كشفت صحيفة "
وول ستريت جورنال" أن جنود الاحتلال الإسرائيلي "توغلوا مسافة ميلين على الأقل في قطاع
غزة المكتظ بالسكان، الأحد، في تحركات قال محللون إنها تبدو وكأنها تهدف إلى محاصرة حماس، في شمال القطاع، وفي الوقت نفسه ضغطت الولايات المتحدة على إسرائيل لإعادة الاتصالات في القطاع".
وتابعت الصحيفة في تقريرها، الذي أعده الصحفيون ستيفن كالين، وتشاو دنغ، وعمر عبد الباقي، بأنه "يبدو أن الجنود والدبابات اتخذوا مواقعهم في عمق غزة، يوم الأحد، بعد يومين من إعلان رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، أن البلاد تدخل مرحلة جديدة من الحرب. أطلقت الدبابات النار من شواطئ البحر الأبيض المتوسط في غزة، وتحرك الجنود عبر الأراضي المفتوحة والتلال، بحسب مقطع فيديو نشره الجيش".
وأضاف التقرير نفسه، الذي ترجمته "عربي21" أن الإجراءات الأخيرة، تشير إلى حرب من المرجح أن تستمر لفترة طويلة، حيث تستعد دولة الاحتلال الإسرائيلي للتحرك بشكل متعمد على مراحل داخل أراضي غزة. وفي الوقت نفسه، يواجه الاحتلال ضغوطا من الولايات المتحدة ودول غربية أخرى لتقليل الخسائر في صفوف المدنيين، والتي تتزايد.
وأردف: "يمكن رؤية بعض الأدلة على استجابة إسرائيل للضغوط الأمريكية، صباح الأحد، عندما أعادت إسرائيل اتصالات الإنترنت والهاتف، بعد انقطاع شبه كامل للاتصالات ليلة الجمعة. وقال مسؤول كبير بالحكومة الأمريكية، إن واشنطن أقنعت إسرائيل بضرورة إعادة الاتصالات للسماح للأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية ومنظمات الإغاثة الأخرى بالتنسيق مع موظفيها في غزة".
وتابع: وفي مكالمة هاتفية يوم الأحد مع نتنياهو، دعا الرئيس، بايدن، إلى زيادة تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة وقال إن حماية المدنيين هي الأولوية. وكتب بايدن على منصة "إكس" (تويتر سابقا) أنه "أكدت مجددا أن لإسرائيل كل الحق في الدفاع عن مواطنيها من الإرهاب وعليها مسؤولية القيام بذلك بطريقة تتفق مع القانون الإنساني الدولي الذي يعطي الأولوية لحماية المدنيين".
واسترسل
التقرير نفسه، أنه في الأيام الأخيرة، تبنى البيت الأبيض أيضا فكرة فترات التوقف لأسباب إنسانية، والتي لا تصل إلى حد وقف إطلاق النار. قال مستشار الأمن القومي، جيك سوليفان، الأحد الماضي، إن "الولايات المتحدة مستعدة لدعم وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية حتى يمكن إطلاق سراح الذين تحتجزهم حماس بأمان".
وقال سوليفان في برنامج "واجه الأمة" على شبكة "سي بي إس": "إن الهدنة الإنسانية ستكون أمرا جيدا لإخراج الأسرى. لكن يمكنك المراهنة على أن حماس ستحاول استغلال ذلك الوقت لصالحها أيضا".
من جهتها، قالت المحللة المختصة بالشؤون الإسرائيلية والفلسطينية في مجموعة الأزمات الدولية، ميراف زونسزين، إنه "من المتوقع أن يركز الغزو البري الإسرائيلي في البداية على مدينة غزة، حيث يُعتقد أن الكثير من البنية التحتية والأسلحة التابعة لحماس موجودة". فيما قال زعماء إسرائيل إن "الهدف الرئيسي للحرب هو تدمير حماس التي تحكم غزة منذ أن وصلت إلى السلطة قبل 17 عاما".
وأضافت أنه "يتعين على القوات الإسرائيلية التوغل عميقا للوصول إلى شبكة الأنفاق الواسعة التابعة للحركة؛ هناك بالفعل، ومن المحتمل أن يكون هناك غزو بري طويل الأمد، لكن ما يمكن تحقيقه بشكل واقعي، لا يزال موضع تساؤل ويتطور باستمرار".
وأشار
التقرير، إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي التزم الصمت بشأن استراتيجيته وتكتيكاته، لكن جزءا متزايدا من المؤسسة الأمنية في البلاد دعا إلى ما أسماه نفتالي بينيت، رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، "الصبر الاستراتيجي"، وذلك الأحد الماضي، حيث قال إنه "على الجيش تطويق حماس في مدينة غزة وفرض حصار طويل الأمد، بدلا من إرسال قوات بسرعة إلى القتال في المناطق الحضرية".
وأضاف في تغريدة على منصة "إكس" (تويتر سابقا): "اجعلوا مرور الوقت يعمل لصالحنا. لدينا كل الوقت في العالم".
إلى ذلك، تابع التقرير، أنه "من الممكن أن يؤدي الحصار في الشمال إلى بقاء عشرات الآلاف من المدنيين الذين لم يتوجهوا نحو الجنوب عالقين في مدينة غزة. وبالفعل، قامت إسرائيل بقطع الغذاء والماء والوقود والكهرباء إلى حد كبير عن مليوني نسمة من سكان المنطقة. وقال القادة الإسرائيليون إنها لن تكون حملة قصيرة".
وأضاف أن تقدم جيش الاحتلال الإسرائيلي، في نفس اليوم الذي اعتذر فيه نتنياهو، عن منشور على وسائل التواصل الاجتماعي ألقى فيه باللوم على وكالات المخابرات الإسرائيلية لفشلها في تحذيره من عملية "طوفان الأقصى" التي أطلقتها المقاومة
الفلسطينية يوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي. وقام بحذف المنشور بعد أن أدانه المشرعون والصحفيون بسبب ذلك.
إلى ذلك، يشير التقرير، أنه "مع تحول شمال قطاع غزة بشكل متزايد إلى ساحة معركة، حثت إسرائيل المدنيين الفلسطينيين على التحرك جنوبا. لكن المراقبين الفلسطينيين والدوليين قالوا إن الغارات الجوية المتكررة، بما في ذلك في الجنوب، والبنية التحتية المدمرة وتناقص الإمدادات، تعيق الحركة داخل غزة وتتسبب في خسائر فادحة في صفوف المدنيين، بما في ذلك الأطفال".
وفي السياق نفسه، قالت منظمة
الأمم المتحدة، الأحد الماضي، إن "الآلاف اقتحموا مستودعات الأغذية التابعة للأمم المتحدة في وسط وجنوب غزة، وأخذوا دقيق القمح وغيره من الضروريات مثل مستلزمات النظافة"، مضيفة أن "المنشآت التي تمت مداهمتها شملت متجرا يحتوي على إمدادات من شاحنات المساعدات التي وصلت مؤخرا من مصر".
وقال مدير وكالة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الفلسطينيين، توماس وايت: "وهذه علامة مثيرة للقلق على أن النظام المدني بدأ في الانهيار بعد ثلاثة أسابيع من الحرب والحصار المحكم على غزة. الناس خائفون ومحبطون ويائسون".
وقد جلبت ما يزيد قليلا عن 80 شاحنة الإمدادات إلى غزة منذ اندلاع الحرب على غزة من طرف الاحتلال الإسرائيلي، في وقت سابق من الشهر الماضي، وهو ما حذرت الأمم المتحدة من أنه "يمثل جزءا صغيرا من احتياجات القطاع". فيما قالت دولة الاحتلال الإسرائيلي، الأحد الماضي، إن "إيصال المساعدات إلى جنوب غزة سيتوسع".
بدوره، قال مسؤول في الحكومة الأمريكية، إن "الأمم المتحدة يمكنها التعامل مع ما يصل إلى 100 شاحنة تحمل إمدادات غذائية وطبية يوميا، وإن إسرائيل وافقت على تسريع وتيرة المساعدات".
أما بخصوص الوضع الإنساني داخل غزة، أضاف التقرير، أن رامي حجو، وهو عامل إغاثة سابق في غزة وأب لثلاثة أطفال، قال: "إن الناس يبيعون ممتلكاتهم ويقاتلون للحصول على المياه"، وإنه لم يتمكن من العثور على الخبز يوم الأحد. وقال إنه كان يعتزم الذهاب إلى المخبز يوم الاثنين الساعة 5 صباحا للوقوف في الطابور والحصول على كيس خبز يكفيه ليوم واحد، وفي أيام أخرى، سيحاول شراء الماء.
وانتهى انقطاع الاتصالات لمدة يومين، الأحد الماضي، مع استعادة خدمات الإنترنت والهاتف تدريجيا، وفقا لمقدمي الخدمات ومجموعات المراقبة الرقمية. فيما قال مسؤول أمريكي إن "إسرائيل اتخذت خطوات لإغلاق الاتصالات الهاتفية والإنترنت في غزة، لكن الولايات المتحدة نجحت في إقناع إسرائيل بالتراجع عن هذه الإجراءات". بينما لم ترد وزارة الدفاع الإسرائيلية على طلب للتعليق.
وقالت جماعات إنسانية إن انقطاع الاتصالات جعل الناس في غزة غير قادرين على الوصول إلى عائلاتهم أو العالم الخارجي وجعل من الصعب على خدمات الطوارئ القيام بعملها. من بينهم عبد الرحيم أبو وردة، وهو طالب ماجستير يبلغ من العمر 30 عاما، الذي تمكن من التحدث مع عائلته، يوم الأحد، بعد استعادة بعض الاتصالات في غزة.
وقال أبو وردة: "أشعر بارتياح كبير عندما علمت أنهم على قيد الحياة. لقد كنت قلقا للغاية بشأنهم". فيما بقي بعض أفراد عائلته في شمال غزة، بينما تعيش زوجته وأطفاله الآن مع أقاربهم في مدينة خان يونس الجنوبية. وأشار أبو وردة، بأن: "الوضع في الشمال أكثر فظاعة من أي وقت مضى".
وقالت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، إن الجيش الإسرائيلي طلب منها إخلاء مستشفى القدس في غزة، وهو مطلب قالت إنه "من المستحيل تلبيته". وقال المتحدث باسم الهلال الأحمر رائد النمس، إن "هناك مرضى على أجهزة الإنعاش، بالإضافة إلى ما بين 12 إلى 14 ألف نازح لجأوا إلى هناك".
وتابع النمس: "لا يزال الناس هناك، ولن يغادروا، ليس لديهم مكان يذهبون إليه، إذ لا يوجد مكان آمن، على الأقل هذا هو المكان الأكثر أمانا بالنسبة لهم".
وأكدت جمعية الهلال الأحمر، في وقت لاحق، أن "إسرائيل شنت غارات جوية بالقرب من مستشفى القدس، مما أجبر المرضى والطاقم الطبي والنازحين على إخلاء المستشفى وتسببوا في أضرار جسيمة لبعض الأقسام".
وفي الوقت الذي رفض فيه جيش الاحتلال الإسرائيلي التعليق على مستشفى القدس. قال بشكل منفصل إنها تخطط لزيادة المساعدات الإنسانية لغزة هذا الأسبوع، وأنه يجهز منطقة في منطقة خان يونس الجنوبية قال إنها يمكن أن تستوعب مئات الآلاف من الفلسطينيين الذين نزحوا بسبب العمليات العسكرية. بينما أكد العديد من السكان أنهم لا يثقون في وعود الجيش الإسرائيلي بإنشاء منطقة آمنة بعد أن طلب من الناس الانتقال من شمال غزة إلى الجنوب حفاظا على سلامتهم ثم قصف المناطق الجنوبية.
وتعارض الأمم المتحدة النقل القسري للسكان المدنيين، وأثارت جماعات الإغاثة مخاوف بشأن استخدام الإغاثة الإنسانية لتشجيع النزوح الجماعي. حيث كشفت وزارة الصحة في غزة أن أكثر من 8000 شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، استشهدوا في غزة؛ فيما قال بعض خبراء الأمم المتحدة إن "العدد الفعلي قد يكون أعلى، لأن الأرقام لا تأخذ في الاعتبار الجثث التي لا تزال تحت الأنقاض".