نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا للصحفيين كريم فهيم ونيلو تبريزي وسوزانا جورج استعرضوا فيه حادثة وفاة الرئيس
الإيراني إبراهيم رئيسي في تحطم مروحيته الأحد.
وقال الصحفيون، إن
وفاة رئيسي أدت سريعا إلى إطلاق عملية انتقال للقيادة أصر المسؤولون على أنها ستترك الجمهورية الإسلامية في أيد ثابتة وربما تؤدي إلى تغيير بسيط في اتجاه البلاد، بحسب المحللين.
وقال آية الله علي خامنئي، المرشد الأعلى الإيراني، بحسب وسائل الإعلام الرسمية: "لا ينبغي للأمة الإيرانية أن تشعر بالقلق".
ووفقا للمحللين فقد كان يُنظر إلى رئيسي على أنه منفذ لأوامر خامنئي، وليس جهة فاعلة مستقلة، بحسب التقرير.
وتابع التقرير، "إذا كان هناك شكوك حول ملابسات وفاة رئيسي، فإن ذلك يأتي بسبب التوقيت خلال المواجهة المتصاعدة بين إيران وإسرائيل والتي أثارت القلق في
الشرق الأوسط وخارجه، من أن يندلع الصراع في أي لحظة بسبب الحرب في غزة، وتجسد في تصاعد العنف على الحدود الجنوبية للبنان، وفي البحر الأحمر، وفي سوريا والعراق".
"في الشهر الماضي، أدى القتال المباشر بين إسرائيل وإيران إلى رفع مستوى القلق. وبعد أن أدت الضربات الإسرائيلية إلى مقتل قادة عسكريين إيرانيين في سوريا، ردت إيران بإطلاق وابل من مئات الذخائر باتجاه إسرائيل"، وفق المقال.
وقال علي فائز، مدير مشروع إيران وكبير المستشارين في مجموعة الأزمات الدولية، خلال حلقة نقاش في قطر الاثنين "إن قواعد اللعبة القديمة بين الخصمين الإقليميين انتهت، وإن القواعد الجديدة لم يتم وضعها بشكل كامل".
وأوضح، "أن وفاة رئيسي أضافت حالة من عدم اليقين إلى الغموض القائم بين إيران وإسرائيل، مما يزيد من مخاطر سوء التقدير".
وأعلنت وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية الاثنين أن رئيسي، المتشدد والموالي للمرشد الأعلى، توفي في حادث تحطم طائرة هليكوبتر في مقاطعة أذربيجان الشرقية الإيرانية، إلى جانب وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان ومسؤولين آخرين.
وكان رئيسي مسافرا إلى مدينة تبريز في شمال غرب إيران يوم الأحد بعد حضور افتتاح سد على الحدود مع أذربيجان عندما تحطمت مروحيته.
وأظهرت صور التقطت من مكان الحادث يوم الأحد ضبابا كثيفا في التضاريس الجبلية. ولم تؤكد إيران رسميا سبب الحادث، لكن وسائل الإعلام الرسمية أشارت إليه على أنه عطل فني.
وقالت وسائل إعلام رسمية إن محمد مخبر، النائب الأول للرئيس رئيسي، تم تعيينه رئيسا مؤقتا لحين إجراء انتخابات لاختيار رئيس جديد خلال 50 يوما.
كما عين مجلس الوزراء الإيراني علي باقري كاني، كبير المفاوضين النوويين سابقا، قائما بأعمال وزير الخارجية في البلاد.
ومع تدفق التعازي من حلفاء إيران وجيرانها، بما في ذلك روسيا والصين والهند، شكرت حركة حماس الفلسطينية إيران على دعمها في الحرب مع "إسرائيل".
وقالت حماس في بيان لها إن الرئيس الإيراني الراحل ووزير خارجيته "بذلا جهودا سياسية ودبلوماسية كبيرة لوقف العدوان [الإسرائيلي] ضد شعبنا الفلسطيني".
وعلى مدار الأشهر السبعة الماضية، نفذت الجماعات المسلحة المدعومة من إيران في جميع أنحاء الشرق الأوسط هجمات صنفتها على أنها انتقامية ضد "إسرائيل" بسبب هجومها المميت في غزة، أو ضد
الولايات المتحدة، الحليف الدولي الرئيسي "لإسرائيل".
وأدى العنف إلى مخاوف مستمرة من نشوب حرب إقليمية، على الرغم من إشارة إيران مرارا إلى أنها تحاول تجنب تلك النتيجة.
وقال فايز إنه بعد وفاة رئيسي، فإن الخوف هو أن "خصوم إيران في المنطقة قد يرونها فرصة، وقد يتجاوزوا الحدود".
وقال حميد رضا عزيزي، الزميل الزائر في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، "إن هذا القلق من أن إسرائيل أو غيرها قد تستخدم وفاة رئيسي كفرصة لتنسيق هجمات على إيران قد يقود إلى شعور بالضعف في البلاد".
وأضاف أن التداعيات ستكون في الوطن.
وأوضح: "على الصعيد الداخلي، سيزداد القمع". وفي فترة الخمسين يوما التي تسبق إجراء انتخابات جديدة، من المحتمل أن تكون هناك "رقابة أكثر صرامة على الأنشطة الاجتماعية والسياسية في البلاد. والمزيد من الحكم الأمني".
وقالت صحفية في طهران، إن مسؤولا في الاستخبارات اتصل بها بعد نشر قصة عن وفاة رئيسي على موقع إنستغرام.
وبينت الصحفية، التي تحدثت شريطة عدم الكشف عن هويتها خوفا من الانتقام، أن المسؤول اعترض على العنوان الرئيسي، الذي قال إن رئيسي قُتل، وليس "استشهد"، وهو المصطلح الذي استخدمته وسائل الإعلام الحكومية عند الإشارة إلى وفاته.
وعندما سألت عما إذا كانت ستُجبر على إزالة المنشور، أجاب مسؤول المخابرات بأنه لا يريد أن يحدث لها "أي شيء سيئ" أو أن يتم فتح قضية قانونية محتملة بشأن نشاطها على وسائل التواصل الاجتماعي، وفق التقرير.
وبين تقرير "واشنطن بوست" "أنه مهما كانت التداعيات الداخلية الناجمة عن الانهيار، لم تكن هناك دلائل تُذكر على أن موقف إيران الإقليمي - مواجهتها مع إسرائيل، وتركيزها على تحسين العلاقات مع الجيران العرب- سوف يتغير".
وقال عزيزي إن هذه السياسات يضعها المرشد الأعلى وينفذها الحرس الثوري الإسلامي.
وأضاف، أن دور السلطة التنفيذية – الرئيس ومجلس الوزراء – "قد تم تقليصه إلى منفّذ لقرارات الدولة كما ستكون هناك فترة من الغموض حتى يتم معرفة الرئيس القادم".
وأثارت وفاة رئيسي أسئلة أخرى، بما في ذلك من سيخلف المرشد الأعلى الذي يبلغ من العمر 85 عاما.
واعتبر البعض أن رئيسي هو المنافس الرئيسي، إلى جانب نجل المرشد الأعلى، مجتبى، لكن عزيزي أشار إلى أن التكهنات بشأن الأسماء ترقى إلى مستوى قراءة الفنجان، وفق التقرير.
وتابع، "لا أحد يعرف حقا"، فالنظام السياسي الإيراني "لديه دائما طرق لمفاجأة الناس".
وبحسب التقرير، فقد كان هناك أيضا سؤال حول كيفية مواجهة الدولة لإرث رئيسي، والذي تضمن حملة قمع وحشية ضد الانتفاضة المناهضة للحكومة التي بدأت في خريف عام 2022، ولامبالاة الناخبين على نطاق واسع - بما في ذلك الموالون للحكومة - مع اقتراب انتخابات أخرى لخليفة رئيسي.
وأوضح عزيزي، "أن سخط الناخبين كان مثيرا للقلق لحكام إيران، وأثار تساؤلات حول الشرعية، وهذا لا يعني أن العملية الانتخابية ستُفتح فجأة أمام شخصيات أكثر اعتدالا".
وتابع، "تميل الحكومة أكثر فأكثر إلى استخدام تكتيكات القبضة الحديدية"، مضيفا أن حقبة ما بعد رئيسي ستشهد على الأرجح تدافعا بين الفصائل السياسية المتشددة على النفوذ.
وبحسب التقرير فإن محللين يرون أنه لا توجد شخصية واضحة في المعسكر المتشدد لتحل محل رئيسي كرئيس، مما يزيد من التحدي الذي تواجهه الدولة.
وذكر أمير، وهو أحد سكان أصفهان يبلغ من العمر 33 عاما: "عندما سمعت أنه لم يكن هناك ناجون، فكرت على الفور في العواقب السياسية لذلك"، مضيفا أن أحد مخاوفه الرئيسية هو من سيحل محل خامنئي.
وتحدث بشرط استخدام اسمه الأول فقط لأسباب تتعلق بالسلامة، وأعرب عن أمله في أن يقوم المرشد الأعلى القادم بحملة تنشيط مماثلة لتلك التي تقوم بها السعودية والتي من شأنها أن تؤدي إلى تغيير مجتمعي جذري، وفق قوله.
وأضاف: "إذا أراد أصحاب السلطة الحاليون البقاء، فهذا بالضبط ما يتعين عليهم القيام به".