سلط مركز "
أوراسيا ريفيو" الأمريكي
للدراسات والبحوث الضوء على الوضع الاقتصادي في
ليبيا وتحديدا قطاع الطاقة، حيث
تهدف الشركة الوطنية للنفط إلى زيادة القدرة الإنتاجية إلى مليوني برميل يوميا
خلال ثلاث إلى خمس سنوات، وتنوي إصدار عطاءات لمناطق
التنقيب بحلول نهاية سنة 2024.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته
"عربي21"، إن هدف المؤسسة الوطنية للنفط الليبية، الذي أعلنت عنه خلال
مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ "كوب 28"، يتمثّل في زيادة إنتاج
النفط
بمقدار 100 ألف برميل يوميا بنهاية سنة 2024، بالإضافة إلى 1.3 مليون برميل يوميا
حاليا. كما تهدف الشركة إلى تقليل حرق
الغاز المصاحب بنسبة 83 بالمائة بحلول سنة
2030.
وأوضح الموقع أن ليبيا تستعد أيضا لإجراء جولة
تراخيص النفط والغاز السنة المقبلة، التي ستكون الحدث الأول من نوعه منذ ما يقارب العقدين من الزمن. وتهدف هذه الخطوة إلى دعم هدف إنتاج البلاد البالغ مليوني برميل
يوميا على مدى السنوات الثلاث المقبلة.
وأضاف الموقع أنه على الرغم من مواجهة عدم
الاستقرار السياسي والانتخابات غير المقررة والاشتباكات بين الحكومات المزدوجة،
فمن المتوقع أن تصل قدرة إنتاج النفط الخام في ليبيا إلى 1.8 مليون برميل يوميا
بحلول سنة 2024، وذلك وفقا لتقرير صادر عن غرفة الطاقة الأفريقية.
لكن مقارنة بسنة 2022، عندما وصلت أسعار النفط
العالمية إلى أعلى مستوى لها منذ 15 سنة، فإنها لم تتمكن ليبيا من الاستفادة من
احتياطياتها البالغة 3 بالمائة من احتياطيات النفط والغاز العالمية و39 بالمائة من
احتياطيات أفريقيا. وكانت أسباب ذلك سياسية وتحديدا توقّف الإنتاج لعدة أشهر مع
دخول النفط تحت سيطرة حكومتين متنافستين: حكومة الوحدة الوطنية المعترف بها دوليا
برئاسة عبد الحميد دبيبة، وحكومة الاستقرار الوطني برئاسة فتحي باشاغا.
وكانت
الخطة تتمثل في إقالة دبيبة من منصبه من خلال إغلاق حقول النفط والموانئ ونشر مليشيات
مسلحة موالية لخليفة حفتر. وفي غضون أيام، تمكنوا من إغلاق العديد من المرافق
الرئيسية، بما في ذلك حقلا النفط العملاقان الفيل والشرارة، بالإضافة إلى مينائي
البريقة والزويتينة، ونتيجة لذلك اضطرت المؤسسة الوطنية للنفط الليبية إلى إعلان
عدم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها التعاقدية.
وأشار الموقع إلى أن التأثير على المؤسسة
الوطنية للنفط كان مدمرا. فقد بلغت الخسارة في الإنتاج 333 ألف برميل يوميا،
بتكلفة تبلغ حوالي 34.69 مليون دولار يوميا. وفي السنوات الأخيرة، شكّلت عائدات
النفط والغاز ما بين 96 بالمائة و98 بالمائة من دخل طرابلس، ما يجعل ليبيا واحدة
من الدول ذات أعلى ناتج محلي إجمالي في أفريقيا.
وأدى الحصار المفروض على محطات
التصدير وخطوط الأنابيب في سنة 2020 إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 31
بالمائة بعد انخفاض صادرات النفط الخام والمكثفات من 1.1 مليون برميل في سنة 2019
إلى 350 ألف برميل. ولكن الأمور تتحسن في قطاع الطاقة الليبي في سنة 2023، وذلك
وفقا لتقرير "حالة الطاقة الأفريقية للربع الأول" الصادر عن غرفة الطاقة
الأفريقية.
ومقارنة بسنة 2022، بلغ الإنتاج أقل من 600 ألف
برميل يوميا خلال النصف الأول من السنة، بانخفاض قدره 50 بالمائة، لكن مع استبدال
رئيس المؤسسة الوطنية للنفط، فمن المتوقع أن تكتسب البلاد المزيد من السيطرة على
عائدات النفط، ما يؤدي إلى زيادة الإنتاج. وردا على ذلك، فقد رفعت المؤسسة الوطنية
للنفط إنتاج النفط الخام ليقترب من مستويات ما قبل الحصار البالغة 1.164 مليون
برميل يوميا، وذكرت أن الإنتاج في سنة 2023 يجب أن يبلغ متوسطه 1.2 مليون برميل
يوميا.
وتسير المؤسسة الوطنية للنفط على الطريق الصحيح لتحقيق متوسط الهدف البالغ
مليوني برميل يوميا إذا أمكن الوصول إلى هذا الرقم باستخدام البنية التحتية
الحالية للبلاد، وهو أحد الأسباب التي تجعل حكومة الوحدة الوطنية تعمل على جذب
استثمارات أجنبية إضافية.
وأضاف الموقع أن عدم الاستقرار السياسي في
ليبيا استمر لأكثر من عقدين من الزمن، ما يجعل من الصعب جذب شركات النفط العالمية
للاستثمار في البلاد. ورغم وجود شركات متعددة الجنسيات مثل شركة توتال إنيرجي
الفرنسية، وشركة إيني الإيطالية، وشركة شل البريطانية، وكونوكو فيليبس الأمريكية،
التي تعمل في ليبيا منذ ما يقارب الـ70 سنة، إلا أن إطلاق المشاريع الجديدة كان محدودا.
وكان الإعلان عن شراكة إيني مع المؤسسة الوطنية للنفط في مشروع لتطوير الغاز
البحري بقيمة 8 مليارات دولار في كانون الثاني/ يناير بمثابة أول مشروع جديد في
ليبيا منذ أكثر من 20 سنة. وهذا يسلط الضوء على صعوبة إقناع الكيانات الأجنبية بأن
ليبيا بيئة آمنة ومستقرة لممارسة الأعمال التجارية.
وبحسب الموقع، فإن المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا
كشفت عن خطة استراتيجية تهدف إلى زيادة الشفافية في بياناتها المالية، ما يشير
إلى المرحلة الأولية لرؤية كبيرة لوضع ليبيا كمنتج عالمي رائد للطاقة مرة أخرى.
وتهدف هذه الرؤية الطموحة، التي عبّر عنها ابن قدارة، بأنها تهدف إلى استعادة مكانة ليبيا
السابقة كلاعب رئيسي في ساحة الطاقة العالمية. وتظهر التطورات الأخيرة، مثل مشروع
إيني الجديد وتوسيع مصالح توتال إنيرجي في مختلف المجالات، التزاما متزايدا بدعم
المؤسسة الوطنية للنفط الليبية في تعزيز إنتاج النفط والحد من حرق الغاز. وقد أبدت
شركة توتال إنيرجي أيضا اهتماما بمشاريع الطاقة الشمسية المحتملة لتزويد مواقع
الإنتاج بالكهرباء، ما سلط الضوء على نهج متعدد الأوجه لتطوير الطاقة.
وبيّن أن المؤسسة الوطنية للنفط الليبية كانت
قد أعلنت عن تقدم كبير. فقد حقّق حقل إيراوان النفطي معدل إنتاج قدره 92 ألف برميل
يوميا في غضون خمسة أسابيع فقط، وهو ما يتماشى بشكل مريح مع هدفها السنوي البالغ
100 ألف برميل يوميا. وبينما تبحث أوروبا عن مصادر طاقة بديلة وتقلل من اعتمادها
على الطاقة الروسية، فإن ليبيا في وضع جيد يسمح لها بأن تصبح مركزا محوريا لتصدير
النفط والغاز.
وقال الموقع إنه رغم التقلبات السياسية الماضية، فإن التوقّعات الحالية تشير إلى
مستقبل أكثر استقرارا وواعدا لقطاع الطاقة في ليبيا. وقد اتخذت ليبيا خطوات
استباقية لتعزيز إنتاجها من الغاز، بما في ذلك تأمين صفقة غاز بحرية كبيرة مع شركة
إيني والتخطيط للحفر الاستكشافي في الأحواض الرئيسية. ويؤكد التطوير المحتمل لمصنع
تسييل الغاز الطبيعي وخط أنابيب الغاز التزام البلاد بتوسيع البنية التحتية
للطاقة، ما يمهد الطريق للنمو المستقبلي والاستثمار في هذا القطاع.
وذكر أن المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا قدمت
خطة طموحة لتعزيز إنتاج النفط والغاز، وتقليل حرق الغاز، وتحسين الشفافية في
التقارير المالية. ورغم الصعوبات السابقة وعدم الاستقرار السياسي، فإنها تشير التطورات
الأخيرة إلى مستقبل أكثر أمانا وواعدا لقطاع الطاقة في ليبيا.