يؤكد الخبير في شؤون الخليج والطاقة
سيمون هندرسون أن جدول أعمال "مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ"
يمكن أن يمتد إلى ما هو أبعد من قضايا المناخ، مع ما يترتب على ذلك من تداعيات على
المنافسات الإقليمية، والعلاقات الأمريكية
الإماراتية، والدبلوماسية الإسرائيلية في
زمن الحرب.
في 30 تشرين الثاني/نوفمبر 2023، انطلقت
أعمال آخر مؤتمر دولي للمناخ "
كوب 28" في دبي - وهي الموقع الذي يعكس بشكل
مناسب ارتباط الحدث بكل من الجغرافيا السياسية الإقليمية (نظراً لموقع إيران على الجانب
الآخر من الخليج العربي) وقضايا تَحوّل الطاقة (بالنظر لامتلاك الإمارات العربية المتحدة
6% من احتياطي النفط العالمي). وخلال الأيام الاثني عشر القادمة، سيناقش الحاضرون كيفية
إبطاء ظاهرة الاحتباس الحراري.
ويضيف هندرسون في تقرير لـ"معهد
واشنطن" أن من المفارقات أن يوم افتتاح المؤتمر البيئي تزامن مع اجتماع افتراضي
لمجموعة "أوبك بلس" النفطية، حيث ناقشت الإمارات وروسيا والدول الأعضاء الأخرى
كيفية الحفاظ على الأسعار المرتفعة دون انخفاض الطلب.
من المتوقع أن يحضر المؤتمر نحو 100 ألف
مندوب وشخصيات بارزة.
وحتى الآن، تم تركيز قدر كبير من الاهتمام
على ثلاثة مواضيع: ما هي الأفكار التي ستطرحها دولة الإمارات لخفض درجات الحرارة العالمية
مع زيادة إنتاج النفط في الوقت نفسه؟ وإلى أي مدى سيتمكن المتظاهرون من أجل المناخ
من تنظيم مسيرات في دبي؟ وما مدى فعالية دبلوماسية اللحظة الأخيرة من قبل الولايات
المتحدة؟
كانت واشنطن قد خططت في بادئ الأمر أن يكون
المبعوث الرئاسي الخاص لشؤون المناخ جون كيري هو الذي يرأس وفدها إلى المؤتمر، بينما
قرر الرئيس بايدن عدم الذهاب على الرغم من حضوره الاجتماعين السابقين لـ "مؤتمر
الأطراف" في اسكتلندا ومصر. وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، برر كيري غياب الرئيس
الأمريكي بإشارته إلى انشغال الإدارة الأمريكية بأزمات أخرى: "لديهم الحرب في
الشرق الأوسط والحرب في أوكرانيا، ومجموعة من الأحداث الأخرى الجارية حالياً".
ومع ذلك، في 29 تشرين الثاني/ نوفمبر، أفادت
شبكة "سي إن إن" أن قرار بايدن قوبل "بمعارضة" من الإمارات العربية
المتحدة. وسرعان ما أعقب ذلك تواصل سريع من قبل الولايات المتحدة، حيث أعلن البيت الأبيض
أن نائبة الرئيس كامالا هاريس ستترأس الوفد الأمريكي، على الرغم من أن المتحدثة باسمها
قالت في وقت سابق إنها لا تخطط للحضور.
وفقاً للبيان الصادر، ناقش الزعيمان الحرب
بين "حماس" وإسرائيل و"العلاقات الثنائية القوية بين بلديهما"
- وهي عبارة نمطية تعيد إلى الأذهان التوترات الأخيرة المتعلقة بعلاقات الإمارات مع
روسيا وقرارها الواضح بالسماح للصين ببناء قاعدة استخباراتية على الأراضي الإماراتية،
بحسب هندرسون الذي أشار كذلك إلى الدعم الإماراتي الذي تتلقاه قوات الدعم
السريع السودانية التي ترتكب إبادة جماعية في دارفور وفقا للعدد الأخير من مجلة
"الإيكونوميست".
ولفت هندرسون إلى الوثائق المسربة التي
تشير إلى أن الإمارات تخطط لإجراء محادثات خاصة مع خمس عشرة دولة خلال مؤتمر
"كوب 28" لتطوير مشاريع النفط والغاز الطبيعي.
وتساءل هندرسون إن كان ذلك الكشف سيقابَل باحتجاجات
مناخية؟ الذي يضيف: "تُعرف دولة الإمارات بعدم تسامحها مع المظاهرات الشعبية الحاشدة،
وبالتالي فإن مدى ظهور أي معارضة ستتم مراقبته عن كثب". وأشار إلى أن الصحفيين
الذين يتابعون قصة الوثائق المسربة قوبلوا برد مفاده أن "المحادثات الخاصة هي
محادثات خاصة"، مما يشير إلى أن "النقد العلني غير مرحب به وغير مسموح به"،
وفق هندرسون.
ويحمل مؤتمر "كوب 28" أيضاً تداعيات
على المنافسة بين أعضاء "مجلس التعاون الخليجي"، الذين يدركون جيداً الفوائد
المرتبطة باستضافة الأحداث الدولية المرموقة. فعلى سبيل المثال، أفادت التقارير أن
المملكة العربية السعودية أبلغت الشركات الدولية أن عليها أن تحدد مقرها الإقليمي في
الرياض بدلاً من الإمارات. ويمكن أن تؤدي مكانة قطر كمصدر رئيسي للغاز (وهو وقود أكثر
مراعاة للبيئة من النفط) إلى رفع سقف الرهانات الاقتصادية المرتبطة بمنافستها الدبلوماسية
المشحونة في الكثير من الأحيان مع كبار منتجي النفط مثل الإمارات والسعودية.