نشرت صحيفة "
واشنطن بوست" تقريرا للصحفيين جوش داوسي، وماريان ليفين، ومايكل بيرنباوم، قالوا فيه إن رئيس الوزراء المجري، فيكتور أوربان، ذهب في شهر آذار/ مارس إلى منتجع مار- إي- لاغو، حيث جادل أمام دونالد
ترامب بأن
روسيا سوف تسحق أوكرانيا وتفوز في حربها في نهاية المطاف؛ وأن الولايات المتحدة ينبغي لها أن تتقبل هذه الحقيقة.
ثم أمضى الاثنان ساعات في قاعة الرقص للاستماع إلى فرقة موسيقية تعزف أغاني رولينغ ستونز. وبعد عدة أسابيع، قدّم وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون، خطابا مختلفا تماما عن ترامب.
وأثناء تناول شرائح اللحم في مار- إي- لاغو، حذّر ترامب من أنه بحاجة إلى مواصلة تقديم المساعدة العسكرية لأوكرانيا، لأن روسيا لن تتوقف حتى تسيطر على البلاد بأكملها.
وعلى العشاء، داخل برج ترامب، الأسبوع الماضي، أثار الرئيس البولندي أندريه دودا الحرب في أوكرانيا وشجّع ترامب على الاستمرار في تمويل الأوكرانيين إذا تم انتخابه رئيسا. وأخبره ترامب بأن أوروبا بحاجة إلى بذل المزيد من الجهد لمساعدة أوكرانيا، وهي رسالة شاركها الرئيس السابق، على وسائل التواصل الاجتماعي في اليوم التالي.
وبينما يسعى للعودة إلى البيت الأبيض، يتحدث ترامب بانتظام مع مسؤولين أجانب يتطلعون إلى التأثير على تفكيره بشأن مجموعة من القضايا. محور العديد من المناقشات هو مستقبل الحرب في أوكرانيا.. كما أن الاجتماعات تطرقت إلى موضوعات أخرى، من مستقبل الناتو إلى التعريفات الجمركية.
بعد الهجوم على مبنى الكابيتول الأمريكي في 6 كانون الثاني/ يناير 2021 من قبل حشد من الغوغاء المؤيدين لترامب وتصاعد التهم الجنائية ضده، فقد شكك العديد من المبعوثين والقادة الأجانب في أن يكون ترامب هو المرشح الجمهوري مرة أخرى، وفقا لسبعة سفراء أوروبيين شاركوا في المناقشات.
ولكن بعد أن نجح في تأمين مكانه كحامل لواء الحزب الجمهوري مرة أخرى، فقد استعدوا ليسمعوه آراءهم للتأثير على توجهاته ومعرفة المزيد عن تفكيره. وتبادل البعض ملاحظات حول من له تأثير على ترامب وما هي الحجج التي قد تنجح، وتواصل السفراء مع مستشاري ترامب وأصدقائه وأعضاء نادي مار- إي- لاغو.
لكن من غير الواضح ما إذا كان لهذه المحادثات تأثير على الرئيس السابق المندفع في اتخاذ قراراته. كرئيس، فإنه غالبا ما كان ترامب يصدم الحلفاء بقراراته، ولم يكن لديه فهم دقيق للشؤون الخارجية، وفقا لأحد السفراء الأوروبيين الذين تفاعلوا معه.
ويعتقد العديد من القادة أنه يحكم بدافع النرجسية والانتقام. لكن كان من الأسهل الوصول إلى الدائرة الداخلية لترامب مقارنة بإدارة بايدن، وكان يتم اتخاذ القرارات في بعض الأحيان بشكل أسرع، ولم يكن ترامب ملتزما بكل سياسة حكومية أمريكية طويلة الأمد، والتي يمكن أن تكون منعشة، على حد قول هذا الشخص.
قال السيناتور ليندسي غراهام (الجمهوري عن ولاية ساوث كارولينا) وهو منتقد سابق لترامب وأصبح حليفا وثيقا في السنوات الأخيرة: "ينظر الناس إلى الرئيس ترامب في جميع أنحاء العالم باعتباره المرشح الجمهوري؛ الأمر يتعلق بأوكرانيا، لكنه يتعلق بالحفاظ على العلاقة مع رجل لديه فرصة بنسبة 50 في المئة في أن يصبح رئيسا".
ومن بين زعماء العالم الذين تحدث معهم ترامب رؤساء دول يمينيون ومسؤولون آخرون أثاروا انتقادات دولية بسبب أساليب الحكم القمعية. يتمتع ترامب بعلاقات طويلة الأمد مع البعض، مثل ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، الذي خلصت وكالة المخابرات المركزية إلى أنه أمر بقتل الصحفي في صحيفة واشنطن بوست جمال خاشقجي.
وتتكشف المحادثات وسط حربين في أوكرانيا وغزة وضربات عسكرية متبادلة من دولة الاحتلال الإسرائيلي وإيران. وقال مشرعون وخبراء في السياسة الخارجية إن الاجتماعات لم تكن غير عادية ولكنها مميزة بين كاميرون، رئيس وزراء المملكة المتحدة السابق والزعيم السابق لحزب المحافظين، وأوربان، الذي لديه ميول استبدادية ومؤيدة لروسيا، واشتبك مع بعض الزعماء الأوروبيين الآخرين وأعرب عن دعمه لحملة ترامب.
وكتب أوربان على موقع التواصل الاجتماعي"إكس" بعد لقائه مع ترامب: "نحن بحاجة إلى قادة في العالم يتمتعون بالاحترام ويمكنهم إحلال السلام. هو واحد منهم. عُد وحقق لنا السلام، سيدي الرئيس".
وقال مكتب أوربان، في بيان، عندما سئل عن اجتماع ترامب: "فيكتور أوربان والحكومة المجرية لا يتخذان قرارات لصالح روسيا أو أوكرانيا، ولكن فقط لصالح المجر والشعب المجري".
وقال ترامب سرّا إنه يمكن أن ينهي حرب روسيا في أوكرانيا من خلال الضغط على أوكرانيا للتخلي عن بعض الأراضي، وفقا لأشخاص مطلعين على الخطة. ومن شأن هذا الاقتراح أن يبتعد بشكل كبير عن موقف بايدن المؤيد لأوكرانيا.
وطرح كاميرون وجهة النظر الأوروبية، بأن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين سوف يستغل أي تراجع عن أوكرانيا، مثل: إظهار الضعف، وهي خطوة ينظر إليها البعض على أنها محاولة لتغيير وجهة نظر ترامب. واقترح ترامب في الاجتماع أن روسيا قد تقبل بجزء من البلاد، وهي فكرة عارضها كاميرون.
وقال مستشارو ترامب، إنه في حين سعت مجموعة من الدول إلى تحسين العلاقة مع ترامب، فإن القليل منها بذل جهدا أكبر من المسؤولين البريطانيين. قام دبلوماسي بريطاني بزيارة مار-إي-لاغو مرارا، وحضر حفل فوز ترامب يوم الثلاثاء الكبير، وتناول العشاء مع ترامب على انفراد، والتقى بكبار الجمهوريين، وأرسل رسائل نصية إلى مستشاريه، وحضر فعاليات حملة ترامب، وفقا لخمسة أشخاص مطلعين على الاجتماعات.
وامتنعت السفارة البريطانية في واشنطن عن التعليق على اجتماعاتها. والتقى السفير البريطاني أيضا بترامب، إلى جانب السياسي البريطاني السابق نايجل فاراج، أحد أنصار حركة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ورئيسة وزراء المملكة المتحدة السابقة ليز تراس.
ويبدو أن ترامب يستمتع بالاجتماعات مع الشخصيات الأجنبية، خاصة إذا كانوا في مار- إي-لاغو، وغالبا ما يكون فريقه سعيدا بلقاء القادة الذين يتحدثون أيضا إلى البيت الأبيض والمشرعين في الكابيتول هيل، وفقا للمستشارين. وقال شخص مقرب منه إن فريق ترامب معجب بقائمة لقاءاته مع زعماء العالم مع بدء محاكمته الجنائية في نيويورك، إذ تظهر فيها صورة شخصية سياسية بارزة بدلا من صورة متهم جنائي.
والتقى يوم الثلاثاء، في برج ترامب، برئيس الوزراء الياباني السابق تارو آسو. وطلب حزب المعارضة الياباني عقد اجتماع مع الرئيس السابق. وقام المسؤولون التايوانيون، الذين يشعرون بالقلق إزاء الصين، بتنظيم اجتماعات مع أشخاص مقربين من ترامب. وخلال مؤتمر العمل السياسي السنوي للمحافظين في شباط/ فبراير، تحدث ترامب خلف الكواليس مع أعضاء إسبان من حزب فوكس اليميني المتطرف.
وقال آرون ديفيد ميلر، وهو خبير شؤون الشرق الأوسط في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي والدبلوماسي السابق: "إنه يجتمع مع أشخاص يشعر بالارتياح معهم".
وعادة ما ترافق مستشارة ترامب العليا سوزي ويلز وكاتب الخطابات فينس هالي ترامب في المحادثات، وفقا لأشخاص مطلعين على الاجتماعات. وتوقع أحد المستشارين أن تتزايد الاجتماعات مع الزعماء الأجانب، حيث يتلقى فريقه المزيد من الطلبات.
في المحادثات، غالبا ما ينجذب ترامب إلى السياسة الداخلية، وتحدث عن سياسات الإجهاض مع بعض القادة وأثار كيفية تأمين الحدود مع دودا وأوربان، اللذين قاما أيضا بحملات على منصات مناهضة للهجرة، وفقا لأشخاص مطلعين على الاجتماعات. وقال الناس إن المحادثات غالبا ما تتنقل بين المواضيع وتركز أحيانا على لعبة الغولف.
وقال دبلوماسيون أجانب يعملون في واشنطن إنهم غير متأكدين مما إذا كان من الممكن أن يتأثر ترامب بمحادثاتهم. لكن أحد كبار الدبلوماسيين الأوروبيين أشار إلى أنه على الرغم من أن رسالة ترامب العامة بعد اجتماعه مع دودا بدت بشكل عام متشككة في الجهود الأوروبية لدعم أوكرانيا، إلا أنه قال إن بقاء البلاد "مهم أيضا بالنسبة لنا"، وهو ما قال الدبلوماسي إنه قد يكون علامة على تحريك دودا لترامب قليلا. (دودا، الذي التقى بايدن الشهر الماضي، اقترح ذات مرة تسمية قاعدة عسكرية في بولندا باسم "فورت ترامب").
وقال دودا لقناة تلفزيونية بولندية، إنه أبلغ ترامب بأنه من الأفضل إرسال الأموال والمعدات إلى أوكرانيا الآن، حتى يتمكن الأوكرانيون من تحمل وطأة القتال ضد روسيا، وليس في المستقبل إذا استمرت روسيا دون رادع في أوروبا، عندما يكون الجنود الأمريكيون وربما يتم جرهم إلى القتال في أوروبا كما حدث في الحربين العالميتين.
وأوضح دودا لقناة تيليويزجا ريبابليكا: "سألني الرئيس دونالد ترامب كيف أقيم الوضع، وكيف أرى احتمالات مزيد من التطور لهذا الوضع، فوصفته. أعتقد أنه قام لاحقا بتحليل هذه الجوانب من محادثتنا".
وقال أشخاص مطلعون على الأمر إن السفراء الأوروبيين كانوا سعداء لأن ترامب لم ينقض الاتفاق الأخير لإرسال المزيد من المساعدات الأمريكية إلى أوكرانيا، وكانوا يراقبون تعليقاته عن كثب بخوف.
على الرغم من أن كبار القادة والدبلوماسيين في جميع أنحاء العالم حريصون بشكل عام على عدم الظهور وكأنهم يتدخلون في العمليات السياسية في البلدان الأخرى، إلا أن الكثير منهم يحاولون عادة أيضا الاجتماع مع زعماء المعارضة الرئيسيين قبل الانتخابات، خاصة بعد اختيار المرشحين الرئيسيين. وهم يفعلون ذلك لمحاولة التأكيد على أولوياتهم الوطنية وفهم كيف يمكن أن تتأثر بلدانهم بالتحول في الحكومات.
قال جون بولتون، مستشار الأمن القومي السابق لترامب، إنه سمع السفراء يسألونه عن الشكل الذي ستبدو عليه ولاية ترامب الثانية.. مشيرا إلى أن اللقاءات مع ترامب تختلف باختلاف الزعيم الأجنبي، مضيفا أن الرئيس السابق لديه ميل للثرثرة، وهو ما قد يجده القادة "محبطا".
وقال بولتون، الذي أصبح منتقدا لترامب: "يتعامل معه القادة المختلفون بطرق مختلفة: البعض يحاول تملقه، والبعض الآخر يحاول الصر على أسنانه والتحلي بالصبر. لا يمكنك أبدا معرفة ما سيفعله ترامب في الاجتماع".
أجرى ترامب في عام 2019 محادثة مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي حاول فيها ترامب حجب المساعدات عن أوكرانيا ما لم يقول زيلينسكي إنه سيحقق في تجارة ابن بايدن. وأدى هذا القرار إلى أول مساءلة لترامب في الكونغرس.
وقال دبلوماسيون إن الحكومات الأجنبية استجابت لمكانة ترامب باعتباره المرشح الجمهوري المفترض كإشارة إلى أنه من المشروع البدء في مقابلته مباشرة. ومنذ أواخر العام الماضي، ومع تزايد وضوح احتمال عودة ترامب، فإنهم التقوا بممثلين شاركوا في التفكير في السياسة الخارجية المحتملة لولاية ترامب الثانية.
قامت إحدى دول الشرق الأوسط بإعداد قائمة تضم 50 شخصا تعتقد أنهم قريبون من ترامب، والعشرة الذين تعتقد أنهم سيكونون في "دائرته الحميمة"، وفقا لشخص مطلع على القائمة. وقال المصدر إنها تدرس عن كثب عمل مؤسسات الفكر والرأي المحافظة، وخاصة مشروع مؤسسة التراث 2025، لفهم من قد يصل إلى السلطة في إدارة ترامب الجديدة، ومعرفة كيفية الوصول إلى هؤلاء الأشخاص. وتوددت البلاد إلى شركات الضغط التي لديها حلفاء لترامب.
وفي الوقت نفسه، اعتاد كبير دبلوماسيي بايدن، وزير الخارجية أنتوني بلينكن، على الاجتماع مع قادة المعارضة من الدول الأخرى، بما في ذلك تلك الغارقة في الحرب، مثل دولة الاحتلال الإسرائيلي.
لم يتحدث ترامب مع رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الذي لا يزال منزعجا منه لأنه وصف بايدن بالفائز في أواخر عام 2020 وسحب دولة الاحتلال الإسرائيلي من مهمة عسكرية مشتركة مع الولايات المتحدة في اللحظة الأخيرة، كما أخبر ترامب الآخرين على انفراد.
وأشار كاميرون، الذي كان يقف إلى جانب بلينكن في وزارة الخارجية، برباطة جأش، إلى أن كبير الدبلوماسيين الأمريكيين قد التقى بزعيم حزب العمال البريطاني كير ستارمر في شباط/ فبراير قبل الانتخابات المحتملة في المملكة المتحدة في وقت لاحق من هذا العام والتي من المتوقع أن توصل ستارمر إلى "رقم 10- داونينغ ستريت".