بعد أيام من نشر حركة حماس لمزيد من أشرطة الفيديو الخاصة بالأسرى الإسرائيليين لديها، جرت العادة أن تشهد أوساط دولة الاحتلال الإسرائيلي ما يمكن اعتبارها صدمة واسعة؛ وجدت طريقها عبر وسائل الإعلام المختلفة، وسط ملحوظة تمّ تعميمها، مفادها أن "ما ورد في تلك الأشرطة أملاه الأسرى كجزء من الرعب النفسي الذي تمارسه حماس على الاحتلال، ودعوات الاحتلال الإسرائيلي للمطالبة بإعادة جميع الأسرى، وإنهاء الكابوس الذي يعيشه الإسرائيليون منذ أكثر من مئتي يوم".
يتسحاق مانسدورف، وهو خبير علم النفس السياسي في مركز القدس للشؤون العامة والدولة، أشار إلى زاوية أخرى من سلوك حماس السياسي، تتعلق بـ"استراتيجية نشر الفيديوهات الخاصة بالأسرى"، بالقول إنها "تبدو فعالة بشكل خاص، وتهدف إلى خلق ضغط وشقاق لدى دولة الاحتلال الإسرائيلي".
وأوضح أن "هدف الحركة هو التأثير على الرأي العام العالمي والإسرائيلي، من أجل الضغط على الحكومة للتوصل لصفقة مواتية للحركة، مع العلم أن هذه المقاطع ليست فريدة من نوعها في تاريخ الحروب، وتم استخدامها لتعزيز الدعم والروح المعنوية، والتأثير سلبًا على مزاج العدو، وفي حالة حماس، يمكن فهم الغرض من كل فيديو عبر ما يحدث بعد بثه".
وأضاف في مقال نشرته صحيفة "معاريف" العبرية، وترجمته "عربي21"، أن "الفيديوهات الجديدة التي تنشرها حماس عن المختطفين لديها، تأتي في إطار استراتيجية تهدف للتلاعب بالرأي العام من أجل تحقيق أهداف على المستوى النفسي، بجانب ما تقول إنها أهداف أنجزتها على المستوى العسكري، ويمكن تقييم مدى فعالية هذه الاستراتيجية من خلال ردود فعل الجمهور الإسرائيلي".
واسترسل: "لأنه مباشرة بعد نشر هذه الأشرطة الخاص بالأسرى يبدأ أهاليهم بمطالبة الحكومة والجيش بالموافقة على كل صفقة ممكنة، رغم أن مطالب حماس تتلخص بالتوصل لوقف إطلاق النار، وإنهاء العمليات العسكرية الإسرائيلية".
وأشار إلى أن "أشرطة الفيديو التي تنشرها حماس تزيد من الضغوط التي يمارسها الجمهور الإسرائيلي على حكومته لقبول شروط الحركة، حيث إن لديها تاريخا في إنتاج المواد التي تظهر المقاومة وتشجعها، كما هو الحال مع لقطات السابع من أكتوبر، ومقاطع تظهر صنع صواريخ، ما يزيد من الشعبية التي تتمتع بها الحركة بين
الفلسطينيين والعالم العربي بشكل عام".
وأكد أن "هذه الأشرطة تشكل جزءًا من تكتيكات الحركة الأوسع والأطول للحرب النفسية ضد الاحتلال، بهدف تحقيق أهدافها العسكرية والأيديولوجية، وتعزيز صورتها الداخلية، وخلق الخوف والارتباك لدى الإسرائيليين، وهكذا تأثرت الاستراتيجية الإسرائيلية بالفعل بتكتيكات حماس، وسوف تتزايد في حال زاد استخدام الحركة لهذه الأساليب النفسية المحسوبة، ما سيثبت أن نهج "القوة الناعمة" قد يشلّ الخصوم بميزة عسكرية واضحة".
وأكدت صحيفة "معاريف" العبرية، أن اعتراف دولة الاحتلال الإسرائيلي لعلّه يعزز ما دأب الرقيب العسكري على إصداره من قرارات بمنع تداول أشرطة الفيديو المشار إليها، بزعم أنها تمثل "إهانة" للجيش والحكومة، وتظهر حالة الضعف والخوف التي أصابت الإسرائيليين، والخذلان الذي تمارسه عليهم حكومتهم، ما سيؤثر سلباً على معنوياتهم، ويهز ثقتهم بجيشهم.
وتابعت، بكون هذه الأشرطة تؤكد لجمهور الاحتلال الإسرائيلي كذب وزيف مزاعم الجيش أنه قضى على حماس، وتُكذّب محتوى خطابات نتنياهو وقادة جيشه، ما يترك تأثيراتها السلبية على ثبات الجبهة الداخلية للاحتلال، وتزيد إحباطها، وحنقهم وغضبهم على القيادة السياسية والعسكرية، لأنها تؤكد التقصير في استعادة الأسرى.