أكدت منظمة "
هيومن رايتس ووتش" أن "
إسرائيل" تنتهك أوامر
محكمة العدل الدولية الملزمة قانونيا عبر عرقلة دخول المساعدات والخدمات المنقذة للحياة إلى غزة.
وقالت المنظمة الحقوقية إنه منذ كانون الثاني/ يناير الماضي، أمرت المحكمة مرتين باتخاذ تدابير مؤقتة تطالب "إسرائيل" بإتاحة توفير الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية كجزء من القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا والتي تزعم انتهاك تل أبيب لـ "اتفاقية الإبادة الجماعية" لعام 1948.
وفي 5 أيار/ مايو، أغلقت السلطات الإسرائيلية معبر كرم أبو سالم بعد هجوم صاروخي لـ "حماس"، ثم سيطرت في 7 أيار/ مايو، على معبر رفح ضمن توغلها في المنطقة، ما حال دون دخول المساعدات وخروج الناس من غزة عبر المعابر الرئيسية المستخدمة في الأشهر الأخيرة.
وفي حين سمحت السلطات الإسرائيلية بدخول المزيد من شاحنات المساعدات في الأسابيع السابقة وفتحت معبرا إضافيا وميناء لدخول المساعدات، كانت الزيادة متواضعة وغير كافية إطلاقا لتلبية الاحتياجات الهائلة بحسب الأمم المتحدة ووكالات إغاثة غير حكومية.
وقالت المنظمة إن "إسرائيل واصلت منع وصول مواد المساعدات الحيوية لتصل بالكاد نسبة صغيرة من تلك المساعدات المحدودة إلى شمال غزة، حيث ثمة حاجة ماسة إليها".
وأكد مدير شؤون "إسرائيل" وفلسطين في هيومن رايتس ووتش، عمر شاكر، أنه "رغم موت الأطفال نتيجة التجويع والمجاعة في غزة، ما تزال السلطات الإسرائيلية تمنع المساعدات الضرورية لبقاء سكان غزة على قيد الحياة، في تحد لمحكمة العدل الدولية. يتعرض المزيد من الفلسطينيين لخطر الموت مع كل يوم تمنع فيه السلطات الإسرائيلية المساعدات المنقذة للحياة".
وفي 26 كانون الثاني/ يناير، أمرت محكمة العدل الدولية "إسرائيل" "باتخاذ تدابير فورية وفعالة لتمكين توفير الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها".
كما فرضت المحكمة في 28 آذار/ مارس إجراءات إضافية، في ضوء "انتشار المجاعة والتجويع"، وأمرت "إسرائيل" بضمان تقديم المساعدة الإنسانية بدون عوائق، بالتعاون الكامل مع الأمم المتحدة، بسبل تشمل فتح نقاط عبور برية جديدة.
وقالت "رايتس ووتش" إن السلطات الإسرائيلية ألقت باللوم في تأخير التوزيع على الأمم المتحدة، لكن "إسرائيل"، باعتبارها سلطة الاحتلال، ملزمة بتوفير الرعاية الاجتماعية للسكان الخاضعين للاحتلال وضمان تلبية الاحتياجات الإنسانية لسكان غزة.
واستجابة لضغوط الحكومة الأمريكية، فتحت السلطات الإسرائيلية في 1 أيار/ مايو معبر إيرز – وهو نقطة تفتيش بين "إسرائيل" وشمال غزة – أمام تسليم المساعدات، ما سمح بدخول 30 شاحنة.
وكشفت المنظمة أنه "من غير الواضح ما إذا كانت قد دخلت شاحنات أخرى عبر إيرز منذئذ"، مضيفة أنه في نيسان/ أبريل، بدأت أيضا بالسماح بدخول بعض المساعدات من مرفأ أسدود، وهو ميناء بحري جنوب تل أبيب.
رغم هذه الزيادات، صرّحت منظمة "أطباء بلا حدود" في 1 مايو/أيار أن المواد والتجهيزات الأساسية مثل خزانات الأكسجين، والمولدات، والبرّادات، والمعدات الطبية الحيوية ما تزال ممنوعة، وأن القليل جدا من المساعدات يصل إلى شمال غزة، وأنه "لا يوجد وضوح أو اتساق فيما يتعلق بما هو مسموح بدخوله إلى غزة".
ومع هذا، تتمتع "وحدة تنسيق أنشطة الحكومة في المناطق" (وحدة التنسيق)، الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن تنسيق دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، بالسيطرة الكاملة على ما يمكن إدخاله إلى القطاع، وبعد تفتيشها في مصر، يتوجب على شاحنات المساعدات الإنسانية المرور عبر موقعَيْ تفتيش تسيطر عليهما إسرائيل: نيتسانا وكرم أبو سالم.
وأكد الأشخاص الذين تمت مقابلتهم أن الشاحنات تضطر في كثير من الأحيان إلى الانتظار لأيام، وأحيانا أسابيع، للخضوع للتفتيش بسبب ساعات العمل وآلات المسح المحدودة، فضلا عن إجراءات التفتيش الجديدة التي أضيفت منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر في "إسرائيل".
ونقلت هيومن رايتس ووتش عن موظف أممي تأكيده أن شاحنة مليئة بالإمدادات الطبية ظلت على الحدود طيلة شهر في انتظار التفتيش.
وقال عمال إغاثة إن السلطات الإسرائيلية رفضت معظم التجهيزات التي تحوي ألواحا شمسية ومحركات وبعض الأجزاء المعدنية، وحتى التجهيزات المخزّنة في صناديق خشبية، بغض النظر عن محتواها، فضلا عن رفضها المستمر معدات ومواد مثل المولدات، وأنظمة تنقية المياه، والأكسجين.
وأفاد عمال إغاثة عديدون بأنه إذا رُفض عنصر واحد فقط من حمولة الشاحنة، سيُرفض دخول الشاحنة بأكملها.
وكشف عمال الإغاثة أنه بعد أكثر من ستة أشهر على بدء الحرب، تفرز الوكالات تلقائيا المواد الأساسية المنقذة للحياة لإزالتها من الشاحنات، ويُرسل فقط ما يُتوقع دخوله. يعني هذا أنهم يتركون بعض العناصر الحيوية لأنهم يتوقعون رفضها، مثل المولدات الكهربائية اللازمة لتوفير الكهرباء للمعدات الحيوية للصحة والمياه والصرف الصحي؛ ومواد إصلاح البنية التحتية لشبكات المياه والصرف الصحي؛ والمعدات الطبية مثل أجهزة الأشعة السينية.
ومنذ تشرين الثاني/ نوفمبر، قدمت وكالات الإغاثة أحيانا قوائم بمواد المساعدات إلى مكتب التنسيق للحصول على الموافقة المسبقة. ومع ذلك، حتى عندما منحت الموافقة المسبقة، كانت المواد في مناسبات عديدة تُرفض عند نقاط التفتيش.
وقال موظف في برنامج الأغذية العالمي إنه، في إحدى الحالات، حصل "صندوق الأمم المتحدة للسكان"، وهو وكالة أممية تركز على الصحة الإنجابية وصحة الأم، على موافقة مسبقة لإرسال عيادة أمومة إلى غزة، لكن رفضت السلطات الإسرائيلية إدخالها مرتين على الحدود بدون تفسير.