توفي
جيكوب روتشيلد، زعيم الجيل الرابع من عائلة روتشيلد البريطانية الاقتصادية المعروفة
والنشطة في العديد من المجالات، من السياسة إلى الأعمال التجارية، وذلك عن عمر ناهز الـ87 عاما.
وذكرت
عائلة الراحل في بيان: "كان لأبينا مكانة مهمة في حياة كثير من الناس، لقد كان
ممولا ناجحا للغاية، ومدافعا عن الثقافة والفنون، وموظفا حكوميا مخلصا، وناشطا بيئيا
ممتازا ومحبوبا للغاية، وكان صديقا وأبا وجدا".
وأعلنت
أن الجنازة ستقام الثلاثاء، في مراسم عائلية وفقا للتقاليد
اليهودية، على أن تقام
مراسم التأبين في وقت لاحق.
بدورها،
قالت مؤسسة روتشيلد في بيان، إن الراحل الذي يظهر تأثيره في العديد من مجالات الحياة
البريطانية، يقوم بأنشطة خيرية في جميع أنحاء إنجلترا، بدءا من باكينغهامشير مسقط
رأسه، وفي العديد من البلدان، بما في ذلك "إسرائيل" وألبانيا واليونان والولايات
المتحدة.
وكان
روتشيلد، مؤسس ومدير العديد من الشركات المالية وشركات إدارة الأصول، وشغل أيضا منصب
رئيس مجلس إدارة المعرض الوطني في لندن، حيث تعرض المجموعات الفنية الرائدة في العالم.
وبعد
وفاته ينتظر أن يحمل ابنه ناثانيال فيليب روتشيلد لقب بارون العائلة.
وترجع
عائلة روتشيلد إلى مؤسسها تاجر العملات اليهودي الألماني إسحاق إلشانان روتشيلد في
القرن السادس عشر الميلادي.
وبدأت
العائلة نشاطها المالي الدولي على يد مائير أمشيل موسى روتشيلد المولود منتصف القرن
السابع عشر بمدينة فرانكفورت الألمانية.
وتمكن
مائير روتشيلد من بناء إمبراطورية مصرفية دولية ضخمة في فترة الستينيات من القرن الثامن
عشر، وعبر أبنائه الخمسة توسعت أعماله المصرفية عبر العالم، ليتم توريث هذه الإمبراطورية
الضخمة والتوسعية لجيل بعد جيل.
قام
مائير عام 1821 بتنظيم العائلة ونشرها في خمس دول أوروبية هي إنجلترا وفرنسا وإيطاليا
وألمانيا والنمسا، فأرسل كل واحد من أولاده الخمسة إلى دولة من هذه الدول، وأوكل إليهم
مهمة السيطرة على مفاصل الحياة خاصة في مجالي المال والأعمال في أهم بلدان العالم آنذاك.
وتصنف تقارير مالية وإعلامية روتشيلد كأغنى عائلة في العالم.
أظهر
جيكوب روتشيلد -الذي لا يتحدث في العادة لوسائل الإعلام- انتماءه اليهودي القوي في
دفاعه عن
وعد بلفور.. ففي مقابلة تلفزيونية وصفت بـ"النادرة" أجراها معه السفير
الإسرائيلي السابق دانيال طوب ونشرتها صحيفة "جويش نيوز" في 8 شباط/ فبراير
2017، وصف جيكوب إعلان بلفور بـ"المعجزة"، وقال: "كان هذا الحدث الأكبر
في الحياة اليهودية منذ آلاف السنين، معجزة.. استغرق الأمر ثلاثة آلاف سنة للوصول إلى
هذا".
واعتبر
أن الطريقة التي تحقق بها "وطن" لليهود "كانت فرصة لا تصدق، وحاييم
وايزمان (رئيس منظمة الصهيونية العالمية) كان
يتردد كثيرا على إنجلترا، ويلتقي بعدد قليل من الناس -بما في ذلك أفراد عائلتي- لإغوائهم
بفكرته. لديه هذا السحر والاقتناع، للحصول على وعد بلفور، وبشكل لا يصدق، أقنع جيمس
بلفور، ولويد جورج، رئيس الوزراء، ومعظم الوزراء، أنه ينبغي السماح لفكرة خلق وطن لليهود
أن ترى النور".
دور
العائلة في إقامة "إسرائيل"
تبنت
عائلة روتشيلد فكرة إقامة دولة يهودية في
فلسطين لسببين:
أولاً:
هجرة مجموعات كبيرة من اليهود إلى أوروبا، وهذه المجموعات رفضت الاندماج في مجتمعاتها
الجديدة، وبالتالي بدأت تتولد مجموعة من المشاكل تجاههم، فكان لا بد من حل لدفع هذه
المجموعات بعيدا عن مناطق المصالح الاستثمارية لبيت روتشيلد.
ثانياً:
ظهور التقرير النهائي لمؤتمرات الدول الاستعمارية الكبرى في عام 1907 م، والمعروف باسم
تقرير بانرمان –وهو رئيس وزراء بريطانيا حينئذ- الذي يقرر أن منطقة شمال أفريقيا وشرق
البحر المتوسط هي الوريث المحتمل للحضارة الحديثة.
وكان
ليونيل روتشيلد (1868- 1937 م) هو المسؤول عن فروع إنجلترا، وزعيم الطائفة اليهودية
في إنجلترا وتقرب إليه كل من حاييم وايزمان -عضو منظمة وعصابة الهاغاناه وأول رئيس
لـ"إسرائيل" فيما بعد- وناحوم سوكولوف، ونجحا في إقناعه بالسعي لدى حكومة
بريطانيا لمساعدة اليهود في بناء وطن قومي لهم في فلسطين. ولم يتردد ليونيل بل سعى
بالإضافة لاستصدار وعد بلفور إلى إنشاء فيلق يهودي داخل الجيش البريطاني خلال الحرب
العالمية الأولى، وقام جيمس أرماند روتشيلد (1878- 1957 م) بجمع المتطوعين له ثم تولى
رئاسة هيئة الهجرة إلى فلسطين والتي سميت بالوكالة اليهودية، وتولّى والده تمويل المشاريع
الاقتصادية في فلسطين ومنها مبنى الكنيست الإسرائيلي الحالي في القدس المحتلة.
وتم إصدار
وعد بلفور بعد تقديم عائلة روتشيلد مساعدة مالية ضخمة لبريطانيا التي كانت على وشك
إعلان هزيمتها على يد الألمان، وقد أثرت على الحكومات الأوروبية بشكل عام.