يتزايد غضب العرب والمسلمين في أمريكا تجاه إدارة
الرئيس الأمريكي جو
بايدن بسبب الدعم المطلق للاحتلال الإسرائيلي في حربه على
غزة، مع
زيادة الدعم العسكري، ورفضها الدعوة لوقف إطلاق النار، وهو ما طرح تساؤلات عن
تأثير ذلك على فرص فوز بايدن بولاية ثانية؛ نظرا لوجود أعداد كبيرة من الناخبين
المسلمين
في ولايات حاسمة مثل ميتشيغان.
وفي هذا السياق، نظم مسلمون تجمعا أمام المقر
الفيدرالي في ديترويت بولاية ميتشيغان، في 9 تشرين الثاني/ نوفمبر، أعلنوا فيه
التخلي عن التصويت لبايدن، بسبب دعمه "الإبادة الجماعية" ضد
الفلسطينيين، علما أن غالبية المسلمين يصوتون للحزب الديمقراطي عادة. وقد تم إطلاق حملة التخلي عن بايدن (AbandonBiden#)، للترويج لعدم التصويت له مجددا.
وفاز بايدن في ولاية ميتشيغان التي تقطنها نسبة كبيرة
من المسلمين في
الانتخابات الأخيرة بفارق 154 ألف صوت فقط، ما ساعده على الفوز
بالرئاسة، علما أن هناك نحو 200 ألف ناخب مسلم في الولاية، إضافة إلى نحو 300 ألف
ناخب من أصول شرق أوسطية وشمال أفريقية.
وبشكل عام، صوت 64 في المئة من المسلمين لبايدن في الانتخابات
الأخيرة (2020)، مقابل 35 في المئة للرئيس السابق دونالد ترامب. لكن في الدوائر
التي يشكل العرب أغلبية فيها في ولاية ميتشيغان، حصل بايدن على نحو 70 في المئة من
الأصوات.
ورغم أن حملة الغضب تنتشر بين العرب والمسلمين في مختلف الولايات الأمريكية بسبب الحرب على غزة، فإن الحديث يتركز على ولاية ميتشيغان باعتبارها مركز تجمع رئيسا للعرب والمسلمين في أمريكا، وهم يمثلون كتلة تصويتية كبيرة في الولاية، ويمكن أن تؤثر على نتائج الانتخابات الرئاسية.
وقد بدأ وصول العرب، من مسلمين ومسيحيين، تاريخيا إلى الولاية منذ القرن التاسع
عشر.
وفي إحدى الكلمات التي ألقيت في التجمع، قال الإمام
عمران صالح؛ إن "جو النعسان قاتل، وهذه إبادة جماعية وتطهير عرقي، ويداه
ملطختان بالدم". ووصف "جو النعسان"، أطلقه ترامب على منافسه بايدن.
وقال الإمام داود وليد، من منظمة كير، خلال التجمع تعليقا على حديث
الإدارة الأمريكية عن سعيها لزيادة المساعدات التي تدخل إلى غزة، ووقف إطلاق النار
لفترات قصير: "أعطوا الفلسطينيين بعض الخبز والماء، ثم أعطوا الإسرائيليين
الضوء الأخضر لقتل المدنيين!".
وقالت الناشطة منى مواري في كلمة لها خلال التجمع:
"لن نصوت للذين يدعمون الإبادة الجماعية".
وهذا التجمع هو أوضح رسالة من المجتمعات العربية
والمسلمة في الولايات المتحدة تجاه بايدن، بعد مظاهرات حاشدة في مختلف المدن
الأمريكية؛ مؤيدة للفلسطينيين ورافضة للدعم الأمريكي لإسرائيل.
ويتهم المتظاهرون بدعم الإبادة الجماعية، وفي أحد
الهتافات خلال مظاهرة سابقة في ديترويت، ردد المتظاهرون: بايدن بايدن لا تختبئ..
نحن نتهمك بالإبادة الجماعية".
من جهتها، قالت شبكة "إن بي آر" الإذاعية
الأمريكية؛ إن دعم العرب والمسلمين لبايدن في الانتخابات المقررة العام القادم، بات
الآن موضع شك.
وفي إحدى المظاهرات، قال زعيم الأغلبية في مجلس النواب
في الولاية، إبراهيم عيّاش؛ إن "الدعم الأمريكي لإسرائيل يمثل تجاهلا لأرواح
الفلسطينيين، وبطريقة تتعارض بشكل مباشر مع المبادئ الأساسية" لأمريكا، مضيفا:
"أمريكا التي قدمت للعالم أن كل الرجال والنساء خُلقوا متساويين.. لكن بطريقة
ما نجد أن هناك مليارات الدولارات لنزع الإنسانية عن الفلسطينيين".
وتنقل الشبكة عن الناشط ناصر بيضون، الذي كان قد تحول
من الحزب الجمهوري إلى الحزب الديمقراطي ودعم بايدن في 2020، وهو كان يستعد لخوض
الانتخابات لمجلس شيوخ الولاية عن الحزب الديمقراطي، أنه الآن لن يفعل ذلك. وهو
يقول؛ إنه يشعر أن بايدن والديمقراطيين قد خيبوا أمل العرب الأمريكيين، وهذا ما قد
يكون له ثمن سياسي.
ويتساءل بيضون: "أين الإنسانية؟ هل هو صهيوني
إلى الحد الذي يجعله لا يهتم بأروح الفلسطينيين؟".
ويرى بيضون أن بايدن "خسر دائرة انتخابية صوتت له
بكثافة في ميتشيغان"، ويضيف: "إذا كان يسعى لإعادة انتخابه فهو يحتاج
ميتشيغان، والآن هو لا يحوزها، ولا أعتقد أنه سيتعافى من ذلك أبدا".
وتقول "إن بي آر"؛ إن دعوات صدرت من قادة في
المجتمعات المسلمة بعدم التصويت لبايدن في الانتخابات القادمة؛ بسبب الدعم المطلق
لإسرائيل.
وتقول نازيتا لاجيفاردي، الباحثة في العلوم السياسية بجامعة
ولاية ميتشيغان، وتهتم بدراسة توجهات المسلمين في الولايات المتحدة؛ إن العرب
والمسلمين الأمريكيين يرون أن بايدن هو المشكلة وأن يداه ملطختان بالدماء، وأن
الرسالة التي تنتشر بينهم هي أن "الطريقة للتخلص من هذه الوحشية هي بالتصويت
ضده".
وبحسب لاجيفاردي، فإن استطلاعات الرأي التي تجريها بين
قادة المجتمع المسلم والمساجد، تظهر تصاعدا سريعا في الاختلاف مع إدارة بايدن منذ
بداية الحرب، فيما تتزايد نسبة الذين يعتقدون أنه لم يعد مجديا التصويت لأي من
الحزبين الديمقراطي أو الجمهوري.
وتشير لاجيفاردي إلى أسئلة يطرحها المسلمون الأمريكيون
عن طريقة تمثيلهم، أو ما إذا كان الديمقراطيون يهتمون فعلا بمصالحهم، في حين أن القناعة
الرائجة الآن، هي أن "عدم التصويت للديمقراطيين في 2024 لن يكون مكلفا كما
يفترض البعض بالنسبة للمسلمين".
لكن عياش يحاول استخدام خبرته التي كوّنها من خلال
العمل في حملة الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2008، لدفع بايدن للتحرك، ويسعى
لتشجيع العرب الأمريكيين على فعل الشيء نفسه.
ويخاطب الجمهور خلال تظاهرة: "نحن نمتلك قوة
سياسية"، مضيفا: "نحن نملك القدرة على التأثير على الانتخابات".
كما توجه بالحديث إلى بايدن والديمقراطيين قائلا:
"إذا كنتم لن تأخذوا هذا بعين الاعتبار، وأنكم ببساطة ستكررون العبارات نفسها، بينما سياساتكم تبقي العنف والأذى، فإننا لن ندعم ذلك".
وكان المجلس الوطني الديمقراطي الإسلامي، الذي يضم
زعماء للحزب الديمقراطي من ولايات أمريكية، قد طالبوا بايدن بالعمل على وقف إطلاق
النار.
وقال المجلس في رسالة مُعنونة "إنذار لوقف إطلاق
النار 2023"، بأن هؤلاء الزعماء سيقومون بتحشيد أصوات المسلمين "لمنع
التأييد أو الدعم أو التصويت لأي مرشح يؤيد الهجوم الإسرائيلي على الشعب
الفلسطيني".
وجاء في الرسالة: "أدى دعم إدارتكم غير المشروط،
بما يشمل التمويل والتسليح، دورا مهما في مواصلة العنف الذي يسقط ضحايا من
المدنيين، كما أدى إلى تآكل ثقة الناخبين الذين وضعوا ثقتهم فيكم من قبل".
وتأسس المجلس على يد النائب أندريه كارسون عن ولاية
إنديانا، والنائب الأمريكي السابق كيث إليسون، وهو المحامي العام لولاية مينيسوتا، وأول عضو مسلم ينتخب في الكونغرس.
أما بايدن، فقد التقى مع قيادات من المجتمع المسلم، وتعهد بمواجهة ظاهرة الإسلاموفبيا وتزايد الكراهية ضد المسلمين، دون أن يغير موقفه بشأن الحرب على غزة.