاسبيت الكاتب في موقع "
واللا" ذكر أنه "بعد أن تنتهي الحرب في غزة، ينتظر الإسرائيليون لمحاسبة نتنياهو، لأن السؤال الموجه له ليس مع من ستبقى في اليوم التالي، بل ما إذا كنت ستبقى هنا في اليوم التالي، بعد أن انهار المفهوم الأمني للاحتلال مرة أخرى بعد 50 عاما بالضبط من سابقتها في 1973، وتحقق ذلك يوم "السبت الأسود"، ولا أعرف كم من الوقت ستستغرق الحرب الجارية، وكم ستكلف، لكني أعلم أنه لا يوجد خيار آخر، لأن حماس قامت بما قام به اليابانيون في ميناء بيرل هاربر".
وأضاف في مقال ترجمته "عربي21" أن "انتصار حماس يوم السبت كان مدويا، لقد تلاعبت في الحظيرة الإسرائيلية، وسادت في الأيام القليلة الماضية حالة من الذعر، وتجول المستوطنون بعيون دامعة لأنهم لم يتمكنوا من الحصول على بنادق لأنفسهم، ولذلك فأمامنا بضعة أشهر صعبة هنا، قد يكلّفنا الكثير، وقد يسبب دماراً كبيراً هنا، لكن في منطقتنا، من يبدون رخيصين ينتهي بهم الأمر لدفع ثمن باهظ، بعد أن أدمنت إسرائيل على الصمت، وتعلمت الكذب على نفسها، والأسوأ أنها أخطأت خطيئة الغطرسة".
وأوضح أن "إسرائيل رغم أنها أغلقت أنفاق حماس، وأقامت حاجزا ضخما، وسياجا عاليا، وأبراج حراسة، وأنظمة روبوتية لرصد إطلاق النار، وأجهزة استشعار، وطائرات بدون طيار، ونقاط مراقبة، وحبستها في قفصها، وألقت المفاتيح في البحر، لكن الحركة كسرت القفص، وخرجت منه، وهكذا انهار المفهوم مرة أخرى، بالضبط بعد 50 سنة من الكارثة السابقة 1973، لكن هذه المرة كان أكثر رعبا، وكان هناك فشل استخباراتي، لأننا علمنا بالفعل أن أقل من عشرة من حماس علموا بسرّ العملية".
وأكد أنه "بعد الحرب ستخرج المعضلة الحقيقية المصاب بها المستوى السياسي الفاسد، العصابة غير الكفؤة والقذرة والإجرامية التي استولت على الدولة، وركضت بها إلى الدمار بأعين مفتوحة، رغم كل التحذيرات الصريحة، من نتنياهو إلى بن غفير إلى سموتريتش، وقد باتوا يشكلون خطرا واضحا وفوريا على أمن الدولة".
رون بن يشاي الخبير العسكري بصحيفة "
يديعوت أحرونوت" العبرية، قال إن "بدء حكومة الحرب المصغرة في العمل قد يسفر عن تغييرات في الخطط العسكرية، ولكن ليس في الأهداف الاستراتيجية التي يسعى إليها الجيش والدولة، مع أن ذلك يستدعي الحصول على المعلومات الاستخبارية الكافية، صحيح أن عملية تشكيل حكومة الحرب تشكل مساهمة مهمة في الردع، واستعادة الشعور بالأمن المفقود لدى المستوطنين، لأنه تقوّض إلى حد كبير نتيجة الهجوم المفاجئ الذي شنّته حماس على مستوطنات غلاف غزة".
وأضاف في تقرير ترجمته "عربي21" أن "اللجوء لتشكيل حكومة الحرب المحدودة إجراء مهم ليس فقط بسبب أهميته السياسية والاجتماعية، بل لأن الحكومة العادية لم يكن لديها العدد الكافي من الوزراء الذين لديهم التدريب والخبرة لفهم التحركات العسكرية والمواد الاستخباراتية، لكنها ليست حلّا للمواجهة، لأن الاختبار التالي هو متى وأين وكيف ستبدأ العملية البرية في غزة، وقد وصل التخطيط لها لدخول مرحلة متقدمة مثل الأنشطة الاستخباراتية والعملياتية الرئيسية، حيث يتمركز الجيش والشاباك في الجنوب".
وأشار إلى أن "جيش الاحتلال ينفذ عدّة هجمات في نفس الوقت، أولها بشكل رئيسي على البنية التحتية لحماس وأفرادها على جميع المستويات، وكما في الماضي استعدادًا لدخول بري محتمل، وثانيها قيام طائرات سلاح الجو بتدمير أنظمة القيادة والسيطرة والاتصالات التابعة لحماس بشكل منهجي، مع أن هذه الهجمات يتم تنفيذها دون إنذار مسبق لعائلاتهم، وفي الوقت نفسه تجري جهود جمع المعلومات الاستخبارية، ويقوم الجيش بحشد قوات مدرعة ومشاة وهندسة ومدفعية من جميع الأنواع".
تكشف هذه التطورات أن جيش الاحتلال يقوم الآن على تجميع الذخيرة والإمدادات اللوجستية التي ستكون متاحة للقوات في المنطقة، في وقت قصير، إذا بدأت المناورة البرية، أما الجبهة الداخلية التي استعدت بشكل كامل لحماية محاور التنقلات في حال تطور قتال عنيف في غزة، فإنها تخشى محاولة فلسطينيي48 المساهمة بدورهم في هذه المواجهة من خلال تعطيل الحياة والحركة على طول المحاور، ما يجعل الاحتلال يفتقر لضمانات حقيقية بنجاح عدوانه البري، في حال خرج الى حيز التنفيذ.