نشرت صحيفة "
فايننشال تايمز" تقريرا، قالت فيه "إن رجل الأعمال الإسرائيلي، رون دانيال، الذي كان قد استقر في دبي منذ عام 2021، غادرها في الأيام التي تلت عملية يوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر والحرب التي تبعتها خوفا من أن يكون، جالسا على بركان".
وأوضحت الصحيفة بأن الرئيس التنفيذي لشركة Liquidity Group لإدارة الأصول والتكنولوجيا المالية، عاد إلى
الإمارات بعد شهر بعدما قرر أن هذه المخاوف كانت "في رأسي بشكل أساسي".
وتابعت: "دانيال هو من بين مجموعة صغيرة من الإسرائيليين الذين يعيشون ويعملون في الإمارات منذ تطبيع العلاقات مع إسرائيل قبل أربع سنوات. ويعكس قراره بالعودة الآمال بين رجال الأعمال الإسرائيليين في أن التطبيع الذي توسطت فيه
الولايات المتحدة مع الإمارات وثلاث دول عربية أخرى، والذي يسمح لهم بالسعي علنا إلى صفقات في الشرق الأوسط، يمكن أن يصمد أمام الغضب والألم الناجمين عن حرب إسرائيل في
غزة".
وقال دانيال: "لقد نجا السلام، واستمر الاهتمام، واستمرت الصداقات"، مضيفا أنه "على الرغم من أن الأمر كان "محرجا" مع الأصدقاء الإماراتيين في البداية، إلا أنه سرعان ما أصبح الأمر كما لو أنه لا علاقة له بنا".
وقد أدانت دولة الإمارات، مثل جميع الدول العربية الأخرى، الدمار الذي أحدثه قصف الاحتلال الإسرائيلي لغزة، والذي أثار غضب الإماراتيين وجزء كبير من غالبية السكان المغتربين. غير أن الغضب والأذى تم احتواؤه إلى حد كبير في المحادثات الخاصة، حيث تُحظر الاحتجاجات.
وقد أدى ذلك إلى غياب المظاهرات واسعة النطاق لدعم الفلسطينيين التي شوهدت في جميع أنحاء المنطقة وأجزاء أخرى من العالم. كما حذرت السلطات من إظهار التضامن الفلسطيني بشكل علني. وقد أعلن قادة الإمارات التزامهم بالاتفاق مع دولة الاحتلال الإسرائيلي المعروف باسم اتفاقيات أبراهام، على الرغم من مخاوفهم بشأن هجوم الاحتلال الإسرائيلي على غزة.
وقال مستشار الرئيس للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، في مؤتمر عقد في دبي الشهر الماضي: "لقد اتخذت الإمارات قرارا استراتيجيا، والقرارات الاستراتيجية طويلة المدى".
ولطالما كانت الإمارات غير راضية عن حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اليمينية المتطرفة. لكنها تعتبر قرارها بأن تصبح ثالث دولة عربية تطبع العلاقات مع دولة الاحتلال الإسرائيلي أمرا حيويا لمصالحها سواء على مستوى الأمن أو طموحاتها الاقتصادية.
وفي هذا السياق، قال المحلل الإماراتي، عبد الخالق عبد الله، إن "الإمارات بحاجة إلى إبقاء قنوات الاتصالات والاستخبارات والدبلوماسية مفتوحة، ومعرفة ما إذا كان يمكنها استخدامها"، مضيفا، "كنا نعلم أنه سيكون هناك صعود وهبوط".
وعلى عكس ما يوصف بـ"السلام البارد"، وهو الذي اتفقت عليه مصر والأردن مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، احتضنت الإمارات، التي لم تخض حربا مع الدولة اليهودية أبدا، العلاقة ودفعت من أجل علاقات اقتصادية أكبر، مع رغبة خاصة في الاستفادة من التكنولوجيا الإسرائيلية.
ومع مشاركة الإمارات ودولة الاحتلال الإسرائيلي عدوا يتمثل في إيران، مكّن الاتفاق أيضا أبو ظبي من تطوير تبادل المعلومات الاستخبارية والتعاون الأمني بشكل علني. فيما تم إجراء معظم الأعمال الجديدة التي أعقبت الاتفاق مع كيانات تابعة للدولة الإماراتية، خاصة تلك الموجودة في أبو ظبي، العاصمة الغنية بالنفط التي قادت صفقة التطبيع.
وحتى قبل الحرب، كان استغلال المكاتب العائلية الخاصة في الإمارات أصعب مما كان متوقعا بالنسبة لرواد الأعمال الإسرائيليين، الذين أرادوا استخدام اتفاقيات أبراهام للحصول على موطئ قدم إقليمي والوصول إلى المستثمرين الخليجيين الأثرياء.
وقال المؤسس المشارك لشركة PICO Venture Partners ومقرها القدس، إيلي وورتمان، إن "هناك فكرة مفادها أن رجال الأعمال الإسرائيليين سيأتون ويجمعون الكثير من رأس المال ثم يعودون. لكن هذه ليست الطريقة التي تتم بها الأعمال هناك".
إلى ذلك، أدّت الحرب بين دولة الاحتلال الإسرائيلي وحماس الآن إلى تثبيط الآفاق الناشئة للشركات الإماراتية الخاصة التي تعقد صفقات مع شركات إسرائيلية، بسبب الغضب المتصاعد بين عائلات التجار الذين كان الكثير منهم أصلا حذرين من التعامل مع الإسرائيليين، بسبب الدمار في غزة.
وقال مسؤول تنفيذي إماراتي: "سواء كان الأمر يتعلق بالعمل أو بالاجتماعات، فإن كل من هو هنا سوف يفكر مرتين". وأضاف: "إذا كان لدي عمل مع شركة إسرائيلية، فسوف أوقف ذلك الآن. العواطف ملتهبة جدا".
وشملت الصفقات الأكثر أهمية شركات تابعة لحكومة أبوظبي. وكانت شركة G42، شركة الذكاء الاصطناعي في أبو ظبي والتي يرأسها الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، مستشار الأمن القومي الإماراتي القوي، أول شركة إماراتية تفتتح مكتبا في دولة الاحتلال الإسرائيلي. واستثمر صندوق مبادلة التابع لحكومة أبوظبي مليار دولار في حقل غاز إسرائيلي و100 مليون دولار في رأس مال استثماري وشركات ناشئة إسرائيلية. وحتى لو تباطأت بعض الأعمال، فهناك دلائل على أنها تمضي قدما في مجالات أخرى.
وفي سياق متصل، قالت الباحثة البارزة المقيمة في دولة الاحتلال الإسرائيلي، يويل ماريك، الشهر الماضي، إنها "تمضي قدما في افتتاح فرع حيفا لمعهد الابتكار التكنولوجي في أبو ظبي، المشهور بنموذجه اللغوي الكبير مفتوح المصدر (فالكون)"؛ فيما قال معهد دراسات الترجمة إنه أسس وجوده في إسرائيل في أوائل العام الماضي، وأن ماريك "تقوم بمساعدتنا في التوظيف منذ أواخر صيف عام 2023" - قبل بداية الحرب - وتم "تضمينها الآن".
وواصلت شركات الطيران التابعة للدولة الخليجية خدماتها إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي حتى مع إلغاء شركات الطيران الأخرى رحلاتها، مما يؤكد الاهتمام بالحفاظ على العلاقة مع إسرائيل. أما بالنسبة للعديد من الإسرائيليين الذين يقومون بأعمال تجارية في الإمارات، فقد أدت الحرب بين دولة الاحتلال الإسرائيلي وحماس إلى زيادة الحاجة إلى الأصدقاء في منطقة معادية.
وقالت المؤسسة المشاركة بمنتدى الأعمال الإسرائيلي الإماراتي UAE-IL Tech Zone، نوا غاستفروند: "منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر، ربما لم تعد الاتفاقيات الإبراهيمية في مرحلة شهر العسل، لكنها لا تزال مستقبلنا". تم تغيير اسم المجموعة لتصبح ببساطة Tech Zone "في ضوء الحساسيات والحاجة إلى تعاون إقليمي أوسع".
وقال الرئيس التنفيذي لشركة رابيد للتكنولوجيا المالية التي تأسست في دولة الاحتلال الإسرائيلي، أريك شتيلمان، والتي يعمل بها حوالي 100 موظف في الإمارات، إن "تأثير الحرب على شركته غير موجود بالمعنى الحرفي للكلمة".
وأضاف: "كل شيء يسير كالمعتاد في دولة الإمارات"، مضيفا أن "هناك تغيرا أكبر في أوروبا حيث أصبح التعاقد مع عملاء جدد أكثر صعوبة".
تجدر الإشارة إلى أن التدفق الثنائي للسلع بين دولة الاحتلال الإسرائيلي والإمارات، باستثناء البرمجيات، تجاوز ملياري دولار في الفترة من كانون الثاني/ يناير، إلى آب/ أغسطس 2023، وفقا لسفير دولة الاحتلال الإسرائيلي في أبو ظبي. ودخلت اتفاقية الشراكة الإماراتية مع دولة الاحتلال حيز التنفيذ العام الماضي، حيث خفضت التعريفات الجمركية وتهدف إلى تعزيز التجارة الثنائية إلى 10 مليارات دولار في غضون خمس سنوات.
وقال وورتمان من شركة PICO Venture Partners إن "أحد الجوانب الحاسمة هو أن الإسرائيليين ما زالوا يشعرون بالترحيب في الدولة الخليجية". وأوضح: "إنها واحدة من أكثر الأماكن أمانا في العالم اليوم لتكون إسرائيليا".