نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية
تقريرا استعرضت فيه تاريخ الصراع ضد
الاحتلال الإسرائيلي الذي دام لعقود في منطقة الشرق الأوسط، بدءًا بوعد بلفور لسنة 1917 مرورًا بنكبة 1948 وصولًا إلى الحرب الحالية التي اندلعت منذ هجوم "
حماس" على مستوطنات غلاف
غزة في 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
وذكرت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، أن تاريخ الصراع بدأ بالهجرة اليهودية في أواخر القرن التاسع عشر إلى ما كان يعرف آنذاك بالإمبراطورية العثمانية ــ هربًا من المذابح وغيرها من أشكال الاضطهاد في أوروبا الشرقية ــ وصعود الصهيونية أو إعلان بلفور الذي أصدرته الحكومة البريطانية سنة 1917 لدعم "وطن قومي للشعب اليهودي" في فلسطين والصراعات التي تلت ذلك مع المجتمعات العربية هناك.
واعتبرت الصحيفة أن نقطة البداية الحقيقية بالنسبة للعديد من الناس تتلخص في تصويت الأمم المتحدة في سنة 1947 على تقسيم الأراضي الواقعة تحت الانتداب البريطاني على فلسطين إلى دولتين ـ واحدة يهودية وأخرى عربية ـ في أعقاب إبادة قسم كبير من يهود أوروبا في المحرقة.
وأوضحت الصحيفة أن الفلسطينيين والدول العربية المجاورة لم يقبلوا بتأسيس إسرائيل الحديثة، وتصاعد القتال بين الجماعات اليهودية المسلحة (التي اعتبرها البريطانيون منظمات إرهابية) وبين الفلسطينيين، حتى هاجمت جيوش مصر والعراق وشرق الأردن وسوريا بعد إعلان إسرائيل "استقلالها" في أيار/ مايو 1948.
وتابعت: "مع تقدم جيش الاحتلال الإسرائيلي الجديد على الأرض، فقد شهد اتفاق الهدنة في 1949 حدودًا فعلية جديدة منحت الدولة اليهودية الوليدة مساحة أكبر على كثير من الأراضي التي مُنحت لها بموجب خطة التقسيم التي وضعتها الأمم المتحدة".
ماذا حدث للفلسطينيين الذين كانوا يعيشون هناك؟
أشارت الصحيفة إلى أن "نحو 700 ألف فلسطيني (نحو 85 في المائة من السكان العرب في الأراضي التي احتلتها إسرائيل) هُجروا من أرضهم ولم يُسمح لهم بالعودة قط".
وأضافت، أن "العرب الذين بقوا في إسرائيل يتعرضون للتمييز الرسمي حيث تم وضعهم تحت الحكم العسكري لما يقارب عقدين مما حرمهم من العديد من الحقوق المدنية الأساسية وتمت مصادرة جزء كبير من أراضيهم، وتم إبقاء المجتمعات العربية الإسرائيلية فقيرة وتعاني من نقص التمويل عمدًا".
منظمة التحرير الفلسطينية
وأسس ائتلاف من الجماعات الفلسطينية منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة ياسر عرفات سنة 1964 لمواصلة الكفاح المسلح وإقامة دولة عربية بدلا من دولة الاحتلال.
وأردفت "الغارديان"، بأن منظمة التحرير الفلسطينية لفتت الانتباه الدولي إلى قضيتها من خلال الهجمات وعمليات الاختطاف البارزة.
كيف أصبحت الأراضي الفلسطينية المحتلة محتلة؟
وتابعت: "شنّت إسرائيل سنة 1967، ما قالت إنها حرب دفاعية استباقية ضد الأردن ومصر وسوريا، حيث بدا أنها تستعد للغزو حيث فاجأ الهجوم الحكومات العربية واستطاعت إسرائيل تحقيق انتصارات سريعة بما في ذلك الاستيلاء على شبه جزيرة سيناء وقطاع غزة من مصر، ومرتفعات الجولان من سوريا، والضفة الغربية والقدس الشرقية من الأردن".
وبحسب الصحيفة، فإن "حرب الأيام الستة كانت بمثابة نجاح عسكري مذهل لإسرائيل، إذ فتح استيلاؤها على كامل القدس وسيطرتها الجديدة على الأراضي التوراتية المسماة (يهودا والسامرة) في إسرائيل الطريق أمام بناء المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، التي أصبحت مركزية في الصراع، وقد وضعت إسرائيل السكان العرب في الضفة الغربية تحت الحكم العسكري، الذي لا يزال مطبقًا حتى يومنا هذا".
متى دخلت "حماس" المشهد؟
واستعرضت الصحيفة الحركات الفلسطينية، مبينة أن "منظمة التحرير الفلسطينية كانت منظمة علمانية بشكل عام، على غرار حركات حرب العصابات اليسارية الأخرى في ذلك الوقت، على الرغم من أن معظم مؤيّديها كانوا مسلمين".
وأوضحت الصحيفة، أن "الجماعات الإسلامية مثل جماعة الإخوان المسلمين كانت قد تجنبت في السابق الصراع المسلح وكانت ملتزمة إلى حد كبير بالعمل من أجل مجتمع أكثر تدينًا، لكن هذا الموقف تغيّر تحت قيادة الشيخ أحمد ياسين الذي ساعد في تأسيس العديد من المنظمات الإسلامية في غزة بما في ذلك المجمع الإسلامي، الذي حصل على الدعم من خلال إنشاء شبكة من الخدمات الاجتماعية بما في ذلك المدارس والعيادات ومكتبة".
واستدركت، بأنه "بعد وقت قصير من اندلاع الانتفاضة الأولى، فقد استخدم ياسين دعم المجمع الإسلامي كأساس لتشكيل حركة حماس في سنة 1987 بالتحالف مع إسلاميين آخرين.".
الانتفاضة الأولى
تقول الصحيفة، إن "إسرائيل اعتبرت السكان الفلسطينيين الخاضعين لسيطرتها هادئين إلى حد كبير حتى مع استمرارها في توسيع المستوطنات اليهودية في غزة والضفة الغربية ومصادرة الأراضي العربية، كما تم التعامل مع الفلسطينيين كمصدر رخيص للعمل اليدوي إلى حد كبير داخل إسرائيل".
وأوضحت، أن "هذا الوهم قد تحطم في سنة 1987 عندما انتفض الشباب الفلسطيني، حيث تميزت الانتفاضة بإلقاء الحجارة بشكل جماعي بينما رد الجيش الإسرائيلي باعتقالات واسعة النطاق وعقوبات جماعية".
وأصبح يُنظر إلى الانتفاضة إلى حد كبير على أنها نجاح للفلسطينيين إذ ساعدت على ترسيخ هويّتهم بشكل مستقل عن الدول العربية المجاورة وإجبار الاحتلال على الدخول في مفاوضات، وعززت يد عرفات في تقديم التنازلات مع إسرائيل، بما في ذلك تبنّي مبدأ حل الدولتين.
ماذا حدث لعملية السلام؟
مع انتهاء الانتفاضة الأولى في سنة 1993، فإنها بدأت عملية أوسلو للسلام بمحادثات سريّة بين الاحتلال ومنظمة التحرير الفلسطينية. وقّع رئيس حكومة الاحتلال آنذاك، إسحاق رابين، اتفاقا مع عرفات يهدف إلى تحقيق "حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير"، على الرغم من أن رابين لم يقبل مبدأ الدولة الفلسطينية.
وذكرت الصحيفة أن اتفاقيات أوسلو أنشأت السلطة الوطنية الفلسطينية، ومنحت حكما ذاتيا محدودا على أجزاء من الضفة الغربية وقطاع غزة.
وكان الهدف من إجراء مزيد من المفاوضات حل قضايا مثل وضع القدس ومستقبل المستوطنات وحق العودة لملايين الفلسطينيين الذين ما زالوا مصنفين كلاجئين بعد أن لم يُسمح لأسلافهم مطلقًا بالعودة إلى ديارهم.
واعتبر بعض الفلسطينيين البارزين الاتفاقات شكلا من أشكال الاستسلام بينما عارض الإسرائيليون اليمينيون التخلي عن المستوطنات أو الأراضي، ومن بين الإسرائيليين الذين قادوا الهجوم السياسي ضد أوسلو رؤساء الوزراء المستقبليون أرييل شارون وبنيامين نتنياهو؛ حيث قادوا المسيرات التي تم تصوير رابين فيها على أنه نازي وقد اتهمت أرملة رابين الرجلين باغتيال زوجها على يد إسرائيلي قومي متطرف في 1995.
ما سبب الانتفاضة الثانية؟
وتابعت، أن مفاوضات السلام تعثرت حتى فشلت محاولات بيل كلينتون للتوسط في اتفاق نهائي في كامب ديفيد سنة 2000، مما ساهم في اندلاع الانتفاضة الثانية.
وكانت هذه الانتفاضة مختلفة بشكل ملحوظ عن الانتفاضة الأولى بسبب التفجيرات واسعة النطاق ضد الاحتلال التي شنتها "حماس" وجماعات أخرى، وحجم الانتقام العسكري الإسرائيلي.
وبحلول الوقت الذي انتهت فيه الانتفاضة في 2005، كان أكثر من 3000 فلسطيني و1000 إسرائيلي قد قتلوا.
وأوضحت الصحيفة أن التداعيات السياسية للانتفاضة كانت كبيرة حيث أدت إلى تصلب المواقف بين الإسرائيليين العاديين وبناء الجدار في الضفة الغربية.. كما أنها دفعت أيضًا رئيس الوزراء آنذاك أرييل شارون إلى القول إن إسرائيل لا تستطيع الاستمرار في احتلال الأراضي الفلسطينية، رغم أنه لم يقل إن البديل هو دولة فلسطينية مستقلة.
هل ما زالت غزة محتلة؟
إحدى نتائج الانتفاضة الثانية التي تمثلت في القرار الذي اتخذه شارون بـ "فك الارتباط" مع الفلسطينيين بدءًا من 2005 مع إغلاق المستوطنات في غزة وأجزاء من شمال الضفة الغربية، وليس من الواضح إلى أي مدى كان شارون سيذهب في هذه السياسة لأنه أصيب بجلطة دماغية ودخل في غيبوبة في العام التالي.
وبينت الصحيفة أن وضع غزة منذ فك الارتباط لا يزال موضع خلاف؛ حيث تقول إسرائيل إنها لم تعد محتلة، بينما تقول الأمم المتحدة خلاف ذلك بسبب استمرار سيطرة إسرائيل على المجال الجوي والمياه الإقليمية، وكذلك الوصول إلى المنطقة، إلى جانب مصر؛ حيث تفرض إسرائيل حصارا على القطاع منذ وصول "حماس" إلى السلطة في 2006.
ولا يعتبر العديد من الفلسطينيين في غزة أنفسهم أيضًا كيانا منفصلاً عن بقية أراضيهم في الضفة الغربية والقدس الشرقية، لذلك يرون أنهم تحت الاحتلال ككل.
سيطرة "حماس" على غزة
وأشارت الصحيفة إلى أن "حماس" فازت بالانتخابات التشريعية الفلسطينية في سنة 2006 بسبب رد الفعل العنيف ضد الفساد والركود السياسي لحركة فتح الحاكمة، وتم تعيين زعيم "حماس"، إسماعيل هنية، رئيسًا للوزراء.
وبدأ الاحتلال في اعتقال أعضاء "حماس" في البرلمان الفلسطيني وفرضت عقوبات على غزة، كما أدى تدهور العلاقات بين "حماس" وفتح إلى أعمال عنف حيث انهار الاتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية، وسيطرت "حماس" على غزة، في حين واصلت فتح السيطرة على السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية.
ولم تجر انتخابات منذ ذلك الحين، كما واصلت "حماس" مهاجمة إسرائيل من غزة، مستخدمة في الأغلب الصواريخ حتى التوغل البري الأخير، فيما تفرض إسرائيل حصارا مشددا على القطاع، ما ساهم في تدهور الظروف المعيشية وتعميق الفقر.
أين نحن الآن؟
على الرغم من أن الحكومات الغربية لا تزال تتحدث عن حل الدولتين، إلا أنه لم يتم إحراز أي تقدم نحو التوصل إلى اتفاق في عهد رئيس الوزراء الإسرائيلي الأطول خدمة، بنيامين نتنياهو، الذي قال مرارًا وتكرارًا إنه لن يقبل أبدا بدولة فلسطينية.
وبينت الصحيفة أن حكومة نتنياهو الحالية تضم أحزابا يمينية متطرفة تدعو علنا إلى ضم الضفة الغربية بأكملها أو جزء منها إلى إسرائيل واستمرار حكم الفلسطينيين دون حقوق كاملة أو تصويت.
وتقول جماعات حقوق الإنسان الإسرائيلية والأجنبية إن إسرائيل تمارس بشكل متزايد شكلا من أشكال الفصل العنصري في الأراضي المحتلة.