حذر تقرير في صحيفة
"
إيكونوميست" من أثر العدوان الإسرائيلي على قطاع
غزة، وإمكانية اتساعه
على الاستقرار الاقتصادي والسياسي في المنطقة، مما قد يقلل من جاذبية
الخليج كوجهة
استثمارية، الأمر الذي سيؤدي بدوره إلى تراجع
استثمارات الأعمال العالمية في المنطقة.
وقالت الصحيفة،
في التقرير الذي ترجمته "عربي21"؛ إنه كان من المفترض أن يكون الشرق الأوسط
الجديد مركزا تجاريّا أكثر هدوءا وحيادية، حيث يستطيع العرب واليهود والإيرانيون الشيعة
والعرب السنة والأمريكيون والصينيون وحتى الروس، أن يشتركوا في السعي المشترك لتحقيق
الربح، ولكن في الأشهر الستة الماضية، تعرضت هذه الرؤية، التي دافع عنها بقوة قادة
السعودية والإمارات، وتبناها الرؤساء التنفيذيون في جميع أنحاء العالم، للهجوم أولا؛ بالعدوان الإسرائيلي على غزة، ثم هذا الشهر، في أول تبادل مباشر لإطلاق النار بين "إسرائيل"
وإيران.
ولحسن الحظ، فإن
الضربة والهجوم المضاد الإيراني والإسرائيلي لم يتصاعد إلى صراع أكبر، ومع ذلك، فالحرب
الأكثر دموية في غزة وتداعياتها في أماكن مثل مصر والأردن ولبنان، والمناوشات الصاروخية
تترك المنطقة في حالة من التوتر والقلق، وتجعل طموحاتها التجارية في حالة من عدم اليقين.
وبعد مرور أكثر من ستة
أشهر من هجوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، وقعت الأعمال العدائية غير المباشرة التي
كان لها عواقب فورية على الأعمال التجارية العالمية على طول الممرات المائية في المنطقة،
وكان الحوثيون في اليمن، يطلقون الصواريخ الإيرانية على السفن التي تبحر في البحر الأحمر،
وفي 13 نيسان/ أبريل، استولت إيران على ما وصفته بسفينة تجارية "مرتبطة بإسرائيل"
في خليج عمان، بزعم "انتهاك القوانين البحرية وعدم الرد على مكالمات السلطات الإيرانية".
وأفادت الصحيفة بأن شركة "إيه بي مولر ميرسك"، ثاني أكبر شركة شحن للحاويات في العالم، علقت
حركة السفن من الموانئ في السعودية وعمان، وأعادت توجيه السفن حول أفريقيا، مما أضاف
أسبوعين أو ثلاثة أسابيع إلى أوقات العبور بين آسيا وأوروبا، وبشكل عام، انخفض توقف
السفن في الأردن بنسبة 65 بالمائة، وبنسبة 40 بالمائة في السعودية عما كان عليه في
تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وانخفض حجم الشحن بنسبة تصل إلى 75 بالمائة عبر مضيق باب
المندب وقناة السويس، على طرفي البحر الأحمر، وعبر مضيق هرمز، الذي يربط الخليج الفارسي
وبحر العرب.
وتشعر الشركات
المتعددة الجنسيات أيضا بالتأثيرات غير المباشرة للقتال؛ ففي "إسرائيل" حيث يوجد مكاتب أكثر من 400 شركة متعددة الجنسيات، يشعر المسؤولون التنفيذيون بالقلق
بشأن استدعاء الموظفين للخدمة الاحتياطية، ويضغط عمال التكنولوجيا التقدميون المؤيدون
للفلسطينيين في أمريكا على شركة "غوغل"، لإسقاط مشروع للحوسبة السحابية بقيمة
1.2 مليار دولار في "إسرائيل"، وقد ساهم الصراع في تباطؤ نمو الإيرادات في
شركة "سناب"، كما تعاني شركة "ميتا" التي تمتلك "فيسبوك"
و"إنستغرام"، من مخاوف مماثلة.
وأضافت الصحيفة
أن العلامات التجارية الأمريكية مثل "كوكا كولا" و"ستاربكس"، تواجه
حملات مقاطعة في الدول الإسلامية؛ حيث يشعر المستهلكون بالغضب من الدعم الأمريكي الثابت
لـ"إسرائيل"، وترفض بعض المطاعم تقديم "البيبسي" أو "الكولا"،
وبدلا من ذلك تقدم بدائل محلية، وفي شباط/ فبراير، قال رئيس "ماكدونالدز"؛ إن السلسلة تواجه "تأثيرا واضحا" على مبيعات الشرق الأوسط.
وبعد أن تضاعفت
تقريبا بين سنتي 2017 و2022، تظهر الاستثمارات الأجنبية المباشرة السنوية في خمسة
اقتصادات عربية: مصر وعمان وقطر والسعودية والإمارات علامات تراجع، وبين كانون الثاني/
يناير ومنتصف آذار/ مارس، أبرم أباطرة عمليات الشراء الشامل وأصحاب رؤوس الأموال الاستثمارية، معاملات بقيمة تقل عن مليار دولار في الشرق الأوسط، بانخفاض عن متوسط ربع سنوي قدره
4.7 مليار دولار في سنة 2021، ومن غير المرجح أن يكون القطاع الخاص مغامرا في مثل هذا
الوقت، بحسب رئيس مجلس إدارة شركة مقرها الخليج، هذا كله يوجب على الشركات أن تفكر
بشكل أكثر جدية بشأن "الحماية المادية للبنية التحتية، والطريقة التي تختار بها
شركاء التمويل، وسيناريوهات المخاطر المتعلقة بالمشاريع الجديدة"، كما يوضح رئيس
تنفيذي أوروبي.
وأوضحت الصحيفة
أن الجميع لا يمارس المستوى نفسه من الحذر، فلا يزال قسم الحوسبة السحابية التابع لشركة
"أمازون"، يخطط لإنفاق ما لا يقل عن 5 مليارات دولار على مراكز البيانات السعودية،
التي تجتذبها الطاقة الرخيصة والموقع الاستراتيجي، وتقوم "مايكروسوفت" ببناء
مزارع خوادم في الإمارات لشبكة للهاتف المحمول من الجيل الخامس، وأعلنت هذا الشهر عن
استثمار بقيمة 1.5 مليار دولار في شركة "جي42"، الشركة الإماراتية المفضلة
في مجال الذكاء الاصطناعي، وفي السنة الماضية أعلنت الشركات الآسيوية عن استثمارات
تزيد قيمتها على 29 مليار دولار في الشرق الأوسط.
ومع ذلك؛ فإن المزاج
العام في دوائر الأعمال يشكل مصدرا للقلق، وحتى لو لم يخرج الصراع عن نطاق السيطرة،
فإن التوترات قد تدفع حكام المنطقة إلى تحويل الموارد بعيدا عن التنمية الاقتصادية ونحو الأمن والاستقرار.