مع مرور الوقت، تزداد القناعات الإسرائيلية الواسعة بضرورة تقديم أقصى قدر من المرونة من أجل إطلاق سراح الأسرى لدى حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، على اعتبار أنه لا يوجد نصر مطلق، كما يدعي رئيس الحكومة بنيامين
نتنياهو وجوقته.
وبات المسؤولون الأمنيون والعسكريون في دولة
الاحتلال، على قناعة أكثر بأن المهمة الجاري إنجازها في
غزة يمكن استكمالها باستراتيجية مختلفة وأساليب قتالية أخرى، ما سيسمح لمستوطني غلاف غزة والحدود اللبنانية بالعودة لمنازلهم، وخلال ذلك يتم استعادة الشرعية الدولية المنزوعة عن الاحتلال، الذي قد يحصل على مكافأة التطبيع مع السعودية.
رون بن يشاي الخبير العسكري الأبرز في صحيفة "
يديعوت أحرونوت" العبرية، زعم أن "من زار قطاع غزة مؤخرا، وشاهد ما يحدث هناك عن قرب، يدرك أن دولة الاحتلال دمّرت معظمه، حتى إن 70% من مبانيه لم تعد صالحة للسكن، كما أنه تم تدمير البنية التحتية، بما فيها المعدات القتالية، خاصة الأنفاق، ومنصات الإطلاق، ووسائل إنتاج الأسلحة والصواريخ، حتى إن سكان غزة يعيشون أزمة إنسانية سيستغرق التعافي منها سنوات".
وأضاف في مقال ترجمته "عربي21"، أنه "رغم كل هذه المعطيات، فلا تزال هناك أربع عقبات تقف في طريق الاحتلال لإعلان هزيمة حماس، وإنهاء حرب غزة بإعلان النصر، بما في ذلك على الساحة الشمالية، أولها بقاء المختطفين، كل المختطفين، لدى الحركة، وثانيها الحاجة لإنهاء حرب الاستنزاف في الشمال من خلال إبعاد حزب الله عن نطاق الهجوم، وإطلاق النار مباشرة على المستوطنات، وثالثها ضرورة إيجاد بديل للحكومة المدنية في غزة بدلا من حماس، ورابعها وهي في غاية الأهمية، استعادة الشرعية الدولية المدمرة بشكل شبه كامل".
وأكد أن "دولة الاحتلال بحاجة الآن لتغيير في علاقاتها مع الإدارة الأمريكية، ومع حلفائها في المعسكر الغربي، ومع دول المنطقة التي تنتمي لهذا المعسكر، وتعارض سيطرة إيران على المنطقة، وهذه المهام الأربع قابلة للتحقيق، فدولة الاحتلال تستطيع الآن أن تأخذ هذه القيود بعين الاعتبار، وتعمل على تغيير الاتجاه السائد، ليس للتخلي عن توجيه مزيد من الضربات لحماس، وإبعاد حزب الله عن الحدود، بل فقط لتغيير الاستراتيجية وأساليب القتال، أي التكتيكات التي سنستخدمها لمواصلته بوسائل أخرى".
وأشار إلى أنه "في ما يتعلق بالمختطفين، من الممكن إبداء أقصى قدر من المرونة بشرط واحد أنه في نهاية العملية، سيتم إعادة جميع المختطفين الأحياء منهم وغير الأحياء إلينا، في الوضع الحالي لا داعي للذعر والخجل من مطلب حماس بوقف الحرب، حيث يجمع كبار المسؤولين في الجيش والشاباك والموساد أنه يمكن استكمال ما لم نفعله بعد لهزيمة حماس بوسائل وأساليب قتالية أخرى ستتطلب المزيد من الحكمة والدهاء والذكاء، لكن الأمر يتطلب المزيد من الوقت".
وأوضح أن "المرونة المطلوبة ستحقق النتائج المرجوة في المستقبل القريب، وستسمح لمستوطني النقب الغربي وسكان الحدود اللبنانية بالعودة لمنازلهم بأمان، كل هذا بشرط أن يفهم المستوى السياسي أن هذا جهد ليس حركياً فحسب، ويمتد عبر الزمن، وسيتطلب موارد كثيرة، بما في ذلك الأفراد والميزانيات، ومن المهم أن نلاحظ في مسألة المختطفين أنه من المستحيل المقارنة بين الوضع اليوم وبين استسلام دولة الاحتلال لحماس عندما أطلقت سراح جلعاد شاليط من الأسر، حينها استسلمنا لحماس دون أن نأخذ منها ثمناً، ودون أن نخلق رادعاً مضاداً، بل إننا أعطينا حماس كل ما أرادته".
وذكر أن "الاحتلال هذه المرة، عندما سيلبي جزءا كبيرا من مطالب حماس، بما في ذلك وقف الأعمال العدائية، فإن قادة حماس سيكون لديهم أعباء كبيرة للتعامل مع سكان غزة، الذين سيعود معظمهم إلى منازلهم، ويرون أنه لم يبق لهم شيء هناك، عندها سيكون من الأسهل إنشاء حكومة مدنية بديلة لحماس في غزة ستتمركز مع السكان المحليين، وقوة عمل عربية لن يُطلب منها دخول القطاع بحراب الجيش الإسرائيلي، ولكن كشخص جاء لمساعدة الأشقاء العرب دون الاضطرار للحصول على مباركة أبي مازن".
وأكد أن "الأمر الذي لا يقل أهمية هو أن تستعيد دولة الاحتلال شرعيتها في الولايات المتحدة والساحة الدولية، وتغلق حالة "السحب على المكشوف" الذي نشأ في الوعي الدولي على حسابها، وفي النهاية قد تحصل على مكافأة تتمثل في التطبيع مع السعودية، أما بالنسبة للبنان، فبعد انتهاء حرب غزة، سيكون من الأسهل التوصل إلى تسوية، ما يستدعي العمل حثيثاً لاستعادة الرهائن وانتهاء حرب الاستنزاف واكتساب الشرعية لمواصلة الحرب بوسائل أخرى".