أدان المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان
بشدة التصعيد المتواصل تجاه الصحافيين والأصوات الرافضة لمسار "الإجراءات
الاستثنائيّة" في
تونس لرئيس الجمهورية قيس سعيد منذ تموز/يوليو 2021،
وأحدثها استدعاء رئيس سابق واثنين من الصحافيين للتحقيق.
وقال الأورومتوسطي في بيان له اليوم أرسل
نسخة منه لـ
"عربي21"، إن السلطات التونسية فتحت في 15 نيسان/أبريل
الجاري تحقيقًا قضائيًّا ضد كلّ من الرئيس الأسبق "محمد منصف المرزوقي"،
والصحافي مقدم البرامج "الحسين بن عمر"، ومدير قناة (الزيتونة) الصحافي
"سامي الصّيد"، إلى التحقيق القضائي، بحسب تصريح منقول عن الناطق
الرّسمي لمحكمة أريانة ـ ضاحية تونس.
وذكر المرصد الأورومتوىسطي أن هذه الإحالة
القضائيّة الجديدة تأتي على خلفية حوار تلفزي مباشر على قناة الزيتونة التونسيّة،
رأت فيه السلطات التونسيّة "تعمّد خطاب تحريضي يمسّ بالأمن العام"، وذلك
بموجب شكاية من هيئة الاتصال السمعي البصري.
وكان الرئيس سعيّد أكّد في وقت سابق أنّ
"حرية التعبير مضمونة بالدستور ولا عودة للوراء" وأنّ "من يبحث عن
دليل حول حرية الإعلام، فلينظر كل صباح في عناوين الصحف وليستمع ويعيد الاستماع
للحوارات التي تتم في وسائل الإعلام"، معتبرًا أن "من يُروّج لعكس هذا
يُكذّب نفسه بنفسه ويُكذّبه المشهد الإعلامي بوجه عام".
وقال الأورومتوسطي: إن هذه التصريحات
الرسمية تتناقض بشكل صارخ مع استمرار الاعتقالات والاستدعاءات وحملات التضييق بحق
الصحفيين بهدف تكريس حظر
الحريات العامة وتقييد مختلف أشكال التجمع السلمي، وفي ظل
استهداف غير مسبوق للصحفيين في تونس.
وأشار بهذا الصدد إلى قرار المحكمة
الابتدائية في تونس الصادر عن 17 نيسان / أبريل الجاري، بالسجن لمدة ستة أشهر على
الصحافي "محمد بوغلاب" على خلفية ملف الشكاية التي تقدمت بها موظفة
بوزارة الشؤون الدينية في حقه وبتهمة "نسبه أمورا غير حقيقية لموظف عمومي دون
الإدلاء بصحة ذلك".
ويعتبر الحكم على الصحافي
"بوغلاب" ثالث حكم قضائي بالسجن بحق الصحافيين منذ بداية العام الجاري،
وسبقه قرار المحكمة الابتدائية في مدينة "بن عروس" (شمال تونس) يوم 18
آذار/مارس الماضي، بسجن الصحافي ومدير تحرير موقع انحياز "غسان بن
خليفة" لمدة ستة أشهر بتهمة الإساءة للغير عبر منصات التواصل الاجتماعي، وذلك
على خلفية دعوى مقامة ضده منذ أكثر من عام تتهمه بالوقوف وراء صفحة على
"فيسبوك" مناهضة لقيس سعيد.
وتعبر هذه الأحكام المتتالية عن مس حكومي
خطير في ملف حرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة وامتداد للواقع الحقوقي المتدهور
الذي تشهده البلاد منذ عام 2021، حين فرض الرئيس سعيد إجراءات سمَاها
"استثنائية"، مثل حل البرلمان المنتخب وعزل الحكومة كخطوات "ضروريَة
لإنقاذ تونس من سنوات من الفوضى" بحسب تصريح سابق لرئيس الجمهورية.
وأكد الأورومتوسطي على أن ممارسات القمع
الحكومي مثل استمرار اعتقال واستدعاء صحافيين وشخصيات سياسية ومدنيين على خلفية
الحق في التظاهر تُشكل انتهاكًا خطيرًا لحقوق الإنسان التي يكفلها الدستور التونسي
والالتزامات الدوليَة للدولة التونسيَة، لا سيما العهد الدولي الخاص بالحقوق
المدنيَة والسياسيَة.
وشدد على أنه ينبغي وقف كافة الانتهاكات
الخطيرة التي تمس الحريات العامة في تونس، وإنهاء توظيف مؤسسة القضاء في تصفية
الحسابات السياسية مع المعارضين والصحافيين، وضرورة المسارعة إلى الإفراج عن جميع معتقلي الرأي من السياسيين والإعلاميين ونشطاء الرأي وإسقاط التهم الموجهة
لهم على خلفيات مرتبطة بالحريات والانتماءات السياسية والحزبية، واحترام حقوق
الأفراد بالمشاركة السياسية والتعبير عن الرأي.
كما جدد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان
دعوته السلطات التونسيَّة إلى احترام التزاماتها بموجب الدستور التونسي والمواثيق
والأعراف الدوليَّة ذات العلاقة، بما في ذلك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد
الدولي الخاص بالحقوق المدنيَّة والسياسيَّة الذي صادقت عليه الجمهوريَّة
التونسيَّة في العام 1969.