تناول
تقرير، نشرته هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، تساؤلات "خطيرة" تتعلق
بذاكرة الرئيس الأمريكي جو
بايدن، ما تطلب ردا منه إزاءها.
ووجه المحقق الخاص روبرت هار، اللوم إلى بايدن على الاحتفاظ ببعض الوثائق
السرية، وتخزينها بشكل غير مناسب، ولا آمن.
ورغم
معارضة هار محاكمة بايدن واتهامه بالاحتفاظ ببعض الوثائق الحكومية السرية، إلا أن
المحقق الذي كان يعمل في إدارة الرئيس السابق دونالد
ترامب، قال إن بايدن البالغ
من العمر 81 عاما، في الغالب سيقدم نفسه في أي محاكمة على أنه "شيخ طاعن في
السن، يحمل نوايا طيبة، ويعاني ذاكرة ضعيفة".
وفور
صدور التقرير، عقد بايدن مؤتمرا صحفيا عاجلا في البيت الأبيض، ليقول للصحفيين
"ذاكرتي جيدة".
تساؤلات
حول ذاكرة الرئيس
وجد
التقرير أن ذاكرة الرئيس "بدت تعاني من قصور واضح". وهناك مئات
المقتطفات في التقرير، تثير التساؤلات حول ذاكرة بايدن، وقدرته العقلية.
في
إحداها يصف التقرير مقابلة طويلة مع مارك زونيتايزر، المؤلف غير المعلن لكتاب جو
بايدن، والذي قال في المقابلة، إن الرئيس يعاني في استذكار أحداث محددة، خلال فترة
خدمته نائبا للرئيس الأسبق باراك
أوباما.
وجاء
في التقرير: "حوارات بايدن المسجلة مع زونيتايزر عام 2017، إما بطيئة بشكل
مؤلم، بسبب معاناة بايدن في تذكر الأحداث، أو تفضيله أحيانا العودة لمذكراته
المدونة".
ويورد
التقرير لاحقا مقابلات بايدن مع هار والتي تطوع بايدن بإجرائها العام الماضي، ويصف
ذاكرة الرئيس بأنها أصبحت أكثر سوءا.
ويقول
التقرير: "في مقابلته مع مكتبنا، أصبحت ذاكرة بايدن أكثر سوءا، ولم يتذكر متى
كان نائبا للرئيس، ونسي في أول يوم من المقابلة متى انتهت خدمته في ذلك المنصب،
ونسي في اليوم التالي، متى بدأت خدمته فيه".
وكذلك
يصف التقرير كيف عانى بايدن في تذكر أحداث رئيسية سببت خلافات حادة في بداية فترة
خدمة إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما.
وعلى
وجه الدقة يقول التقرير إن بايدن عانى في تذكر تفاصيل الخلافات في إدارة أوباما
حول الجنود الأمريكيين في أفغانستان عام 2009، وكان بايدن وقتها يعارض فكرة نشر 30
ألف جندي إضافيين هناك، لدعم حكومة حامد كرزاي، واقترح بايدن وقتها التوسع في
العمليات الخاصة، وغارات المسيرات بدلا عن ذلك.
وجاء
في التقرير: "ذاكرته بدت مشتتة، عندما بدأ بتذكر الخلاف حول أفغانستان، والتي
شكلت أمرا هاما بالنسبة له، بين أمور أخرى، وقال بشكل خاطئ إنه كان "له رأي
مخالف" للجنرال كارل إلكينبيري، بينما كان الجنرال في الواقع حليفا لبايدن،
ومؤيدا له، كما تقول مذكرة لبايدن نفسه وجهها حينها لرئيسه أوباما".
يشير
التقرير كذلك إلى أن بايدن لا يتذكر متى توفي نجله ذاكرا أنه "لم يتذكر حتى
ولو ضمن بضع سنين متى توفي نجله بو".
وقد
توفي بو، الذي خدم كجندي في العراق، وعمل كمدع عام سابق في ولاية ديلاوير، عام
2015، عن عمر يناهز الـ46 عاما، واعتبر بايدن ذلك اليوم أحد أسوأ أيام حياته.
وبينما
ساق تقرير هار هذه الأمثلة للتدليل على تراجع ذاكرة بايدن، وقدراته العقلية، فقد تعرض
التقرير للهجوم من الديمقراطيين.
وانتقد
المستشار الخاص لبايدن، ريتشارد سوبر، التقرير مطالبا هار بمراجعته مرة أخرى، في ما
يختص "بذاكرة الرئيس بايدن، ليكون مناسبا لخبراتك".
وقال
سوبر إن وصف ذاكرة الرئيس لم يكن "دقيقا ولا مناسبا" ولم يكن له محل في
تقرير تابع لوزارة العدل.
وأشار
سوبر أيضا إلى أن المقابلات التي أجراها هار مع بايدن جاءت بعد يوم من هجوم حركة حماس
على إسرائيل، وأن هار نفسه كان متقبلا لفكرة أن عددا من الشهود لم يتذكروا بعض
الأحداث التي وقعت قبل 15 عاما.
حفظ
الوثائق في "فراش الكلب" الخاص به
وفي
التقرير جاء أن المحققين الذين زاروا منزل بايدن، في ديلاوير، وجدوا أن بعض الوثائق
السرية المتعلقة بأفغانستان كانت محفوظة في مرآب السيارة الذي كان غير مرتب ويبدو
بحال فوضوية.
وأضاف
التقرير أن الوثائق كانت "ملفوفة بالبلاستيك قرب قفص شبه منهار خاص بالكلب،
وفراش الكلب، وسطل فارغ ومصباح مكسور، ويعلوها التراب".
وقال
التقرير إن "المحلفين لم يمكنهم فهم أن المكان ليس مناسبا ليقوم شخص ما بحفظ
وثائق يفترض أنها سرية وهامة بالنسبة إليه".
وبدلا من ذلك فقد شكك هار في ذاكرة بايدن، قائلا إن الاكتشاف بدا "كموقع لتخزين وثائق
سرية نسي صاحبها أمرها، أو أنه لا يعرف بوجودها".
بايدن
ظن أن أوباما أخطأ بخصوص أفغانستان
بعد
بداية فترة إدارة الرئيس الأسبق أوباما، فإنه أصبح مقتنعا بأن زيادة عدد الجنود في
أفغانستان كان الحل الوحيد لإقرار الأوضاع هناك، لكن بايدن كان معارضا لتلك
الفكرة.
واعتبر
بايدن نفسه وقتها "شخصية تاريخية" وحرص على كتابة مذكراته بشكل يومي
والاحتفاظ بها ليقوم لاحقا بإصدارها في كتاب.
يضيف
التقرير أن بايدن كان لديه دافع للاحتفاظ بالوثائق الخاصة بأفغانستان لأنه كان
يرغب في إثبات أنه كان معارضا لقرار الرئيس أوباما.
ويشير
أيضا إلى أنه "اعتقد أن قرار الرئيس أوباما عام 2009 زيادة عدد الجنود في
أفغانستان، كان خاطئا بقدر خطأ فيتنام"، ويقول إنه "أراد الوثائق ليظهر
أنه كان على صواب بخصوص أفغانستان، وأن منتقديه كانوا على خطأ".
التناقضات
مع ترامب "المراوغ"
لكن
تقرير هار ينصف بايدن في أنه سارع إلى تسليم الوثائق للمحققين بعد العثور عليها.
ويقول
التقرير: "سلم بايدن وثائق سرية لدار المحفوظات الوطنية، ووزارة العدل، ووافق
على تفتيش عدة مواقع بينها منازل خاصة به، وتطوع لمقابلة معنا، كما أنه تعاون مع
التحقيقي بعدة أشكال".
وذكر
التقرير عدة اختلافات في تعامل بايدن والرئيس السابق دونالد ترامب، الذي يواجه عدة
اتهامات بإعاقة جهود المحققين في تخزينه وثائق سرية بشكل غير قانوني في منزله في
فلوريدا، وهي الاتهامات التي ينفيها ترامب.
وجاء
في التقرير أنه "على عكس الأدلة الخاصة ببايدن، فإن الأدلة في الاتهامات الموجهة إلى ترامب في حال تأكيدها تشير إلى وجود عوامل مشددة".
ويضيف أنه "من الملاحظ أنه بعد إعطائه عدة فرص، لإعادة الوثائق السرية وتجنب المحاكمة فيبدو أن ترامب رافض لعدة أشهر، بحسب عريضة الاتهام، كما أنه أيضا يعيق العدالة عبر
استئجار آخرين لتدمير الأدلة ثم الكذب بشأن الأمر لاحقا".
هل
من حق بايدن الاحتفاظ ببعض الوثائق؟
لقد
احتفظ بايدن فترة طويلة بيومياته المدونة، حيث إنه كان يكتب معلومات سرية ضمنها.
ويشير
التقرير إلى أنه خلال فترة خدمته كنائب للرئيس والتي استمرت 8 سنوات، فقد استمر سلوكه
هذا حتى إنه كان يدون في يومياته مضمون المقابلات السرية مع الرئيس، وتقارير مجلس
الأمن القومي.
هذه
اليوميات خرجت معه لاحقا من البيت الأبيض، وتم اكتشافها في درج غير مغلق في قبو
منزله، في كل من ديلاوير وفيرجينيا، وكان بايدن بحسب التقرير، على غير دراية بهذه
اليوميات، لكنه كان يقرأ بعضها لكاتب الكتاب الخاص به.
ويراعي
التقرير التجربة السابقة الخاصة بالرئيس الأسبق رونالد ريغان، الذي دون يومياته وكانت تحوي
معلومات سرية، وهو ما يجعل من المقبول لبايدن الاعتقاد بأنه من حقه أن يفعل الأمر نفسه.