كشفت برقيات دبلوماسية مسرّبة، أن
البيت الأبيض يعارض قيام دولة
فلسطينية، رغم ما برز من تعهد الرئيس جو بايدن لدعم حل الدولتين. وذلك بحسب تقرير أعده كين كيلبنستين، ودانيال بوغالو، لموقع "
ذي انترسيبت".
وأوضح التقرير أن "وثائق البيت الأبيض تظهر أن واشنطن تعارض قرارا من
الأمم المتحدة منح العضوية الكاملة لدولة فلسطين"، مضيفا أنه "قبل عقد مجلس الأمن الدولي جلسة للتصويت على العضوية الكاملة لفلسطين، قامت الولايات المتحدة بحملة لإقناع الدول كي ترفض الطلب، وعلى أمل تجنب استخدام الفيتو".
وتابع: "ظهرت عمليات الضغط التي مارستها واشنطن في عدد من البرقيات السرية التي أرسلتها وزارة الخارجية وحصل عليها الموقع، وتظهر تناقضا مع تعهد إدارة بايدن تقديم الدعم الكامل لحل الدولتين. ففي عام 2012، صوتت الجمعية العامة على قرار يمنح فلسطين وضع دولة مراقب غير عضو".
"لكن البرقيات الدبلوماسية تكشف عن الضغط الذي مورس على الدول الأعضاء في مجلس الأمن، بما فيها مالطا، الرئيسة الدورية للمجلس هذا الشهر. وطلب من دولة إكوادور تحديدا ممارسة الضغط على مالطا والدول الأخرى بما فيها فرنسا لمعارضة اعتراف الأمم المتحدة" يردف التقرير نفسه.
وأبرز أنه بحسب برقيات الخارجية فإن التطبيع العربي مع دولة الاحتلال الإسرائيلي هو الطريق الأسرع والأفعل من أجل التوصل إلى دولة فلسطينية دائمة ومنتجة".
وفي الوقت الذي وضحت فيه دأب الرئيس بايدن لدعم "تطلعات الفلسطينيين بدولة" في سياق "سلام شامل ينهي النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني"، إلا أن البرقيات الدبلوماسية التي تعود إلى 12 نيسان/ أبريل تقدم عددا من النقاط ضد تصويت الأمم المتحدة لصالح دولة فلسطينية.
وتقول البرقيات: "إنه يجب إقناع الدول الأعضاء لرفض أي طلب اعتراف بفلسطين كدولة ذات سيادة، وقبل أن يبدأ المجلس تناول الطلب المقرر اليوم الخميس 18 نيسان/ أبريل".
وبحسب برقية: "لا يزال موقف الولايات المتحدة من أن الطريق الأسرع نحو أفق سياسي للشعب الفلسطيني هو سياق التطبيع بين إسرائيل وجيرانها؛ ونعتقد أن هذا النهج سيدعم وبشكل ملموس الأهداف الفلسطينية بطريقة ذات معنى ودائمة. وعليه نحثكم على عدم دعم أي قرار محتمل لمجلس الأمن يوصي بقبول "فلسطين" كدولة عضو، في الأمم المتحدة حالة تم تقديمه لمجلس الأمن لمناقشته في الأيام والأسابيع المقبلة".
ويقول الخبراء بأنه بدون قرار بالإجماع من مجلس الأمن، فأي قرار من الجمعية العامة يظل خطوة رمزية. فيما قال مدير الأمم المتحدة في مجموعة الأزمات الدولية ببروكسل، ريتشارد غوان: "أحببت أم لم تحب فإن تصويت الجمعية العامة على هذا الموضوع يحمل وزنا سياسيا لا قانونيا، ولا يمكن للجمعية العامة قبول دولة عضو إلا من خلال توصية مجلس الأمن".
وتشتمل البرقية على تبرير منطقي لموقف الإدارة من التصويت، منها مخاطر زيادة التوترات والتداعيات السياسية واحتمال قطع الكونغرس المعونات. وجاء في البرقية أن "تحركات غير ناضجة في مجلس الأمن الدولي مهما كانت نواياها الحسنة، لن تقود إلى دولة ولا حق تقرير مصير للشعب الفلسطيني.
وستعرض مبادرات كهذه جهود التطبيع للخطر وتدفع الأطراف بعيدا عن بعضها وتزيد من مخاطر العنف بشكل يؤدي لسقوط الأبرياء على الجانبين وتعرض الدعم لحكومة الإصلاح الجديدة التي أعلن عنها الرئيس عباس".
وعندما سئلت وزارة الخارجية عن البرقية، وإن كان ما ورد فيها يتناقض مع موقف إدارة بايدن الداعم لحل الدولتين، لم يتلق الموقع ردا منها.
وقال غوان: "الموقف الأمريكي هو أن الدولة الفلسطينية يجب أن تقوم على اتفاق ثنائي بين الإسرائيليين والفلسطينيين". وفي برقية ثانية تعود إلى 13 نيسان/ أبريل من سفارة الولايات المتحدة في كويتو، عاصمة الإكوادور، تنقل موافقة وزيرة الخارجية الإكوادورية، غابريلا سومرفيلد، مع الولايات المتحدة بأنه يجب عدم الاعتراف بدولة فلسطينية.
وبتعاون مع الولايات المتحدة، أمرت الوزيرة الممثل الدائم في الأمم المتحدة، خوسيه دي لا غاسا، لكي يحاول التحدث مع اليابان وكوريا الجنوبية ومالطا، وهي دول أعضاء في الدورة الحالية لمجلس الأمن لرفض المقترح. وذكرت البرقية أن الوزيرة ذكرت المحادثة مع العضو الدائم، فرنسا.
وبحسب البرقية، فقد وافقت سومرفيلد، على أنه "من المهم فشل أي مقترح لكي يحصل على الأصوات المطلوبة بدون فيتو أمريكي"، وجاء فيها: "لا تريد الإكوادور الظهور بمظهر المعزولة (وحدها مع الولايات المتحدة) في رفض قرار "فلسطين"، وبخاصة أن الإكوادور تعرضت لانتقاد معظم الدول الأعضاء لمداهمتها السفارة المكسيكية في كويتو في 15 نيسان/ أبريل".
ووجدت الإكوادور نفسها في مواجهة مع المكسيك بسبب قرارها مداهمة السفارة واعتقال نائب الرئيس الإكوادوري السابق الذي احتمى بالسفارة. ولم ترد لا الخارجية الأمريكية أو السفارة الإكوادورية على طلب الموقع للتعليق على ما ورد في البرقية الثانية.
وتتمتع الإكوادور بعضويتها في مجلس الأمن لمدة عام بتأثير مهم للتصويت ضد أي مقترح للاعتراف بفلسطين كدولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة. ونقل الموقع عن غالوم لونغ، الباحث في مركز أبحاث الاقتصاد والسياسة في واشنطن، ووزير الخارجية الإكوادوري السابق: "يكشف هذا المدى الذي تخضع فيه إدارة الرئيس الإكوادوري، دانيال نوباو، للولايات المتحدة".
وأضاف: "فوق كل هذا، فقد شجبت الولايات المتحدة مداهمة الإكوادور في 15 نيسان/ أبريل للسفارة المكسيكية وانتهاك القانون الدولي. وتشتري الإكوادور مخرجا لجريمتها بارتكاب جريمة أخرى، وهذا صادم" في إشارة لرفض عضوية فلسطين الكاملة في الأمم المتحدة.
ورفض مجلس الأمن منذ عام 2011 طلب السلطة الوطنية منح فلسطين عضوية كاملة، وفي 2 نيسان/ أبريل تقدمت بعثة فلسطين في الأمم المتحدة بطلب لمجلس الأمن لمناقشة عضويتها.
وبحسب
البرقية الأولى لوزارة الخارجية، فإن لقاءات مجلس الأمن ومنذ بداية نيسان/أبريل تقترح أن الصين والجزائر وغويانا وموزامبيق وسلوفينيا وسيراليون ومالطة تدعم منح فلسطين العضوية الكاملة، وأشارت إلى أن اليابان وفرنسا وكوريا الجنوبية لم تحسم رأيها، أما بريطانيا، فمن الأرجح أنها سوف تمتنع عن التصويت.
وجاء في البرقية: "من المهم أن تستمع الدول الأعضاء في المجلس بهذه المرحلة أن عددا من الدول الأعضاء لديها أسئلة بحاجة لدراسة أكثر بشأن طلب السلطة الوطنية الفلسطينية العضوية في الأمم المتحدة من خلال المجلس. وفي حالة فرض تصويت على أعضاء مجلس الأمن فإنك ستدعم الولايات المتحدة ولا توافق على طلب العضوية".