نشرت صحيفة "
هآرتس" العبرية، تقريرا أشار إلى ظاهرة
التسليح المتزايدة لدى الإسرائيليين حيث "تحول السلاح إلى إكسسوار عصري"، وأصبحت العسكرة والقدرة على إطلاق النار "موضة"، وذلك في ظل حث حكومة
الاحتلال على حمل السلاح وتسهيل ذلك بالتزامن مع تواصل العدوان على
غزة.
وذكر التقرير الذي ترجمته "عربي21"، أن "السلاح الشخصي في الأشهر الأخيرة تحول من أداة للحماية إلى رمز للمكانة الاجتماعية وشكل من أشكال التعبير"، محذرة من مغبة تسليح المدنيين الإسرائيليين بالقول: "وربما عندما ينتهي عراك بين شخصين في حانة بإطلاق نار، حينها سندرك أن تسليح المدنيين لا يصلح للتعايش على المدى الطويل".
وأضافت أن "السلاح الشخصي مناسب لأي حالة جويّة ومهما كان النشاط، ويمكنك حمله معك إلى الشاطئ، أو أثناء التنزه مع كلبك، أو عند أخذ ابنتك من الحضانة وحتى لقضاء أمسية في الحانة. إنه دائمًا معك وأفضل صديق للإنسان (الإسرائيلي). يأتي السلاح الشخصي بأحجام مختلفة مع أو دون إكسسوارات، وحتى بأوزان مختلفة. إنه مصمم خصيصا لك. ربما لم تروا هذا الإعلان في أي مكان، لكن إمكانية بيعه بدأت تظهر على أرض الواقع. أصبح السلاح الشخصي منذ اندلاع الحرب إكسسوارا عصريا بكل معنى الكلمة".
وأردفت: "لا شك أن هناك رابطا وهو الحرب، التي تم على إثرها استدعاء جيش الاحتياط، وزادت الشعور بالخطر وحفّزت الرغبة في الاستعداد لأي مشكلة قد تحدث. لكن لا بد من التمييز بين مختلف حالات حمل السلاح. فعندما يعود جندي من القاعدة إلى منزله من الطبيعي أن يظل مسلحا حتى في الفضاء العام. وهذا ينطبق أيضا على من يعيش في منطقة خط النزاع. وهناك بالطبع تعليمات الجيش الإسرائيلي التي تملي ما يأتي: إما أن يكون السلاح مع الجندي أو مخزنا بإحكام. وإذا كان التقيّد بالشرط الثاني معقدا جدا، فمن المنطقي رؤية السلاح في الأماكن العامة".
وأشارت إلى أن "هذه التعليمات لا تًطبّق في العديد من الحالات. فقد تحول السلاح إلى أكثر من مجرد أداة حماية من الضروري حملها، إلى أداة يريد الناس حملها، إلى رمز للمكانة الاجتماعية، إلى أداة تعبير. من يكترث لحقيبة غوتشي عندما يتسنى له حمل بندقية تافور حديثة على كتفه؟ من سيفضّل انتعال أحذية بالنسياغا، التي تتطلب رؤيتها نظرة فاحصة للأسفل، عندما يكون من الممكن التلويح ببندقية إم-16؟".
يُضاف إلى ذلك، وفقا للصحيفة العبرية، "مسألة السعر التي تعني القدرة على تحمل تكلفة شراء السلاح وامتلاكه من عدمها - على الأقل من الناحية المالية". إن ذلك أشبه بتسويق مجاني، وعلى غرار لاعب كرة قدم يحصل على ملابس من شركة معينة مقابل ارتدائه لمنتجاتها، يحصل الجندي على البندقية مقابل المخاطرة المحتملة بحياته. وعلى عكس كرة القدم لا تحتاج إلى موهبة من أجل حمل السلاح، ما يعني أنه يمكن لأي شخص حمله وعرضه. حتى العروس في يوم زفافها يمكن أن تكون جزءا من هذه الحملة الإعلانية، حيث تقف مرتدية فستانًا أنيقًا وتضع مكياجًا كاملًا وعلى كتفها بندقية في حفل زفاف رائع".
وذكرت أنه "ليس من قبيل الصدفة أن ينتقل هذا الموضوع إلى تطبيقات المواعدة، حيث يوجد من يصرحون بفخر عن كونهم من جيش الاحتياط أو في الجيش، وغالبًا ما يظهرون ذلك في صورة الملف الشخصي بارتداء الزي العسكري وحمل سلاح ليس بالضرورة مخفيًا. ربما يعتبر هذا بمثابة إعلان: وأنا في الواقع مثل الجميع".
وأضافت: "إلى جانب سؤال ما إذا كانت هناك طرق أفضل للتعبير عن هذه الهوية مع الجمهور، يتسلل شعور غير مريح بأن العسكرة أصبحت موضة. يمكنني إطلاق النار، إذا أنا شخص له قيمة؛ يمكنني التصويب، إذا أنا شخص مرغوب فيه؛ يمكنني القتل، فما رأيكم في صحبتي؟ ولا ينبغي أن نستهين بمساهمة التسليح في الحراك الاجتماعي: قد يكون لديك شهادة جامعية، لكن لديّ بندقية لحمايتك".
ونوه إلى انه "في ظل الحرب في غزة، أصبحت هذه الموضة رائجة بين صفوف المستوطنين في تل أبيب. وربما يكون السبب وراء ذلك الاستعراض المفرط للقوة من قبل الثنائي إيتمار وأيالا بن غفير في وسائل الإعلام بقولهما باللغة الإنجليزية "In Guns we trust" التي تعني نثق في الأسلحة. وقد فعلا كل شيء لتوسيع دائرة حاملي السلاح في إسرائيل. بفضل وزير الأمن القومي - أو بسببه - تم تخفيف شروط الحصول على رخصة سلاح بشكل كبير بعد اندلاع الحرب وبدأت موجة من الطلبات الجديدة، ضاربين بعرض الحائط تحذيرات المختصين".
ولفتت إلى أن "بن غفير ليس الوحيد الذي دعا إلى حمل السلاح في الأماكن العامة. فقد فعلت ذلك أيضا عضوة الكنيست شيرين هسكل التي أظهرت أن الكعب العالي والسلاح مثل الخبز والزبدة. وحتى في الماضي البعيد نسبيا وحتى في الماضي القريب، ظهرت كمدافعة عن أيالا بن غفير. يبدو أن هذه هي الرسائل الجديدة: السلاح جيد. وهذه ليست فقط رسالة سياسية. تظهر الأسلحة في كل مكان في الإعلام المذاع، وليس فقط في المسلسلات الخيالية، وإنما أيضا في استوديوهات التلفزيون. يدخل مختلف المحاورين إلى الاستوديو مسلّحين، وهذا أيضًا ميراث المقدّمين".
وذكرت أنه "قبل أسبوع تم تصوير ليتل شيمش في استوديو أخبار 14 مع مسدس مخبأ في بنطالها. وكان لدى داني كوشمارو، الذي سبقها، بندقية مصنوعة من البلاستيك. ولكن إذا كان المقدم الذي يمثل الإجماع في أيام الحرب الأولى يسمح لنفسه بحمل سلاح فربما ما يحدث الآن هو مجرد مقدمة للمستقبل. ما نخشاه أن نبدأ في المرحلة الثانية برؤية الناس يسيرون مع قنابل يدوية على صدورهم وسلاسل الرصاص على أعناقهم. ويرتدي الجيل القادم ملابس رامبو".
وشددت على أن العسكرة هذه "ليست فقط غير مريحة، بل مخيفة أيضا. عندما يحمل الأب طفله بيد والسلاح معلق من على كتفه من الجهة الأخرى، يتأرجح ويحتك بالطفل، فإن المشهد ليس مؤثرا. عندما يسرع شاب على سكوتر، ليس بالضرورة ملتزما بقوانين المرور، مسلحا بالطبع - فهذا ليس مطمئنا. حتى عندما تخرج امرأة لموعد في حانة ليس من المؤكد أن هذه البندقية تعطيها الثقة بالنفس، وهذا قبل التساؤل عن ما إذا كان شرب الكحول مع حمل سلاح هو وصفة مناسبة للتعايش".
واختتمت الصحيفة تقريرها بالقول: "بغض النظر عن كيفية النظر إليه، فإن السلاح أداة لتطبيع العنف. يتضاعف هذا الأمر في ظل الفترة التي نحن فيها، وكل التوتر، والضغط والحاجة إلى التأهب التي تجلبها معها. في حديث أجريته هذا الأسبوع مع جندي احتياط، كان هناك قلق كبير من أن هذا سينتهي بتبادل إطلاق نار بين شخصين أو إطلاق النار لمجرد المتعة أو إطلاق النار في مقهى؛ ربما إطلاق رصاصة في حمام سباحة أو في مركز رياضي، ربما لمجرد خطأ في تحديد هوية شخص يبدو مشبوها تجرأ على التحدث بالعربية مع والدته على الهاتف. أحيانا لا يحتاج المرء حتى لسماعه يتحدث، يكفي نظرة سريعة لاستنتاج أن هذا الرجل هو مجرد شخص يجب إطلاق النار عليه. اسألوا عائلة يوفال كاستلمان".