ما زالت المظاهرات التي شهدتها الجامعات الأمريكية المؤيدة للفلسطينيين، تترك تأثيراتها الصادمة لدى الاحتلال الإسرائيلي، حتى إن المواقع الإخبارية الأهم في العالم، باتت تركز بشكل كبير على عزلة الاحتلال المتزايدة، لأنها تنبع من سياسة حكومة اليمين المتطرف بقيادة بنيامين نتنياهو.
إيتمار ليفين، وهو كاتب إسرائيلي في موقع "
نيوز ون"، أبدى ذهوله من أهم ثاني عنوان رئيسي على موقع صحيفة "
نيويورك تايمز" وجاء بالعبارة التالية: "إسرائيل معزولة ومتحدية، تعلن أنها ستقف بمفردها في الحرب ضد حماس"، وكأنه عندما ترتفع تكلفة قتلاها في
غزة، تدير الدول ظهرها للاحتلال، الذي يعيش حالة من الانشقاقات الداخلية من الأمن إلى الاقتصاد، وبالتالي فإنها يمكن أن تتحول دولة الاحتلال الإسرائيلي إلى دولة مجذومة".
وأضاف في مقال ترجمته "عربي21" أن "الكاتب الإسرائيلي يشير بذلك إلى مقال الصحفي داميان كيف، وهو مراسل الشؤون الدولية في الصحيفة الأمريكية، ورغم أنه ليس من كبار المعلقين في الصحيفة، لكن بروز المقال بهذه الطريقة يُظهر أهميته، حيث يذكر الكاتب المقاطعة التجارية التركية، وإمكانية صدور مذكرة اعتقال من محكمة لاهاي...
كما أنه يتحدّث عن نوايا إسبانيا وإيرلندا الاعتراف بدولة فلسطينية، وتوسيع موقف السلطة الفلسطينية في الأمم المتحدة، والمظاهرات على هامش مسابقة الأغنية الأوروبية، وبالطبع تحذير الرئيس الأمريكي جو بايدن، بوقف شحنات القنابل إذا غزا الاحتلال".
وأشار الكاتب إلى أنه "بعد سبعة أشهر من تعهد معظم دول العالم بدعم الاحتلال بعد هجوم حماس عليه، فإنه يجد نفسه معزولا بشكل متزايد، ولعل أخطر سبب للقلق هو العلاقات المتوترة مع الولايات المتحدة، خاصة أن تحذير بايدن يُظهر أن الغضب السائد في العواصم والجامعات مستمر في الاتساع".
وتابع: "بل إن التداعيات قد تؤدي إلى مقاطعة الرياضيين والأكاديميين الإسرائيليين، وعدم الاعتراف بهم، في مؤشر جديد على العزلة المتزايدة، رغم محاولة الاحتلال تجاهلها، مع أننا أمام عملية بطيئة لخلق دولة مجذومة".
ونقل عن ألون بينكس، وهو عضو حزب العمل والقنصل العام السابق في نيويورك، أنه "لا يمكن تجاهل النشطاء المناهضين للاحتلال، حيث يواجه بسببهم عواقب حقيقية، من الأمن إلى الاقتصاد، مع أن العزلة التي يعيشها الاحتلال ترجع جزئياً إلى الطريقة التي جرت بها الحرب على غزة، فضلاً عن الإحباط الدولي من القيود المفروضة على المساعدات المقدمة إلى غزة".
وأوضح: "هو تغيير في
السياسة العالمية أدى لخفض مكانة الاحتلال في ترتيب الأولويات، وتركيز الجمهور الإسرائيلي على ما يواجهه، بعد أن حظي بتعاطف عالمي هائل بعد السابع من أكتوبر، ولكن منذ ذلك الحين ظهرت علامات قلق بشأن ما أسماه نتنياهو ’النصر المطلق’".
وأكد أن "الشعار الذي رفعه الاحتلال "بالقضاء على حماس" بدا في نظر العديد من الاستراتيجيين العسكريين أوسع من أن يكون فعالاً، ولذلك ضعف الدعم للاحتلال مع اشتداد القصف في غزة، وعدم إدخال المساعدات لقطاع غزة، وغياب النقاش في مسألة اليوم التالي، كل ذلك عمّق الخلافات في الرأي بين الاحتلال والغرب، وتفاقمت عندما وصل عدد القتلى في غزة إلى الآلاف".
واسترسل بأن "هذه ضربة ليست سهلة لفرص بايدن في الفوز بانتخابات نوفمبر، لا سيما عقب قتل جيش الاحتلال لعمال المطبخ المركزي العالمي، والتقارير المتواترة عن تضوّر الأطفال جوعاً في غزة، ووصف أفعال الاحتلال بأنها ’إبادة جماعية’ أكثر من كونها دفاعاً عن النفس".
إلى ذلك، تكشف المتابعة الإسرائيلية الحثيثة لما يكتب ويقال عن الاحتلال في وسائل الإعلام العالمية من الخشية الحقيقية عن اقتراب كابوس العزلة الكاملة على نمط كوريا الشمالية، رغم أنها لا تلوح في الأفق، على الأقل حاليا، لكن العديد من المعلقين يحذرون من أن الإسرائيليين فقدوا الدعم.
وأكد البروفيسور إيان بريمر من جامعة كولومبيا أن "الشباب العالمي اليوم يرون ’إسرائيل’ القوية جداً تشن حرباً منذ سبعة أشهر وغير مبالية بمعاناة الفلسطينيين، وهذا سبب كفيل بأن تمرّ بطريق العزلة والمقاطعة".