لا
تزال القضية
الفلسطينية ومعركة طوفان الأقصى محور الاهتمام الفكري والسياسي
والإعلامي والبحثي في العالم العربي، وعلى الصعيد الإقليمي والدولي.
فقد أدت
معركة طوفان الأقصى إلى حراك فكري عربي- إسلامي جديد في كيفية مقاربة القضية
الفلسطينية بعد مرور أكثر من 76 على
النكبة في العام 1948 وقيام الكيان الصهيوني،
ومن يستعرض ما يجري على الصعيد العربي والإسلامي من ندوات ومؤتمرات وأنشطة متنوعة
يشعر أننا أمام مرحلة جديدة تتجاوز كل المفاهيم والأفكار التي انتشرت خلال السنوات
الست والسبعين الماضية.
وفي إطار
إعادة البحث قي كيفية مقاربة القضية الفلسطينية بعد معركة طوفان الأقصى، تشهد
العاصمة اللبنانية (بيروت) خلال الأسبوعين القادمين حدثين مهمين حول القضية
الفلسطينية، الأول مؤتمر فكري دولي حول القضية الفلسطينية بدعوة من مؤسسة الدراسات
الفلسطينية بعنوان: "75 عاما من النكبة المستمرة- الإنتاجات المعرفية"،
وذلك بين العشرين والثالث والعشرين من شهر أيار/ مايو الحالي، بالتعاون والشراكة
مع مجموعة من المراكز البحثية والجامعات في فلسطين والعالم ومنها: جامعة بيرزيت، والجامعة
الأمريكية في بيروت، والجامعة اليسوعية، والمعهد الالماني للأبحاث الشرقية، والمجلس
العربي للعلوم الاجتماعية، ومركز الدراسات الفلسطينية في جامعة كولومبيا في
نيويورك.
أدت معركة طوفان الأقصى إلى حراك فكري عربي- إسلامي جديد في كيفية مقاربة القضية الفلسطينية بعد مرور أكثر من 76 على النكبة في العام 1948 وقيام الكيان الصهيوني، ومن يستعرض ما يجري على الصعيد العربي والإسلامي من ندوات ومؤتمرات وأنشطة متنوعة يشعر أننا أمام مرحلة جديدة تتجاوز كل المفاهيم والأفكار التي انتشرت خلال السنوات الست والسبعين الماضية
والحدث
الثاني هو المؤتمر القومي العربي لدورته (33) بين 31 أيار/ مايو و2
حزيران/ يونيو 2024، تحت عنوان دورة "طوفان الأقصى"، حيث ستكون أعمال
المؤتمر مخصصة في الكامل لدراسة أبعاد وتداعيات معركة طوفان الأقصى وواقع القضية
الفلسطينية اليوم وتفاعلاتها العربية والإقليمية والدولية، وكذلك مستقبل المشروع
النهضوي العربي على ضوء ما يجري من تطورات حول القضة الفلسطينية (وقد تحدثنا عن
تفاصيل هذا المؤتمر في مقال سابق)، لكن من المهم البحث في كيفية مساهمة معركة
طوفان الأقصى في ولادة وعي عربي جديد؛ سواء بالنسبة للقضية الفلسطينية أو حول
المشروع العربي النهضوي ودور حركة التحرر العربية والتيارات القومية واليسارية والإسلامية
والليبرالية في مواكبة القضية الفلسطينية.
فعلى
صعيد مؤسسة الدراسات الفلسطينية (وهي من أهم مراكز الدراسات العربية والدولية التي
تُعنى بالقضية الفلسطينية وتتابع مجرياتها منذ ستين عاما تقريبا)، فقد أرادت
المؤسسة إحياء الذكرى الستين لتاسيسها والتي كانت مقررة في العام 2023 من خلال الإطلالة
على الذكرى الخامسة والسبعين للنكبة الفلسطينية. وتعتبر المؤسسة أن القضية
الفلسطينية تمر اليوم في لحظة مفصلية هامة على ضوء استمرار الحرب المسعورة على
قطاع
غزة والتي استهدفت كل مرتكزات القضية الفلسطينية، ولذلك لا بد من التمسك
بمواصلة العمل الفكري والبحثي للتصدي للمشروع الصهيوني التدميري وإعادة قراءة
النكبة الفلسطينية على ضوء التطورات الجارية.
وتعتبر
المؤسسة أن سؤال النكبة ليس سؤال الماضي فحسب، بل هو أيضا سؤال الحاضر والمستقبل،
لأن الحركة الصهيونية لا تزال تسعى للقضاء على ذاكرة النكبة، التي تشكل مكوّنا
رئيسيا من مكونات الهوية الوطنية للشعب الفلسطيني الذي يحتاج اليوم، أكثر من أي
وقت مضى، إلى إبقاء ذاكرة النكبة حيّة ومواصلة دراستها وتعليمها.
وسيتناول
مؤتمر مؤسسات الدراسات الفلسطينية عناوين متعددة بالغات العربية والفرنسية والإنجليزية
والعبرية ومنها: الحرب على غزة وهل هي فصل جديد من فصول النكبة أو محطة على طريق
التحرر، قراءة في مفهوم النكبة بعد 75 عاما، إعادة قراءة قسطنطين زريق في ظل
النكبة المستمرة (والمعروف أن المفكر العربي قسطنطين زريق من أوائل المفكرين العرب
الذين طرحوا سؤال النكبة وأسبابها وكيفية مواجهتها)، نكبات وثورات ونحو نقد عربي
جديد، الصهيونية بعد حرب الإبادة، تقييم نقدي للإنتاج المعرفي الفلسطيني ما بعد
النكبة، المشروع الوطني التحرري الفلسطيني في ظل حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة.
هذه
بعض الموضوعات التي سيتم الإطلالة عليها في مؤتمر الدراسات الفلسطينية، وبموازاة
ذلك سيكون المؤتمر القومي العربي معنيا في البحث حول مشروع التحرر العربي ودور قوى
المقاومة اليوم، وانعكاس تطورات القضية الفلسطينية اليوم على كل المشروع النهضوي
العربي في مختلف مجالاته، إضافة لقراءة التطورات والمتغيرات الإقليمية والدولية
وخصوصا ما يجري في الجامعات الأمريكية والغربية من حراك طلابي لدعم القضية
الفلسطينية.
هذه
الأنشطة الفكرية تؤكد أن القضية الفلسطينية لا تزال محور الحراك الفكري والنضالي
اليوم، وخصوصا بعد معركة طوفان الأقصى وتداعياتها المستمرة منذ أكثر من سبعة أشهر،
لكن من المهم أن تتم مقاربة هذه التطورات بروحية جديدة بعيدا عن روح الانهزام أو الضعف
أو الجانب المأساوي فقط.
رغم العدد الكبير من الشهداء والتدمير الحاصل في غزة ولبنان وما يجري من معركة قاسية في الضفة الغربية المحتلة، فإننا اليوم نشهد ولادة جديدة للقضية الفلسطينية على الصعيد العالمي، وفي المقابل يعيش الكيان الصهيوني أزمة عميقة بسبب تراجع قوة الردع وازدياد المخاطر الكبرى على وجوده وحجم الخلافات الداخلية، وكل ذلك يؤشر إلى أننا سنكون في المرحلة المقبلة أمام متغيرات جديدة لصالح القضية الفلسطينية والشعب الفلسطين
فرغم
حجم التضحيات التي يقدمها الشعب الفلسطيني وكذلك الحرب الدائرة على الجبهات
المساندة في لبنان واليمن والعراق، ورغم العدد الكبير من الشهداء والتدمير الحاصل
في غزة ولبنان وما يجري من معركة قاسية في الضفة الغربية المحتلة، فإننا اليوم
نشهد ولادة جديدة للقضية الفلسطينية على الصعيد العالمي، وفي المقابل يعيش الكيان
الصهيوني أزمة عميقة بسبب تراجع قوة الردع وازدياد المخاطر الكبرى على وجوده وحجم
الخلافات الداخلية، وكل ذلك يؤشر إلى أننا سنكون في المرحلة المقبلة أمام متغيرات
جديدة لصالح القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني.
لكن
مهمة الفكر العربي والمؤسسات الفكرية العربية والقوى القومية والتحررية أن تبحث في
كيفية مقاربة كل هذه التطورات وتوليد وعي عربي جديد قادر على مواكبة المتغيرات،
والخروج من ثقافة النكبة إلى ثقافة التحرر والمقاومة وبناء رؤية جديدة قادرة على
ملاقات التضحيات التي يقدمها الشعب الفلسطيني وقوى المقاومة في فلسطين ولبنان
واليمن والعراق، وملاقاة ما يجري في العالم من وعي جديد حول القضية الفلسطينية.
نحن
اليوم أمام مرحلة جديدة في النضال تتطلب مقاربات فكرية وبحثية ونضالية جديدة، فهل
سنشهد بعض هذه المقاربات في مؤتمر مؤسسة الدراسات الفلسطينية والمؤتمر القومي
العربي في دورته الثالثة والثلاثين في بيروت؟
ومن
سيكون المفكر العربي الجديد الذي سيعيد تفكيك سؤال النكبة مجددا ويقدّم لنا مقاربة
جديدة للمشروع العربي والإسلامي الذي يحمي قوى المقاومة ويساندها في معركتها
التحررية الجديدة؟
twitter.com/kassirkassem