نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريرا، أعدّه مراسلها في واشنطن، جيمس بوليتي، قال فيه إن الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين في الجامعات الأمريكية أصبحت عبئا سياسيا على جو
بايدن والحزب الديمقراطي.
وقال فيه إن الجمهوريين استخدموا الاضطرابات في الجامعات من نيويورك، إلى كاليفورنيا، وصوروا بايدن بالعاجز عن قمع التظاهرات المؤيدة لفلسطين بسبب حرب دولة الاحتلال الإسرائيلي ضد
غزة ويقدمون سردا مفاده أن الولايات المتحدة خرجت عن السيطرة في ظل رئاسة بايدن.
وزادت الاضطرابات من التوترات داخل الحزب الديمقراطي الذي يشعر عدد من قادته بعدم الرضا حول الطريقة التي عالج فيها بايدن الحرب في الشرق الأوسط. وحرف الانتباه عن محاكمات الرئيس السابق، دونالد ترامب، المرشح المفترض للحزب الجمهوري في انتخابات الرئاسة المقرر بتشرين الثاني/ نوفمبر.
ويواجه محاكمة في نيويورك بتهمة تزييف وثائق في قضية "رشوة". ونقلت الصحيفة عن الإستراتيجي الجمهوري والمساعد السابق في الكونغرس، جون فيهري قوله: حاولوا "الديمقراطيون" تكبير محاكمات ترامب، لكنها أصبحت في المقعد الخلفي بعد التظاهرات.
وكان ترامب يقوم بحملته الانتخابية في ويسكنسن منتهزا فترة توقف للمحاكمات، عندما انتشرت الصور الدرامية عن الشرطة وهي تداهم جامعة كولومبيا في نيويورك وتظاهرة مضادة لمؤيدي فلسطين في جامعة جنوب كاليفورنيا.
ودعا رؤساء الجامعات لـ"تفكيك مخيمات الاعتصام حالا وهزيمة الراديكاليين واستعادة حرم الجامعات كمكان عادي للطلاب الذين يريدون مكانا آمنا للتعلم"؛ فيما أثنى ترامب على قوة فرض القانون في نيويورك: "جاءت الشرطة وبعد ساعتين بالضبط انتهى كل شيء وكان من الجميل مراقبة كل هذا".
وعلى قناة "فوكس نيوز"، قال مقدم يميني محافظ إن الصور القادمة من الجامعات هي مثل الصور من "دولة ثالثة"، في وقت هاجم فيه المعلقون المتطرفون الساسة الديمقراطيين بسبب الاحتجاجات.
وقال أحد الضيوف وهو مايك هاكبي، الحاكم السابق لأركنساس: "هناك رئيس سابق يواجه محاكمة في وقت يقوم فيه هؤلاء البلطجية بخلق فوضى لا تصدق". وحاول البيت الأبيض إبعاد نفسه عن المتظاهرين العنيفين وأكد على أهمية بقاء التظاهرات سلمية وقانونية.
وقالت المسؤولة الإعلامية في البيت الأبيض، كارين جين بيير، إن الرئيس سيلقي خطابا في الأسبوع المقبل بالكونغرس حول معاداة السامية و يتابع "بشكل مستمر" الاحتجاجات.
وقالت جين- بيير: "يجب ألا تقوم نسبة صغيرة من الطلاب بعرقلة وتعطيل التجربة الأكاديمية". إلا أن الجمهوريين استخدموا التظاهرات للهجوم على بايدن وتصويره بالضعيف أو غير المستعد لمواجهة نقاده من اليسار أو تقديم تعليقات قوية حول الموضوع.
وقال السناتور الجمهوري عن اركنساس، توم كوتن، الأربعاء: "متى سوف يشجب الرئيس نفسه لا أبواقه، وهذه الغزات الصغيرة "جمع غزة" المليئة بالكراهية"، مضيفا: "بايدن بحاجة إلى شجب المتعاطفين مع حماس في حرم الجامعات، وبدون لبس حول خوض الإسرائيليين حربا عادلة من أجل البقاء".
ويرى فيهري، أن مشكلة بايدن هي ألا أحد يستمع إليه وأن المتظاهرين "لا يخافون" منه و"يجب أن يدعم النظام والقانون، وهو مثل الأب الذي يحاول تهدئة الأطفال من خلال منحهم المزيد من السكاكر".
وسارع رئيس مجلس النواب، مايك جونسون إلى كولومبيا لتقديم موقف سياسي، حيث جاءت زيارته مباشرة بعد تمرير المجلس حزمة مساعدات لدولة الاحتلال الإسرائيلي وأوكرانيا، وكان دعم كييف محل خلاف بين أفراد الحزب الجمهوري وهدّد التصويت موقعه كرئيس لمجلس النواب.
وبحسب كايل كونديك المحلل بمركز السياسة بجامعة فيرجينيا "لا يوجد هناك أفضل للجمهوريين من المتظاهرين اليساريين المتشددين في الجامعات"، مضيفا أن هذا "يلعب في السرد العام حول الانتخابات وهو أن ترامب سيأتي وينظف الفوضى".
ومرّر مجلس النواب، الأربعاء، قانونا يوسع تعريف معاداة السامية لتطبيق قوانين مكافحة التمييز، وبغالبية من الجمهوريين والديمقراطيين، مع معارضة 71 ديمقراطيا و 21 جمهوريا. بينما أثارت التداعيات الحالية مقارنة مع عام 1968 عندما تحول مؤتمر الحزب الديمقراطي إلى فوضى وعبد الطريق لفوز ريتشارد نيكسون ضد المرشح الديمقراطي هيوبرت همفري في سباق ذلك العام.
ولم يتبق سوى أربعة أشهر على الانتخابات حيث يسير بايدن بحذر بين شجب المتظاهرين وما يقومون به وحاجته للشباب التقدمي لكي يشارك في الانتخابات. وقالت منظمة طلاب الجامعات الديمقراطيين، المرتبطة باللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي إنها تدعم بايدن في حملة إعادة انتخابه، لكنها أضافت أن الطلاب بشكل عام لديهم "وضوح أخلاقي لمشاهدة الحرب كما هي: مدمرة، إبادة وظالمة".
وانتقدت المنظمة الجمهوريين للتشهير بالمحتجين ووصفهم بدعاة الكراهية وكذا استراتيجية "معانقة الدب" من بايدن مع رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو. وليس من الواضح إن كانت هجمات الجمهوريين ضد بايدن ستترك أثرها، في محاولاتهم تصوير بايدن والديمقراطيين بالضعف في مجال فرض النظام والقانون في انتخابات 2020 الرئاسية والانتخابات النصفية في 2022 لم تترك أثرها، حيث اهتم الناخبون بقضايا أخرى.
واتهم الديمقراطيون الجمهوريين بالنفاق حيث دافع الكثيرون منهم عن الرعاع الذين هاجموا الكونغرس في كانون الثاني/ يناير 2021، ولاحظوا أن ترامب أثنى على المشاركين من دعاة التفوق الأبيض بشارلوتشفيل عام 2017 حيث قال "هؤلاء هم أناس جيدون".
ويقول كونديك إن التظاهرات تعتبر موضوعا مريحا للجمهوريين لكن رؤيته بشأن الانتخابات وأنها ستكون سباقا شديدا، لم تتغير. وبحسب استطلاع "فايف ثيرتي إيت" فترامب متفوق على بايدن بنسبة 0.8 في المئة.
ومثل بايدن فإن الديمقراطيين يواجهون سباقا صعبا في تشرين الثاني/ نوفمبر حيث يحاولون الحد من التداعيات السياسية السلبية. وتعلق إليسا سلوكتين، الديمقراطية في ميتشغان المرشحة لمجلس الشيوخ: "هناك خط ضيق ولكنه مهم بين حماية حرية التعبير والخطاب الذي يدعو إلى العنف أو التخويف".