نشرت صحيفة "
إزفيستيا" الروسية تقريرًا، تحدثت فيه عن عقد قمة ثنائية يابانية أمريكية في واشنطن في العاشر من أبريل/ نيسان، بمشاركة رئيس الوزراء فوميو كيشيدا والرئيس جو
بايدن، انضم إليهما في اليوم التالي الرئيس الفلبيني فرديناند ماركوس جونيور في إطار قمة ثلاثية.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن كلا الاجتماعين اعتُبِر حدثا بارزا على الساحة الدولية؛ حيث ترتب عن الأول منهما تعزيز حاد للتحالف العسكري
الياباني الأمريكي القائم منذ أكثر من سبعة عقود، ونقله من المستوى الإقليمي إلى المستوى العالمي، بينما أسفر الثاني عن إنشاء تحالف ثلاثي جديد، وإن كانت كتلة غير رسمية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.
وتضيف الصحيفة أن القمتين تميزتا بتوجههما المناهض للصين، فظهور تحالف ثلاثي جديد بمشاركة مانيلا يمكن أن يكون له تأثير خطير على الوضع في مجال أمن آسيا والمحيط الهادئ، فقد كان هذا أول اجتماع قمة بين زعماء الدول الثلاث، يهدف لإبراز دعم اليابان والولايات المتحدة للفلبين، التي توترت علاقاتها مع
الصين بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة بسبب النزاعات الإقليمية في بحر الصين الجنوبي. في الأثناء؛ تدّعي الفلبين وحلفاؤها أن الصين تحول جزر سبراتلي المتنازع عليها في بحر الصين الجنوبي إلى مواقع عسكرية.
وشهد الشهر الماضي سلسلة من المناوشات البارزة بمدافع المياه بين السفن الفلبينية والصينية. وبالإضافة إلى ذلك، تطالب بكين بجزر سينكاكو التي تسيطر عليها اليابان في بحر الصين الشرقي.
وفي بيان مشترك، أعرب جو بايدن وفوميو كيشيدا وفرديناند ماركوس جونيور عن "مخاوف جدية" بشأن تصرفات الصين في بحري الصين الشرقي والجنوبي، وأكدوا مجددًا أن وكالات الدفاع وخفر السواحل في الدول الثلاث ستسهل التدريبات الثلاثية، كما اتفقوا على إنشاء منتدى جديد للمشاورات البحرية.
وذكرت الصحيفة أنه في أثناء وجودهما في واشنطن، ناقش كيشيدا وماركوس أيضًا برنامج المساعدة الأمنية الياباني الجديد والاتفاق الذي من شأنه أن يمنح جيشي البلدين إمكانية الوصول إلى قواعد بعضهما البعض لتسهيل حركة القوات والمعدات. إن هذه الاتفاقية ترسم الخط المفقود بين اليابان والفلبين في المثلث الناشئ، والذي يضم بالفعل خطين قويين في معاهدات أمنية أمريكية ثنائية مع كل من اليابان والفلبين. وفي إطار هذه المعاهدات، نشرت الولايات المتحدة أكبر قواتها العسكرية خارج اليابان، وأحدثت زيادة كبيرة في الوجود العسكري الأمريكي في الفلبين.
من خلال التركيز على الصين، منح ماركوس واشنطن السنة الماضية حق الوصول إلى أربع قواعد عسكرية فلبينية، معظمها في شمال البلاد، بالإضافة إلى مجموعة سابقة من خمسة مواقع في أماكن أخرى. وتقع القواعد الجديدة بالقرب من تايوان، العامل الذي يشكل أهمية كبيرة بالنسبة للولايات المتحدة في ظل التوترات المتصاعدة حول الجزيرة.
إن ابتعاد ماركوس عن سياسات سلفه الرئيس رودريغو دوتيرتي، الذي كان يتجه نحو التقارب مع بكين والابتعاد عن واشنطن، ساعد على تعزيز التعاون العسكري بين الفلبين والولايات المتحدة. ومع ذلك؛ خوفًا من إلحاق ضرر جسيم بالعلاقات مع الصين، أبدى ماركوس تحفظًا على أن القمة المذكورة "لم تكن موجهة ضد أي دولة"، ولكنها ركزت على تعميق العلاقات الاقتصادية والأمنية بين مانيلا وواشنطن وطوكيو.
وأفادت الصحيفة أن الكتاب الأزرق حول دبلوماسية اليابان المنشور حديثًا يشير إلى "مخاوف جدية" بشأن "محاولات الصين لتغيير الوضع الراهن من جانب واحد" و"سلسلة من الإجراءات الخطيرة" في بحر الصين الجنوبي، ويؤكد على أهمية تسريع التعاون الثلاثي بين اليابان والولايات المتحدة والفلبين لمكافحتهم.
مثلما كان متوقعًا، اتسم رد فعل وزارة الخارجية الصينية بالحدة على الاجتماعات في واشنطن. وذكرت أن الولايات المتحدة واليابان هما اللذان يشكلان تهديدًا للسلام والاستقرار الإقليميين. كما أعربت بكين عن "معارضتها الشديدة" لكتاب الدبلوماسية اليابانية، حيث قال المتحدث باسم وزارة الخارجية لين جيان هوي إنه يشوه الصين ويبالغ في ما يسمى بالتهديد الصيني.
يعادل المثلث الجيوسياسي الذي تم إنشاؤه حديثًا، على الرغم من أنه ليس ذو طبيعة مؤسسية، مجموعة من التحالفات الصغيرة المتعددة الأطراف غير الرسمية الأخرى التي أنشأتها واشنطن وطوكيو كجزء من إستراتيجيتهما من أجل إقامة دولة حرة ومستقرة وفتح منطقة المحيطين الهندي والهادئ من أجل احتواء الصين، التي لا تزال تعمل على تعزيز قوتها الاقتصادية والعسكرية.
وأوردت الصحيفة أن هذه التحالفات تشمل الحوار الأمني الرباعي، المعروف أيضًا باسم كواد الذي يضم الولايات المتحدة الأمريكية واليابان وأستراليا والهند، وأوكوس الذي يضم الولايات المتحدة وبريطانيا العظمى وأستراليا، والعيون الخمس وهو تحالف استخباراتي يشمل كلّ من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكندا وأستراليا ونيوزيلندا، وأخيرًا "المثلث" الذي أعيد إحياؤه في أغسطس/آب من السنة الماضية في كامب ديفيد الأمريكي والذي يضم اليابان والولايات المتحدة وكوريا الجنوبية.
في الحقيقة؛ لا يمكن تسمية أي من هذه الهياكل الجيوسياسية بحلف شمال الأطلسي الآسيوي، كونه على عكس حلف شمال الأطلسي، لا تضمن المبادئ والاتفاقيات التي تعمل على أساسها الدعم العسكري المباشر لبعضها البعض في حالة حدوث أي شيء.
بالإضافة إلى ذلك، قد تصبح أهمية الحلفاء الآسيويين للولايات المتحدة، الذين يشكلون "جوهر" كل هذه الكيانات، موضع تساؤل مرة أخرى في حال وصول دونالد ترامب إلى السلطة في واشنطن في تشرين الثاني/نوفمبر، كما كان الحال بالفعل في فترة رئاسته.
وفي ختام التقرير، نوهت الصحيفة إلى أن عملية إنشاء واشنطن السريعة لشبكة من التحالفات المصغرة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، تهدف إلى احتواء الصين في المقام الأول وكوريا الشمالية ببرامجها الصاروخية
النووية، وكذلك روسيا في ظل استمرار العملية العسكرية. وفي حال اقترن ذلك بالإمكانات العسكرية المتنامية التي تتمتع بها مثل هذه التجمعات استنادًا إلى مبدأ التآزر، فإن هذا لن يساهم بأي حال من الأحوال في تعزيز السلام والاستقرار في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.