انتقد رئيس وزراء أردني سابق بشدة
الطروحات التي تتحدث عن إقصاء حركة
حماس، معتقدا أن ذلك يخدم الإسرائيليين فقط.
وحذر علي أبو الراغب (رئيس وزراء
الأردن 2000 إلى 2003) من أن سياسة اجتثاث
المقاومة الفلسطينية وإخراجها عن الطاولة
السياسية قد تؤدي إلى نفس نتائج اجتثاث البعث في الإدارة العراقية.
وقال في مقابلة مع صحيفة "القدس
العربي": "شئنا أم أبينا.. أعجبنا الأمر أم لم يعجبنا، سواء في العالم العربي
أو في العالم، فإن حركة حماس جلست اليوم على الطاولة، وجلست أيضا في عمق المعادلة السياسية
الوطنية الفلسطينية، وهي موجودة، لا يمكن إنكارها ولا تقويضها".
وأضاف: "بالتالي لإنجاز حالة فلسطينية
تعيد بناء المرجعية، ينبغي أن تبقى حماس وفصائل المقاومة معها في الحضور الحيوي بأي
معادلة مستقبلية أو سياسية".
وأكد أبو الراغب أن أي محاولة لإبعاد حركة
حماس وحرمانها من المشاركة في المكاسب السياسية لمعركة طوفان الأقصى "لا تنتمي
لأصل وجذر الواقع".
وحول الموقف الأردني من حركة حماس
ومجمل المقاومة الفلسطينية، كان أبو الراغب صريحا جدا، حين أكد أن "إبعاد حماس
يخدم الإسرائيليين فقط، ولا يخدم حل الدولتين، ولا مصالح الأردن".
وبصورة جازمة، قال أبو الراغب إن "مصلحة
الأردن الأساسية والمفصلية اليوم تقتضي ألا تخسر المقاومة الفلسطينية في قطاع
غزة".
وأضاف: "تلك المقاومة يمثلها رجال
صادقون وجديون، ومن يحارب ويقاتل العدو، ويحمي بلاده وأرضه، لنا بالتأكيد كأردنيين مصلحة
مباشرة معه، قياسا بإقامة علاقات ومصالح مع من لا يحاربون بالمقابل لأغراض تمرير التوازن
السياسي".
ويذهب أبو الراغب إلى حد الدعوة إلى ما
أسماه "حزمة إجراءات، وبالتأكيد أن تكسب المقاومة الفلسطينية المعركة الحالية،
بمعنى الصمود وليس الكسب بهزيمة الطرف الإسرائيلي الغادر والمجرم، يعني أن الأردن يكسب
في النهاية بالمسار الاستراتيجي".
وأكد: "علينا كأردنيين أن نفهم ذلك، ونبدأ بالتصرف على أساسه، وحسبي أننا في الموقف الرسمي نفعل".
وتكتسب تصريحات أبو الراغب أهمية خاصة
في الشارع الأردني، حيث جاءت في خضم جدل وحملات "تشويه وتحريض" من جهات أردنية
وحسابات سعودية ضد الحراك الجماهيري الداعم للمقاومة الفلسطينية وحركة حماس،
والمطالب بإجراءات أردنية رسمية أكثر حزما مع حكومة الاحتلال الإسرائيلي، منها قطع
العلاقات وإغلاق سفارته في عمان.
وفي ملف إعمار غزة، يرى أبو الراغب،
الذي عمل في مجال المقاولات وكان نقيبا للمقاولين الأردنيين، أن أهل غزة هم الأقدر
على إعادة إعمار بلدهم.
وقال: "أشهد أن العمال من أبناء قطاع
غزة هم الأفضل بالمستوى العربي تقنيا وفنيا، والأكثر جدية وقدرة على الابتكار والإبداع"،
مضيفا: "لا أخشى وجود نقص في العمالة عندما يتعلق الأمر بإعادة إعمار قطاع غزة،
فطبقة العمال من الغزيين المهرة خبراء في الإنشاءات والمقاولات، ولديهم أفضلية عن غيرهم،
خلافا لجديتهم الكبيرة وقدراتهم الإبداعية في التنفيذ وبسرعة ومن دون كلل أو ملل".
ويرى أبو الراغب أنه إذا كانت الأطراف
جميعها جادة في مجال إعمار القطاع، فلا بد من إشراك أهلها، ولا يمكن ذلك دون إشراك الفنيين
والخبراء في "حكومة حماس".
ويقول: "علينا أن نفهم أنه لا يمكن
عمليا إعادة بناء المستشفيات ومواجهة الدمار ونتائج العدوان وإنقاذ القطاع الصحي مثلا
في قطاع غزة لأغراض نجاح أي عملية سياسية بعد الآن دون الاستعانة بخبرات أبناء حماس
في القطاع الصحي والإداري".
ويوضح: "أفترض بأن أي خطة دولية أو
عربية أو حتى أردنية تحت عنوان الربط أو منع عدم الربط بين قطاع غزة والضفة الغربية، تقتضي تجنب فكرة اجتثاث حماس وإبعادها تماما عن مسرح العمليات الإدارية، ونجاح تلك
الخطط مرتبط بحجم الاستفادة من خبرات حماس ورجالها البيروقراطيين الذين يعرفون كل زقاق
وكل متر وكل زاوية في قطاعهم، ولديهم خبرات عريضة في التعامل مع مجتمعهم".
ويؤكد أن "إبعاد الإدارة الحمساوية
يعني إبعاد الخبرات المؤثرة القادرة على الإنتاج والإنجاز، وبالنتيجة إبعاد أهل قطاع
غزة عن المشاركة في إعادة بناء قطاعهم، وبالتالي مستقبلهم… تلك بكل حال اتجاهات عدمية
إذا كنا في النظام الرسمي العربي جادين في رفض التهجير".
وفي ملف التهجير، يعتقد أبو الراغب أنه
الهدف الرئيسي والنهائي للاحتلال الإسرائيلي،.
وهاجم أبو الراغب رئيس الوزراء
البريطاني السابق توني بلير، متهما إياه بأنه "نجم وبطل سيناريوهات
التهجير"، وقال إن اسم بلير ظهر في سياقات محددة خلال العدوان "وبصيغة ينبغي
الانتباه لها والحذر منها".
وأضاف: "الإسرائيلي الخبيث هنا يستعين
بمن هو أخبث منه لتطبيق هذه الوصفة في التهجير الناعم، بمعنى الاندفاع باتجاه جعل قطاع
غزة مكانا غير قابل للحياة، ثم يتقدم شخص مريب مثل بلير بخطط ويتواصل باسم الإسرائيليين
مع عدة دول في العالم الغربي لكي تستقبل أهالي قطاع غزة".
وأكد أبو الراغب على الموقف الأردني الواضح
من ملف التهجير، وكشف أنه خلال ترؤسه للحكومة الأردنية، أبلغ الملك أنه "لن يسمح
بمسألتين، وسيعتبرهما فعلا من الخطوط الحمراء التي تستدعي كل قواعد الاشتباك والمواجهة
والتصدي؛ التهجير في الضفة الغربية ثم القدس والمسجد الأقصى، والحسم بخصوصهما".
وكان الأردن قد اعتبر منذ العدوان على
غزة أن التهجير خط أحمر، ويمكن أن يغير العلاقة مع الاحتلال الإسرائيلي.