كتب المحلل العسكري رون بن يشاي في
صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أن القرار في قطاع غزة لا يعتمد على الأمريكيين
بل على الجمهور الإسرائيلي والدعم السياسي.
وقال التقرير، الذي اعتمد على تصريحات قادة عسكريين ميدانيين من قوات
الاحتلال الجوية، إن جيش الاحتلال الإسرائيلي يمكنه اتخاذ قرار في غزة واستكمال
أهداف الحرب التي حددها له المستوى السياسي، لكن هذا الأمر سيتسبب في خسائر فادحة
في الضحايا وسيتطلب الكثير من الوقت، بضعة أشهر على الأقل.
وطرح بن يشاي سؤالا وهو: "هل سيمنح الجمهور والمستوى السياسي جيش الاحتلال
الإسرائيلي الوقت والدعم المعنوي والسياسي؟".
وأضاف: "يعتقد المسؤولون الأمنيون أن كل شيء لا يعتمد حاليا على الأمريكيين،
بل على الرأي العام، وعلى صمود الجمهور الإسرائيلي وعلى الدعم الذي سيقدمه
السياسيون".
وذكرت الصحيفة أنه بعد زيارة قصيرة قبل يومين إلى خانيونس، وانطباعات
البقاء مع القوات في شمال القطاع، "يظهر بوضوح أن طبيعة القتال الذي ما زال
متوقعا يتطلب وقتا وجهدا ذهنيا هائلا".
وأكد الكاتب أن قتالا معقدا يدور في حي الشجاعية مع مقاتلي المقاومة.
وأردف التقرير: "مع أن الحي خال من السكان فالمقاومة هناك قوية وقوات
الفرقة 162 مضطرة للقتال من الزقاق إلى الزقاق، ومن منطقة إلى أخرى، وضد قاذفات الآر بي جي الموجودة في الخدمة".
وأشار إلى أن القتال وسط القطاع "عنيف" ويدور على قدم وساق
وسيستمر لفترة طويلة، وفقا لـ بن يشاي.
وذكر التقرير أن خانيونس "أكثر خطورة"
بالنسبة لقوات جيش الاحتلال الإسرائيلي من المنطقة الحضرية الكثيفة التي تركز فيها
القتال في وقت سابق.
وتابع: "دمار مثل الذي حدث في شمال القطاع لم أشاهده إلا في غروزني في
الشيشان عام 2000، عندما جاء فلاديمير بوتين لزيارة هناك يوم انتخابه رئيسا
لروسيا".
وأكد بن يشاي: "تحول 70% من المباني شمال قطاع غزة إلى أنقاض".
وجاء في التقرير: لقد فوجئ جيش الاحتلال الإسرائيلي عندما اكتشف أن مجموعة
الأنفاق والأعمدة التابعة لحماس أكبر بنسبة 500% إلى 600% من تقديراته.
وأوضح أنه "إذا كان الجيش يعتقد في السابق أن هناك 500 كيلومتر من
الأنفاق ونحو 1000 بئر في كامل أراضي قطاع غزة، فإنه الآن ومن المعروف أن هناك
آلاف الكيلومترات من الأنفاق وآلاف الأعمدة فهذه أرقام لا يمكن تصورها".
وتبين أن مركز الحكم المدني لحركة حماس كان بالفعل في شمال القطاع، لكن المركز
العسكري المهم والرئيسي يقع في منطقة خانيونس، وفقا للتقرير.
ومضى في تقريره، قائلا: "يسمح هذا التشكيل بين أعضاء حماس والجهاد الإسلامي بتحريك
القوات من مكان إلى آخر وضرب قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي من مسافة طويلة أو
قصيرة بحسب اختيارهم".
وأردف: "طالما كان جيش الاحتلال الإسرائيلي يتحرك في جنوب ووسط القطاع فلم يندفع المقاتلون إلى الظهور على السطح، بل ركزوا على وضع عبوات ناسفة
أمام قوات المشاة التي تتحرك بين المزارع وتدخل المباني".
وأكمل شرح الواقع العسكري في الميدان بالقول: "الآن، عندما يتحرك جيش الاحتلال
الإسرائيلي بشكل أقل وينتقل إلى مرحلة تدمير البنية التحتية، فإن المقاتلين يستخدمون القذائفالمضادة للدبابات والمدرعات، والمدافع المضادة
للدبابات وجرافات D9 الكبيرة التي
تمهد الطريق لكل هدف جديد تقترب منه القوات".
ورأى أن بطء الحركة في وسط القطاع، إلى جانب قدرة المقاتلين على الرؤية من
مسافات بعيدة، يجعل من السهل عليهم استخدام الصواريخ المضادة للدبابات وصواريخ RPG29 الفتاكة ذات
الرأس المزدوج الاختراق.
بن يشاي، أشار إلى أن الفرقة 98 والقوات الجوية لا تستطيع استخدام كامل
قوتها النارية في هذه المنطقة كما فعلت في شمال قطاع غزة بسبب "المناطق
الأمنية" العديدة للسكان المدنيين المنتشرة في منطقة خانيونس.
وبيّن أن حركة جيش الاحتلال الإسرائيلي بطيئة وسط القطاع لأن المنطقة كبيرة
ومتهورة للغاية والحركة السريعة فيها تكلف ثمنا باهظا في حياة جنود الاحتلال.
ونوه إلى أن هناك عاملا مثبطا آخر وهو الرغبة الحازمة في عدم المساس بالأسرى فوق وتحت سطح الأرض.
وحول مكان تواجد الأسرى، افترض بن يشاي: أولاً – يمكن الافتراض أن معظم الأسرى
محتجزون الآن في وسط الشريط. والثاني هو أنه من المرجح أن يكون زعيم حماس، يحيى
السنوار، قد أحاط نفسه بعدد غير معروف من الأسرى، معظمهم من الجنود، بحيث إذا
وصلوا إليه وإلى مجموعة قيادته العليا، فإن الأسرى سيتضررون أيضا - إما بنيران
قوات الاحتلال الإسرائيلي أو لأنه هو ورجاله سيقتلونهم.
وذكر أن هذا (الأسرى) هو السبب المباشر الذي يجعل السنوار وقيادة حماس في
غزة يشعرون بأن لديهم القدرة على الإملاء على تل أبيب وقف إطلاق النار بشكل دائم وانسحاب
قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى مسافة غير معروفة.
وزعم بن يشاي، وفقا لبيانات، أن جيش الاحتلال تمكن من خلال العدوان الجوي
والبري من استهداف ما بين 7000 و9000 مقاتل من حماس والجهاد الإسلامي، لافتا في الوقت نفسه إلى أن ذلك لا يردع السنوار،
الذي يعتقد أنه من خلال استغلال الأسرى سيكسب الوقت، وبمرور الوقت سيكسب ضغوطا
دولية على دولة الاحتلال لوقف القتال.
كما أنه أشار إلى أن سلاح جو الاحتلال يشعر بالإحباط من هذا الوضع ويتحدث عن
معضلات تواجهها القيادة العليا ولا يستطيع التعامل معها إلا المستوى السياسي.
وقال إن الطموح هو المس بالمسؤولين الكبار: يحيى السنوار، وشقيقه محمد،
محمد الضيف، مروان عيسى وآخرين.. مدعيا أنه في هذه المجموعة المحدودة، بالكاد أصيب
اثنان حتى الآن، وهما ليسا من كبار السن، وفق التقرير.
وذكر أن هناك أربع حالات لسلاح جو الاحتلال أصابت فيها صواريخ المضادة
للدبابات والمروحيات القتالية مقاتلين من جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وكشف أنه حتى الآن قُتل أقل من خمسة جنود بتلك الاستهدافات.
بخصوص الجبهة الشمالية، يعمل سلاح الجو بشكل مكثف لإبعاد حزب الله عن
الحدود، لكن لا أحد يتوهم أن ذلك لا يمكن أن يتم إلا من الجو، وفقا لبن يشاي.
ورجح المحلل العسكري أنه من المحتمل أن تكون هناك حاجة إلى مناورة برية
محدودة لتحريكها ليس فقط إلى ما هو أبعد من المدى المضاد للدبابات، الذي يبلغ الآن
ثمانية كيلومترات، ولكن أيضا إلى ما هو أبعد منه.
وبيّن أن هناك ضرورة للوصول إلى وضع حيث لن يتمكن حزب الله من استخدام
القوة العسكرية في جنوب لبنان، مستدركا بأن هذا الأمر سيتعين عليه الانتظار حتى بعد
إطلاق سراح الأسرى في غزة، وإلحاق الضرر بالقيادة العليا لحماس، وتفكيك بنيتها
التحتية الرئيسية بشكل مقيد، بحسب قوله.
إعلام عبري: الظروف نضجت و"إسرائيل" مستعدة لاستئناف مفاوضات تبادل الأسرى
"هآرتس": هناك فجوة كبيرة بين أرقام الجيش المعلنة وقوائم الجرحى في المستشفيات