نشرت صحيفة "
وول ستريت جورنال "مقالا للصحفي دوف ليبر، أشار فيه إلى انقسام المجتمع الإسرائيلي بشأن أهداف العدوان على قطاع
غزة، موضحا أن تدمير حركة المقاومة الإسلامية "حماس" وإطلاق سراح الأسرى، هما هدفان تتفاوت أهميتهما لدى الإسرائيليين.
وقال لبير في مقاله الذي ترجمته "عربي21"، إن "نجل زفيكا (مستوطن إسرائيلي) مور البالغ من العمر 22 عاما، احتُجز كرهينة في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، لكنه يقول إنه لا يستطيع دعم اتفاق وقف إطلاق النار الذي من شأنه أن يسمح لحماس بالبقاء، حتى لو كان ذلك سيحرر ابنه الأكبر".
وأضاف "مور، وهو أب لثمانية أطفال ومدرب عملي للمراهقين المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه: أنا أهتم حقا بابني. لكنني أفهم حقا أن هذه قضية وطنية. نحن لا نتحدث فقط عن حياة ابني، بل عن ملايين الأشخاص هنا، بما في ذلك أطفالي وأحفادي الآخرين".
على النقيض من ذلك، نقل المقال عن إيرا بن عمو أرغمان (مستوطنية إسرائيلية)، قولها إن "الأولوية الأولى يجب أن تكون إطلاق سراح الرهائن، حتى لو كان ذلك يعني ترك حماس في السلطة لتهديد مجتمعها في جنوب إسرائيل، والذي اجتاحه المسلحون في 7 تشرين الأول/ أكتوبر". وأضافت عن الرهائن وبعضهم أبناء أصدقاء مقربين: "أي ثمن هو ثمن جيد لإعادتهم إلى بيوتهم".
ولفت المقال إلى أن "المجتمع الإسرائيلي منقسم حول كيفية إعطاء الأولوية لهدفي الحرب الرئيسيين في البلاد: تدمير حماس وتحرير 130 رهينة، بما في ذلك أكثر من 30 رهينة ميتة، تم اختطافهم قبل ستة أشهر تقريبا. وبينما تسعى إسرائيل إلى الوحدة في زمن الحرب، يرى الكثيرون أن الأهداف غير قابلة للتوفيق حاليا، نظرا لأن معظم الرهائن - المختبئين في أعماق الأنفاق - لا يمكن تحريرهم بالقوة، وتطالب حماس إسرائيل بالسماح للجماعة المسلحة بالبقاء على قيد الحياة من أجل إطلاق سراحهم".
ونقل عن ميتشل باراك، المحلل السياسي في شركة كيفون غلوبال ريسيرش ومقرها القدس، قوله إن "الهدفين يتصادمان مع بعضهما البعض، وكلاهما لا يمكن أن يحدث. لا يوجد جانب سيكون سعيدا هنا".
وذكر المقال أن "الانقسامات تصاعدت في الوقت الذي تتفاوض فيه إسرائيل مع حماس، عبر الولايات المتحدة ومصر وقطر، بشأن وقف إطلاق النار الذي يمكن أن يستمر ستة أسابيع ويشهد إطلاق سراح 40 رهينة إسرائيلية. وسيكون هؤلاء الرهائن من النساء، بما في ذلك المجندات والأطفال والمسنين والمرضى. وتطالب حماس إسرائيل بالإفراج عن آلاف السجناء
الفلسطينيين، الذين يعتبر بعضهم إرهابيين قاتلين في إسرائيل. وتريد حماس أيضا أن توافق إسرائيل على التنازلات التي يمكن أن تحافظ على سيطرة الجماعة على غزة حتى بعد أن قامت الجماعة المصنفة من قبل الولايات المتحدة بتخطيط وتنفيذ أسوأ هجوم في تاريخ إسرائيل".
ولفت إلى ضرورة أن "تتم الموافقة على الاتفاق النهائي من قبل مجلس الوزراء الإسرائيلي، الذي يضم سياسيين من اليمين المتطرف الذين يقولون إن ثمن وقف إطلاق النار الذي يحرر الرهائن قد يكون باهظا للغاية. وهدد البعض بالاستقالة من الحكومة إذا تم تنفيذ الاتفاق الذي يعارضونه".
بين اليهود الإسرائيليين، قال 47% إن "إسرائيل يجب أن تعطي الأولوية لتحرير الرهائن"، في حين قال 42% إنها" يجب أن تضع تدمير حماس أولا"، وفقا لأحدث استطلاع عام حول هذه القضية، وهو استطلاع للرأي أجراه معهد الديمقراطية الإسرائيلي في القدس المحتلة في كانون الثاني/ يناير الماضي، بحسب المقال.
ولفت الكاتب إلى أن الانقسام يقع في معظمه على أسس أيديولوجية. ووجد الاستطلاع أن أولئك الذين يفضلون إطلاق سراح الرهائن صوتوا إلى حد كبير لصالح أحزاب اليسار أو الوسط، في حين أن أولئك الذين يفضلون تدمير حماس أيدوا الأحزاب اليمينية والدينية.
وقال رئيس وزراء
الاحتلال بنيامين
نتنياهو إن "الاختيار بين تحرير الرهائن وهزيمة حماس ليس خيارا ثنائيا، بل جزء من نفس الهدف، وهو الفوز بالحرب". لكن المحللين يقولون إن التوفيق بين المعسكرين هو مسألة بقاء سياسي ومهمة شبه مستحيلة.
ويكمل معد المقال بالقول إن "من جهة هناك إسرائيليون من الوسط واليسار ومعظم عائلات الرهائن، الذين أصبحوا قوة سياسية منذ بدء الحرب، هم على استعداد لدفع ثمن باهظ من أجل حريتهم. ويزعمون أن الدولة لديها واجب أخلاقي أساسي تجاه الرهائن، والذي إذا تم انتهاكه من شأنه أن يقوض شعور المواطنين بالأمان في المستقبل المنظور. ويقولون أيضا إنه يمكن قتال حماس في المستقبل، لكن الرهائن قد يموتون في الوقت الحاضر".
ويستدرك: "لكن الجناح اليميني في إسرائيل ــ القاعدة السياسية لنتنياهو ــ يعارض إلى حد كبير لأسباب مبدأية أي اتفاق يسمح لحماس بالبقاء ويطلق سراح الآلاف من السجناء المتورطين في هجمات إرهابية، لأنه من شأنه أن يعرض أمن إسرائيل القومي وحياة المواطنين والجنود في المستقبل للخطر. ويقولون إنه يجب إطلاق سراح الرهائن من خلال إجبار حماس على إطلاق سراحهم من خلال الضغط العسكري".
وإذا أعاد فريق التفاوض الإسرائيلي الاتفاق الذي يُنظر إليه على أنه يعطي النصر التكتيكي لحماس، فإن شركاء نتنياهو من اليمين المتشدد في الائتلاف يهددون بالانسحاب من الحكومة. وإذا فشل في التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن، فقد يغادر شركاؤه الوسطيون في حكومة الطوارئ، مما يولد موجة من الاحتجاجات المطالبة بإجراء انتخابات، حسب المقال.
ويلفت الكاتب إلى أن نتنياهو "يريد التوصل إلى اتفاق، وفقا لمسؤولين إسرائيليين مقربين منه، لكن التحدي الذي يواجهه هو التوصل إلى اتفاق يبقي حكومته الحالية متماسكة ولا يؤدي إلى تنفير قاعدته السياسية قبل الانتخابات المحتملة في وقت لاحق من هذا العام".
ويشير الإسرائيليون الذين يعارضون الإطار الحالي للاتفاقية في كثير من الأحيان إلى "اتفاق عام 2011 الذي شهد إطلاق إسرائيل سراح أكثر من ألف سجين (أسير) فلسطيني، العديد منهم يقضون عقوبة السجن المؤبد، مقابل إطلاق سراح جلعاد شاليط، الجندي الإسرائيلي الذي أسرته حماس. ومن بين المفرج عنهم في الصفقة يحيى السنوار، زعيم حماس في غزة، والمفاوض الرئيسي للحركة، وأحد العقول المدبرة لهجمات 7 تشرين الأول/ أكتوبر".
وقال الكاتب إنه "موضوع تحدث عنه زفيكا مور وابنه إيتان العام الماضي حول مائدة عشاء السبت في منزلهما في مستوطنة بالضفة الغربية: هل ينبغي لإسرائيل أن تستبدل السجناء الفلسطينيين برهائن إسرائيليين؟ وأعلن إيتان أنه لن يرغب أبدا في أن يتم مبادلته بإرهابي، لأن ذلك لن يؤدي إلا إلى تشجيع المزيد من عمليات الاختطاف والعنف. وبعد بضعة أشهر، كان إيتان يعمل في مهرجان نوفا الموسيقي كحارس أمن عندما هاجمت حماس وقتلت المئات من رواد الحفل واحتجزته وآخرين كرهائن".
وفقا للمقال، فإن المحادثة كانت "تعكس تلك التي أجراها زفيكا مع زوجته في عام 2006، عندما أخبرها أنه لا يريد أن يتم مبادلته بالسجناء الفلسطينيين إذا تم القبض عليه خلال حرب مع جماعة حزب الله اللبنانية المسلحة".
و"تعتبر عائلة مور من الشخصيات المتطرفة بين عائلات الرهائن، الذين زادوا من الاحتجاجات التي تهدف إلى الضغط على نتنياهو لقبول الصفقة. يوم الأربعاء، أغلقوا الطريق السريع الرئيسي في إسرائيل في وسط تل أبيب"، حسب التقرير.
ونقل الكاتب عن علماء الاجتماع، قولهم إن "الانقسام بين الليبراليين والمحافظين في إسرائيل حول الثمن الذي يجب دفعه لتحرير الرهائن يعكس وجهات نظرهم الأساسية حول العلاقة بين المواطنين والدولة".
قال مناحيم موتنر، الأستاذ في كلية الحقوق بجامعة تل أبيب إن العديد من المتدينين والإسرائيليين اليمينيين يرون أن "المجموعة والدولة فوق الفرد. فالفرد من المفترض أن يخدم الجماعة"، وأضاف أنه "في أذهان الجناح اليساري في إسرائيل فإن الدولة هي أولا وقبل كل شيء أداة للحفاظ على حياتنا"، وفقا لما نقله المقال.