قالت صحيفة "
لاكروا" الفرنسية، إن مدينة
الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، تشهد حالة ترقب وخوف، منذ أن تمكنت قوات الدعم
السريع من السيطرة على محلية مليط القريبة منها. ويخشى كثيرون الآن من أن تقدم هذه
القوات نحو مدينة الفاشر الإستراتيجية سوف يؤدي إلى مواجهات عنيفة مع الجيش
السوداني
وحلفائه.
وأفادت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته
"عربي21"، بأنه في الليلة الفاصلة بين 28 و29 نيسان/ أبريل، تم استقبال
25 جريحًا في مستشفى الفاشر الجنوبي، وهو ما يرفع عدد الضحايا إلى 130 جريحًا و51 قتيلًا
منذ 14 نيسان/ أبريل.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذا المستشفى بات
آخر مرفق صحي يستمر في تقديم خدماته لحوالي 2.5 مليون ساكن متجمعين في الفاشر عاصمة
ولاية شمال دارفور. وهذه المدينة باتت الوحيدة من بين مدن غرب السودان الشاسع التي
لا تقع تحت سيطرة قوات
الدعم السريع.
وذكرت الصحيفة أن الخناق يشتد على مدينة
الفاشر، خاصة بعد سيطرة قوات الدعم السريع على محلية مليط، التي لا تبعد أكثر من 70 كيلومترًا.
ومن أجل حماية المدينة، يكثف الجيش السوداني من قصف مواقع قوات الدعم السريع بشكل لم
يسلم منه حتى المدنيون، فيما أقامت قوات الدعم السريع نقاط تمركز في محيط الفاشر.
ونقلت الصحيفة عن كلير نيكولي، مسؤولة الطوارئ
في منظمة "أطباء بلا حدود" في السودان، قولها إن "إيصال المساعدات الإنسانية
بات يستغرق فترات طويلة، بسبب المفاوضات المعقدة مع مختلف المجموعات المسلحة. والوقت
لم يعد يسمح بالتأخير، حيث باتت المدينة على مشارف المجاعة، وخرجت الأسعار عن السيطرة، وأصبحت المياه الصالحة للشرب نادرة".
وبحسب الصحيفة، فقد قال أحد الأطباء في
هذه المنظمة: "لقد استنفدنا مخزوننا من حقن الأنسولين والأدوية الضرورية لمرضى
الكلى"، مشيرًا إلى تعرض قبيلة الزغاوة لانتهاكات عديدة، كما هو الحال خلال حرب
دارفور الأولى قبل عشرين سنة؛ إذ إنه في تلك الموجة من العنف التي اندلعت في بداية
الألفية، كان السكان غير العرب مستهدفين بشكل ممنهج من الجيش على أسس عرقية أججها الدكتاتور
عمر البشير.
تعميم الحرب
وأفادت الصحيفة بأن قوات الجيش السوداني
كانت قد حصلت على دعم العديد من المجموعات المتمردة غير العربية في تشرين الثاني/ نوفمبر،
وتوجه الآلاف من المقاتلين بعرباتهم إلى شمال دارفور. وهذا التحالف المعلن زاد من تعريض
السكان غير العرب لعنف قوات الدعم السريع، التي أصلا تكن لهم الضغائن العرقية.
ونقلت الصحيفة مخاوف صالح محمود عثمان،
رئيس هيئة محامي دارفور، من أن يتكرر في الفاشر نفس سيناريو الجنينة عاصمة غرب دارفور،
عندما غزتها قوات الدعم السريع ونفذت تطهيرًا عرقيًّا للسكان غير العرب في الفترة بين
نيسان/ أبريل وتشرين الثاني/ نوفمبر 2023، في عملية أودت بحياة ما بين عشرة آلاف وخمسة
عشر ألف شخص، بحسب مجموعة خبراء الأمم المتحدة.
وبينت الصحيفة أن السفيرة الأمريكية في
الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، عبرت هي أيضا عن خشيتها من حدوث مجزرة واسعة النطاق.
كما يقول صالح الوالي، ممثل مجموعة مسلحة تسمى تجمع "قوى تحرير السودان":
"نحن نريد حماية المدنيين من إبادة جماعية، وحماية أخواتنا وبناتنا من الاغتصاب،
ومنع النهب والتهجير القسري، وهي ممارسات تظهر على أجندة الدعم السريع".
المقاومة المجتمعية
وقالت الصحيفة إنه في انتظار ما ستسفر عنه
هذه الأحداث، يتواصل اتساع رقعة العنف في كافة أرجاء المنطقة، إذ إنه بين 31 آذار/
مارس و25 نيسان/ أبريل، تعرضت 22 قرية في دارفور للهجوم والحرق، وبحسب مخبر الأبحاث
الإنسانية في مدرسة الصحة العامة في يال، فإن أصابع الاتهام تتجه بالأساس إلى قوات
الدعم السريع.
واختتمت الصحيفة تقريرها مشيرة إلى قصة
عرفة موسى، الذي لجأ قسرًا لمخيم النازحين، إلا أنه يتمسك بالأمل في أن النسيج المجتمعي
لا يزال صامدًا أمام هذا الصراع. وقال إنه في مدينة الفاشر لا تزال مختلف مكونات المجتمع
واعية بأن هذه الحرب ليست حربهم، وليست حربا ضد أشخاص معينين، بل هي حرب بين جنرالين.
ولذلك فإن المدنيين يحاولون التصدي لخطاب الكراهية، ولكن رغم هذه المقاومة، فإن خطاب
دق طبول الحرب تزداد سطوته مع تمدد رقعة الصراع.